العنف وكراهية الأجانب تهددان فرص الوصول إلى التعليم في الإكوادور
العنف وكراهية الأجانب تهددان فرص الوصول إلى التعليم في الإكوادور
وقالت غلوريا، التي نزحت من فنزويلا مع أسرتها قبل عامين، وتعيش الآن في غواياكيل، وهي مدينة ساحلية في جنوب الإكوادور: "علينا أن نتناوب بحيث يكون لكل واحد منا دور لكافة واجباتنا. يمكننا البقاء مستيقظين حتى الساعة 11 مساءً لإنهاء فروضنا المدرسية".
كانت غلوريا وإخوتها يدرسون عن بعد، ولكن على عكس عام 2020 عندما كان فيروس كورونا هو السبب، فقد كان إغلاق المدرسة مؤخراً بسبب ارتفاع مستوى العنف وإعلان نزاع مسلح داخلي في الإكوادور في وقت سابق من هذا العام لمكافحة تفشي الجريمة. كانت غلوريا وزملاؤها الطلاب يخشون ألا يتمكنوا من التجمع للتخرج في أوائل شهر مارس.
وقالت جيرتروديس أوسوريو*، والدة غلوريا: "من الصعب عليهم البقاء في منازلهم، لكنني سعيدة لأنهم في المنزل وآمنون". وقد وصفت انتظار أطفالها للوصول إلى المنزل لمدة ساعة سيراً على الأقدام من المدرسة قبل تعليق الدراسة، وكيف ستشعر بالدقائق وكأنها ساعات وتأمل ألا يحدث لهم أي مكروه.
وأضافت جيرتروديس: "عندما جئنا من فنزويلا قبل عامين، لم نعتقد قط أن الأمور ستكون على هذا النحو هنا. نحن الآن نتأرجح بين الخوف من حدوث شيء ما لنا ومحاولة تغطية نفقاتنا حتى نتمكن من تأمين مستقبل أفضل لأطفالنا".
تفشي العنف
شهدت الإكوادور تصاعداً في أعمال العنف في السنوات الأخيرة، تؤججه إلى حد كبير النزاعات بين المجموعات الإجرامية في جميع أنحاء البلاد. وقد أصبح العنف أمراً شائعاً في العديد من المجتمعات، بما في ذلك تلك التي تستضيف أكثر من نصف مليون لاجئ ومهاجر في الإكوادور.
وفقاً لتقييم أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عام 2023، يشعر اللاجئون والمهاجرون بخوف متزايد، لا سيما من العنف الذي يطال الصغار من الفتيات والفتيان. وقد اختار الكثيرون البقاء في المنازل أو التوقف عن العمل أو تجنب إرسال أطفالهم إلى المدرسة، بينما يفكر آخرون في الانتقال إلى أماكن يعتبرونها أكثر أماناً. في العام الماضي، انخفض عدد الأطفال الفنزويليين المسجلين في المدارس في الإكوادور إلى النصف، ويرجع ذلك أساساً إلى التنقل داخل البلاد أو خارجها لعدة أسباب، بما في ذلك العنف.
كما زاد نزوح الإكوادوريين بشكل حاد، حيث عبر أكثر من 57,000 غابات دارين في عام 2023 وحده، مع وجود ما مجموعه 46,000 طالب لجوء إكوادوري في جميع أنحاء العالم. وذكر ثلاثة من كل أربعة إكوادوريين أجرت المفوضية مقابلات معهم في بنما بعد عبور نهر دارين أن العنف وانعدام الأمن هما السبب وراء مغادرة البلاد.
والآن، فإن جيلاً كاملاً من الشباب يخشى على مستقبله وصحتهم النفسية، في حين تواجه الأسر ضغوطاً مالية واجتماعية متزايدة بسبب العنف.
وقالت غلوريا: "تحدث أمور كثيرة في الخارج، ولطالما كنت أخشى المشي من وإلى المدرسة، خاصة عندما ننتهي في وقت متأخر. ولكن ما أحدث فارقاً حقيقياً بالنسبة لي هو الدعم الذي وجدته هنا والصداقات التي تمكنت من تكوينها في المدرسة خلال العامين الماضيين".
بالنسبة للاجئين الشباب مثل غلوريا، فقد أصبحت المدرسة مكاناً لبناء شبكة تشعر فيها بالترحيب والأمان، على الرغم من العنف المنتشر في الشوارع بالخارج. وتستذكر مبتسمة: "في إحدى المرات، سألني زملائي في الصف عن وضعنا، وكيف أنني لا أستطيع تحمل رسوم الحافلة أو اللوازم المدرسية، وفجأة جمعوا لي المال واللوازم".
معالجة التمييز
على الرغم من أن الإكوادور لديها سياسة سخية تمكن الأطفال من جميع الجنسيات من الالتحاق بالمدارس، فإن الافتقار إلى الموارد اللازمة للأدوات المدرسية والزي المدرسي، فضلاً عن التمييز وكراهية الأجانب، يشكل حواجز إضافية أمام اندماجهم وازدهارهم وإكمال تعليمهم.
تعمل المفوضية وشركاؤها بشكل مباشر مع المجتمعات والمدارس في جميع أنحاء البلاد لمساعدة الأسر الأكثر احتياجاً. ويُطلق على أحد الأساليب - والذي تم تنفيذه في أكثر من 250 مدرسة منذ عام 2019 - اسم "تنفس الاندماج"، حيث يشجع الأطفال والمعلمين على استكشاف مفاهيم الهوية والتنوع والعدالة والتغيير الاجتماعي للمساعدة في مكافحة التحيز والتمييز. كما أنه يعالج كراهية الأجانب من خلال الألعاب والأنشطة المجتمعية.
وأوضحت إسيمينيا إنيغيز، مساعدة مسؤول التعليم في مكتب المفوضية في الإكوادور أن "الذهاب إلى المدرسة لا يقتصر على الجزء الأكاديمي فقط، بل إنه مكان يتفاعل فيه الأطفال مع أقرانهم ويجدون مكانهم في المجتمع". وأضافت: "إن الاستثمار في تعليم الأطفال اللاجئين والمحليين يُترجم إلى استثمار في المجتمعات التي يعيشون فيها. وفي النهاية، فهذا يعني أن دائرة الحماية حول الأطفال تتوسع أكثر".
في أماكن مثل أوتافالو، وهي بلدة في منطقة الأنديز في مقاطعة إمبابورا شمال الإكوادور، تكمل المفوضية وشركاؤها هذه المنهجية من خلال برنامج "أبطال المجتمع"، والذي يتم بعد الدوام المدرسي حيث يلتقي الأطفال اللاجئون والإكوادوريون لتعلم الرياضة وتعزيز المهارات الشخصية وإيجاد مساحة آمنة بعيداً عن العنف الكامن في أحيائهم. بالنسبة للأولاد الفنزويليين الصغار، مثل إيرنستو سواريز* البالغ من العمر 11 عاماً وإخوته، فقد أحدث ذلك فارقاً كبيراً.
وقال إيرنستو، الذي يدرس في إحدى المدارس التي تطبق منهجية "تنفس الاندماج" التابعة للمفوضية: "في يومي الأول، كنت خجولاً جداً، ولم ألعب مع أي شخص. لقد عانيت من صعوبات في التنفس. لكن الآن الفصل الدراسي بأكمله يرحب بي ويلعب معي".
ولحسن حظ غلوريا وزملائها، أعيد فتح المدارس في أوائل شهر مارس، مما سمح لهم بحضور حفل تخرجهم شخصياً. وهي الآن تفكر في كيفية تحويل تجاربها بشكل إيجابي في المستقبل. وقالت: "أحلم بالذهاب إلى الجامعة وأن أصبح طبيبة نفسية، لمساعدة الأطفال الآخرين مثلي في العثور على مكان آمن في المدرسة".
*تم تغيير الأسماء لأسباب تتعلق بالحماية.