الشعب المولدوفي يحظى بتكريم فخري لقاء ترحيبه الحار باللاجئين من أوكرانيا
الشعب المولدوفي يحظى بتكريم فخري لقاء ترحيبه الحار باللاجئين من أوكرانيا
مع تطور هذه المشاهد عند معبر بالانكا الحدودي بين أوكرانيا وأصغر جاراتها، مولدوفا، كان المواطنون المولدوفيون يحشدون جهودهم لمساعدة اللاجئين الوافدين. وقد بدأت التبرعات من الطعام والملابس الدافئة والبطانيات تنهال عند الحدود، ووصل الناس في مركبات خاصة لعرض وسيلة للنقل، وفي جميع أنحاء البلاد فتحت العائلات أبوابها للفارين.
من بين هؤلاء، زهاري وتاتيانا أراما، الزوجان اللذان يديران داراً للضيافة محاطاً بحقول وكروم تنساب برفق على بعد بضعة كيلومترات من الحدود في قرية بالانكا. وعندما أخذ اللاجئون في التدفق عبر الحدود، انضموا إلى العديد من جيرانهم في توفير وجبات ساخنة ومكان للنوم، وفتحوا دار الضيافة الخاصة بهم للعائلات القادمة من أوكرانيا، وعندما امتلأت، بدأوا بتجهيز أسرّة المخيمات في منازلهم.
وقال زهاري للصحافيين في عام 2022: "ترى الناس في حاجة للمساعدة وخائفين... تقديم المساعدة هو أمر إنساني. هكذا تربينا. لقد فعلنا ما كان علينا فعله".
"تقديم المساعدة هو أمر إنساني"
بناء المجتمع
تكرر هذا المشهد من الترحيب الحار في جميع أنحاء مولدوفا، على الرغم من كونها دولة تواجه العديد من التحديات الملحة والموارد المحدودة. ومع إجمالي عدد سكان يبلغ 2.5 مليون نسمة فقط، سجلت البلاد أكثر من مليون شخص من أوكرانيا يعبرون حدودها منذ بداية الحرب الشاملة، ولا يزال هناك أكثر من 100 ألف لاجئ ممن تستضيفهم البلاد بعد ما يقرب من ثلاث سنوات.
إن التزام الشعب المولدوفي يتجاوز الاستجابة للطوارئ. إنه مشروع طويل الأمد للإدماج وبناء المجتمع، حيث لا يتم الترحيب باللاجئين فحسب، بل يتم منحهم الأدوات والفرص للمساهمة في مجتمعهم الجديد. يعمل المواطنون المولدوفيون ومنظمات المجتمع المدني والسلطات جنباً إلى جنب لضمان حصول هؤلاء الأعضاء الجدد في مجتمعهم على التعليم والتوظيف والخدمات الاجتماعية، وتعزيز الشعور بالانتماء إلى أرض أجنبية.
واعترافاً بالدعم والتضامن الملحوظين اللذين أظهراهما لأكثر من مليون لاجئ من أوكرانيا، سيحصل شعب مولدوفا على تكريم فخري في حفل توزيع جوائز نانسن للاجئ لعام 2024، والذي تنظمه المفوضية في جنيف في 14 أكتوبر.
وصلت أولينا بريزيازنيوك إلى مولدوفا مع والديها وابنتيها في اليوم الأول من الغزو الشامل، بعد فرارها من منزلها في مدينة فينيتسا الواقعة على بعد حوالي 100 كيلومتر شمال مولدوفا.
وقالت بريزيازنيوك: "بصراحة، لم أكن أخطط للذهاب إلى أي بلد بعينه. كانت مولدوفا هي الأقرب. لقد رحبوا بنا هنا بالكثير من الرعاية والدعم. لقد ساعدنا الحب الذي لمسناه هنا على التعافي وأقنعنا بالبقاء".
في غضون أسبوع من وصولها إلى العاصمة كيشيناو، حصلت بريزيازنيوك على وظيفة ومكان للعيش مع عائلة مضيفة محلية. وبعد أن تمكنت من الوقوف على قدميها واستعادة ثقتها بنفسها، أنشأت الموظفة السابقة لبلدية المدينة منظمتين غير حكوميتين في مولدوفا تعملان على تعزيز التعاون الدولي من خلال المشاريع التعليمية والرياضية والثقافية. كما وجهت شغفها بالتجديف على الألواح من خلال إنشاء نادي عائلي للتجديف على الألواح.
وأوضحت بريزيازنيوك، قائلة: "شعرت بالإنجاز وبأنهم بحاجتي لأنني كنت أساعد أشخاصاً مثلي. أعتقد أنه فقط عندما تساعد نفسك يمكنك مساعدة الآخرين".
بلد صغير، قلب كبير
إيغور كالانسيا هو نائب رئيس حالات الطوارئ الإقليمية في منطقة كوسيني الجنوبية المولدوفية، وكان مشاركاً في إنشاء الحكومة لمرفق للإقامة المؤقتة بالقرب من معبر بالانكا الحدودي الذي أصبح نقطة الدخول الرئيسية للأشخاص الفارين من أوكرانيا.
" لقد رحبوا بنا هنا بالكثير من الرعاية والدعم"
وقال كالانسيا: "لم يكن إنشاء المخيم شيئاً جديداً، لكن رؤية العديد من الأشخاص القلقين يطلبون مساعدتك كان شيئاً جديداً ومؤثراً للغاية. لم أر قط هذا العدد الكبير من الأشخاص يتجمعون في جميع أنحاء أراضي جمهورية مولدوفا. جاء أشخاص عرضوا ببساطة أن يكونوا مضيفين أو أن يقدموا الطعام والإمدادات. كان شيئاً خاصاً ومبهجاً، شيئاً يجعلك تدرك أن لا شيء يضيع".
وبينما كان كالانسيا يتأمل الجهود الجماعية التي تبذلها البلاد للترحيب باللاجئين من أوكرانيا، فقد بدت مشاعر الفخر واضحة على وجهه وهو يرى الشعب المولدوفي وهو ينهض لمواجهة التحدي.
وقال: "لقد حشد الجميع جهودهم، والآن في عام 2024، يمكننا أن نقول إنه من أعلى مستوى في الحكومة إلى المواطن العادي، فإنهم قدموا مساهمة قيمة. وكما يقول شعبنا، إنها دولة صغيرة، ولكنها ذات قلب كبير".