إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

شابة توفر التعليم وتعيد الأمل للأطفال النازحين قسراً في بوركينا فاسو

قصص

شابة توفر التعليم وتعيد الأمل للأطفال النازحين قسراً في بوركينا فاسو

حشدت ميمونة با المجتمع لتوفير الدعم والتعليم، مع إجبار الصراع الآلاف من الأطفال على الفرار إلى بر الأمان في مسقط رأسها.
9 أكتوبر 2024 متوفر أيضاً باللغات:
غيّرت ميمونة با، البالغة من العمر 28 عاماً، حياة الشباب في بوركينا فاسو من خلال التعليم.

غيّرت ميمونة با، البالغة من العمر 28 عاماً، حياة الشباب في بوركينا فاسو من خلال التعليم.

ولدت ميمونة با ونشأت في مدينة دوري، في أقصى شمال شرق بوركينا فاسو، وكانت الأصغر بين 12 طفلاً يعيشون في منطقة الساحل الشاسعة والنائية والجافة في البلاد، على بعد ست ساعات بالسيارة من العاصمة واغادوغو.

كانت هي وأخواتها من أوائل فتيات عائلتها اللواتي يذهبن إلى المدرسة، وكانت فرصة استفدن منها جميعاً. وبالنسبة لميمونة، فقد كشفت هذه الفرصة لها مدى قوة التعليم، وقالت: "أعتقد أن حياتي تغيرت لأنني أصبحت أكثر معرفةً، وأعتقد أنه بسبب حصولي على المزيد من التعليم، تغيرت حياة عائلتي".

واصلت ميمونة رحلتها التعليمية ودرست التسويق في الجامعة، ولكن بدلاً من السعي لمهنةٍ في مجال دراستها، جعلت مهمتها إحداث التغيير في حياة الآخرين من خلال التعليم، وإعادة الأمل وربما حتى السلام إلى بلدها الذي مزقته الصراعات. وقالت: "أعتقد أن التعليم هو السلاح الأقوى لتغيير العالم".

الصراع والنزوح

تعاني بوركينا فاسو منذ عام 2016 من حالة من عدم الاستقرار السياسي والصراع العنيف، وهو ما أدى إلى نزوح أكثر من مليوني شخص داخلياً، وإجبار أكثر من 200,000 شخص على طلب اللجوء في البلدان المجاورة. وعلى الرغم من مواجهة تحدياتها الخاصة، فقد رحبت البلاد بسخاء بنحو 41,000 لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من مالي، فيما استقر ما يقرب من 60 بالمائة منهم في منطقة الساحل المتاخمة لمالي والنيجر.

ميمونة با هي الفائزة الإقليمية بجائزة نانسن للاجئ لعام 2024 عن إفريقيا

وقد تأثرت هذه المنطقة – التي تعيش فيها ميمونة – بشكل خاص بأزمة النزوح، مما أدى إلى تدفق أعداد كبيرة من النازحين داخلياً نحو دوري، عاصمة المنطقة. وتواجه المدينة، التي كانت أصلاً تستضيف لاجئين ماليين، الآن مشكلة الاكتظاظ السكاني.

عندما بدأ أوائل النازحين – وغالبيتهم العظمى من النساء والأطفال – بالوصول إلى دوري، سألت ميمونة نفسها: "كيف يمكننا أن نعطي هؤلاء الأطفال بصيصاً من الأمل ونحفظ كرامة هؤلاء النساء؟"

أسست ميمونة منظمتها "نساء من أجل كرامة الساحل"، مع اثنتين من شقيقاتها، في عام 2020 لتوفير الرسوم المدرسية للأطفال النازحين، والمهارات للنساء النازحات.

وقد عملت على جمع التبرعات وحشد الدعم وتشجيع المتطوعين على الانضمام إليها. ومنذ ذلك الحين، نجح برنامجها "طفل واحد، كفيل واحد" في ربط الأطفال المعرضين للخطر بكفلاء يساهمون في دفع رسومهم المدرسية. وفي العام الدراسي وحده، تم تسجيل أكثر من 120 طفلاً في البرنامج.

تنظم ميمونة با (في الخلف، باللون الوردي) نشاط زراعة الأشجار مع مجموعة من أطفال المدارس الابتدائية النازحين داخلياً والذين حصلوا على منح دراسية من خلال منظمتها.

تنظم ميمونة با (في الخلف، باللون الوردي) نشاط زراعة الأشجار مع مجموعة من أطفال المدارس الابتدائية النازحين داخلياً والذين حصلوا على منح دراسية من خلال منظمتها.

لكن الكفلاء لا يقدمون رسوماً فحسب، حيث تدأب ميمونة لإقامة اتصال مباشر بين الأطفال وكفلائهم، وهم من بوركينا فاسو ومن مختلف الفئات، وعلى استعداد لتوفير المعاملة الحسنة والدعم النفسي بالإضافة إلى المال. وتقول ميمونة بأن الفوائد تعود على الطرفين.

تقول ميمونة ووجهها تعتليه ابتسامة عريضة: " لا أعلم إن كنتم تعرفون هذا الشعور؛ عندما يراودك الإحساس بأن شخصاً ما يعيش في يأسٍ مطلقٍ وفي ظروفٍ ظنها غير قابلة للتغيير ودون حلول وفجأة يرى بأن لديه إمكانيات.. أنا أعيش ذلك كل يوم في العمل الذي أقوم به.. ويجعلني ذلك أشعر بأنني مفيدة وأعتقد أننا سنحقق أهدافنا، إن واصلنا المثابرة".

وأضافت: " لا أرى نفسي كبطلةٍ، بل كشخصٍ لديه قناعات يكافح لأجلها. وأنا أعتقد بأننا لسنا بحاجةٍ إلى الكثير لتغيير العالم؛ كل شيء يبدأ بنا".

"أم الساحل"

تتمتع ميمونة بقامة طويلة، وهي تميل لارتداء الفساتين الملونة وأغطية الرأس المتناسقة معها، ولديها شخصية فريدة. ورغم أنها تبلغ من العمر 28 عاماً فقط، إلا أن عملها أكسبها لقب "أم الساحل". والآن، تقديراً لالتزامها بتعليم الأطفال النازحين في بوركينا فاسو، تم اختيار ميمونة لتكون الفائزة الإقليمية بجائزة نانسن للاجئ لعام 2024 عن إفريقيا.

ميمونة (في الوسط) تتبرع بحقائب ومواد مدرسية جديدة للأطفال النازحين في دوري، بوركينا فاسو.

ميمونة (في الوسط) تتبرع بحقائب ومواد مدرسية جديدة للأطفال النازحين في دوري، بوركينا فاسو.

واستطردت ميمونة قائلةً: " التعليم من أفضل ما يمكن القيام به لمكافحة التطرف العنيف، وضعف التلاحم الاجتماعي، وغياب السلام، فجميعها قضايا تنبع من الجهل.. يتمثل أملي كله في أن يقوم أبناء الساحل ممن يحملون السلاح – مهما كانت معتقداتهم - بالتعقل مجدداً، وبأن يدركوا بأن أجدادنا كانوا محقين عندما قالوا بأن النار لا تخمد النار، وبأن التنمية – وإن كانت بطيئةً – فهي دوماً ممكنة".

بالإضافة إلى نشاطها مع الأطفال، تعمل منظمة ميمونة على إكساب النساء النازحات المهارات اللازمة، لكي يبدأن مشاريع صغيرة تسمح لهن بكسب ما يكفي لإرسال أطفالهن إلى المدرسة، وتغطية احتياجاتهن الخاصة.

لسنا بحاجةٍ إلى الكثير لتغيير العالم؛ كل شيء يبدأ بنا

ميمونة با

 

ميمونة تلتقط صورة مع واحدةٍ من أفراد طاقم المفوضية خارج مكتبها في مدينة واغادوغو، بوركينا فاسو.

ميمونة تلتقط صورة مع واحدةٍ من أفراد طاقم المفوضية خارج مكتبها في مدينة واغادوغو، بوركينا فاسو.

قد تبدو أزمة بوركينا فاسو المتعددة الجوانب بالنسبة للبعض غير قابلة للحل، ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لميمونة، فهي تقول: "لطالما كنت شخصاً حالماً. كما وضعت لنفسي أهدافاً طموحةً دوماً، ولم أكن أرى إطلاقاً بأنها غير قابلة للتحقيق".

واستشهدت ميمونة بمثلٍ شعبي لتوضيح قناعتها بأن الحلول لأزمة بلادها يجب أن تأتي من شعب بوركينا فاسو.

وقالت: "عندما تنكسر البيضة من الخارج تنتهي الحياة، ولكن عندما تنكسر من الداخل تبدأ الحياة.. وأنا أعتقد بأنه إن كان هناك تغيير أو تحسن في الوضع في منطقة الساحل، فيجب أن يبدأ ذلك الداخل، ومن خلال التزام بناتها وأبنائها".

لطالما كنت شخصاً حالماً

ميمونة با