رحلتي: كيف يساعد التعليم الفتيات اللاجئات على كسر دائرة الصعوبات
رحلتي: كيف يساعد التعليم الفتيات اللاجئات على كسر دائرة الصعوبات
لقد كانت هناك صعوبات جمة - بما في ذلك فقدان والدي أثناء امتحانات المدرسة الثانوية، والكفاح المستمر لدفع الرسوم المدرسية، والضغوط المستمرة للموافقة على الزواج القسري - فضلاً عن الأمل والفرص.
أعتقد أنه يمكن للتحدث عن تجاربي أن يمكن الفتيات اللاجئات الأخريات اللاتي يواجهن تحديات ونكسات كالتي مررت بها، ويمكنهن اكتشاف أن التعليم هو المفتاح من أجل تغيير حياتك، والتحرر من القيود المجتمعية، ورسم طريقك الخاص به.
كطفلة نشأت في جنوب السودان، لم أكن أعرف حياة غير حياة الماشية. كان لدى والدي قطيع كبير من الأبقار وكنا نتنقل دائماً بحثاً عن المرعى والماء. ولكن كانت هناك حرب أيضاً، ومع اشتداد القتال، تم إرسالي إلى العاصمة جوبا مع مجموعة من الصغار الآخرين.
كان عمري 12 عاماً فقط، ولكن وفقاً للتقاليد، فكان من المفترض أن أتزوج قريباً وكان هناك بالفعل أربعة رجال ينتظرون في الطابور. ومن حسن حظي أن عمتي كانت متجهة إلى كينيا بحثاً عن الأمان من الصراع، وقد سمح لي والدي بالذهاب معها للمساعدة في الأعمال المنزلية. في ذلك الوقت، لم يكن التعليم حتى حلمي.
استغرق الأمر ثلاثة أيام على متن شاحنة محملة بصناديق الصودا للوصول إلى مخيم كاكوما للاجئين، ومن هناك، ذهبنا إلى مدينة إلدوريت. أتذكر تاريخ وصولي بوضوح: كان صباح يوم الأحد، الساعة العاشرة صباحاً، يوم 13 يوليو 2008.
عندما التحقت بالمدرسة الابتدائية بعد عام، كنت الأكبر في صفي، ولم أستطع التحدث إلا بلغتي الأم، ولم أكن أعرف كيف أكتب اسمي، ولم أتمكن حتى من العد حتى 10! لكنني كنت مصممة وعملت بجد وسرعان ما تمكنت من اللحاق بالآخرين. وبحلول نهاية العام كنت الأولى على صفي.
مع تفاقم الأزمة في جنوب السودان، جعلت القيود المالية من الصعب الاستمرار في دفع الرسوم المدرسية، في حين أصبح الضغط الاجتماعي والثقافي للزواج لا يطاق مع تقدمي في سنوات المراهقة. كنت أعود إلى المنزل من المدرسة لأجد العديد من الرجال وقد زاروا عمتي بغرض الزواج مني – ولكنني كنت أرغب في مواصلة تعليمي.
تطوع رجل لسداد رسومي المدرسية، وشعرت أنني وجدت شخصاً يهتم حقاً بدراستي، ولكنه أخبرني بعد ذلك أنني سأضطر للزواج منه في المقابل. شعرت حينها بالخيانة والغش، ورفضت صفقته برغم من أنه ساورني شعور من حين لآخر أنه سيكون من الأسهل لي أن أتزوج وأن يكون لدي شخص يعيلني. ومن خلال مجموعة كنسية، تمكنت من العثور على من يكفلني، وعملت بجد في المدرسة الثانوية، ولكن قبل الامتحانات الوطنية مباشرة، مرض والدي، وتدهورت صحته مع مرور كل يوم.
كان فقدان والدي ضربة قاصمة، ولم يكن لدي أحد يعيلني. في بحر حزني، استجمعت كل قواي لتكريم ذكراه وإنهاء امتحاناتي بنجاح.
أصبح الضغط الاجتماعي والثقافي للزواج لا يطاق
بينما كنت أتطلع إلى المستقبل بعد المدرسة والحلم بالجامعة، قدمت المنح الدراسية بصيصاً من الأمل في تقديم الدعم المالي وحماية الفتيات اللاجئات الصغيرات مثلي من الزواج القسري، ولكن مع تفشي جائحة كورونا، تأخر كل شيء.
كنت أرغب دائماً في تحسين النظام العدلي في بلدي جنوب السودان، لذلك تقدمت بطلب لدراسة القانون في جامعة نيروبي. وفي منتصف سنتي الأولى، سمعت عن منحة مبادرة ألبرت أينشتاين الأكاديمية الألمانية الخاصة باللاجئين على وسائل التواصل الاجتماعي. تقدمت بطلب على الفور وكنت محظوظةً لأنه وقع الاختيار عليّ. لقد منحتني المنحة راحة البال لأنها تكفلت بسداد رسومي، وحررتني من فكرة أن شخصاً ما سيطلب شيئاً مقابل تعليمي.
في العام الماضي، اُنتخبت رئيسة لرابطة طلاب جامعة نيروبي، وأصبحت أول لاجئة تشغل هذا المنصب، حيث أدعو إلى زيادة الدعم المالي للطلاب اللاجئين وإلى مزيد من بذل الخير، لأننا نحن اللاجئين عانينا جميعاً من العداء والصدمات في حياتنا.
تجسد رحلتي الشخصية صمود الفتيات اللاجئات وتصميمهن، وتظهر أنه من خلال تمكيننا من خلال التعليم، يُمكننا كسر حلقة المصاعب واتباع مسار نحو مستقبل مشرق. إذا انتهزت كل فرصة، فلا أحد ولا شيء يمكن أن يُعيقك عن تحقيق ما تريدين.
* يقدم برنامج المنح الدراسية DAFI (مبادرة ألبرت أينشتاين الأكاديمية الألمانية للاجئين) للطلاب المؤهلين من اللاجئين والعائدين إمكانية الحصول على درجة جامعية في بلد اللجوء أو في وطنهم.
نُشرت قصة مونيكا في تقرير المفوضية حول تعليم اللاجئين لعام 2023، والذي يجمع بيانات من أكثر من 70 دولة لتقديم أوضح صورة حتى الآن عن حالة تعليم اللاجئين والتحاقهم بالمدارس على مستوى العالم.
المنحة.. حررتني من فكرة أن شخصاً ما سيطلب شيئاً مقابل تعليمي