إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

مزارعون لاجئون في جنوب السودان يتلقون المساعدة للتكيف مع تغيّر المناخ

قصص

مزارعون لاجئون في جنوب السودان يتلقون المساعدة للتكيف مع تغيّر المناخ

يسهم مشروعٌ تابع للمفوضية في بناء السواتر الترابية لحماية الأراضي الزراعية المعرضة للفيضانات في مقاطعة مابان جنوب السودانية، ودعم اللاجئين والمزارعين المحليين لتكييف طريقة زراعتهم.
14 نوفمبر 2024 متوفر أيضاً باللغات:
عوض عثمان – وهو لاجئ من السودان – في حقله حيث يزرع السمسم في ولاية مابان في جنوب السودان.

عوض عثمان – وهو لاجئ من السودان – في حقله حيث يزرع السمسم في ولاية مابان في جنوب السودان.  

في كل صباحٍ، وقبل أن يتجه إلى الحقل الذي يزرع فيه السمسم والذرة الرفيعة، يثبّت عوض عثمان – البالغ من العمر 37 عاماً – علبة معدنية صغيرة على ذراعه برباط جلدي مهترئ، بداخلها دعاءٍ مكتوبٍ على ورقة مطوية.   

وقال عوض: "نحن نجدد [هذا الدعاء] في كل عام، وإن لم تكن مجريات الأمور جيدةً، نجدده مرةً أخرى.. لقد وضعت الدعاء الحالي في العلبة قبل بدء موسم الأمطار، لأنني شعرت بأن ما رجوته في السابق لم يستجب".  

اضطر عوض، وهو لاجئ سوداني، للفرار إلى مقاطعة مابان في جنوب السودان قبل أكثر من 10 سنوات، أثناء الحرب التي أدت إلى انفصال الدولتين عن بعضهما البعض. وما زال يعيش في نفس مخيم اللاجئين، حيث تمكن تدريجياً من تشييد منزلٍ لعائلته والعمل كمزارع.  

تتدفق أربعة أنهارٍ عبر مقاطعة مابان الواقعة في شمال ولاية أعالي النيل جنوب السودانية. وأثناء موسم الأمطار –لممتد من مايو إلى أكتوبر، تهدد هذه الأنهار حياة سكان المقاطعة وسبل كسبهم لرزقهم.  

وقال عوض: "أغرق الفيضان الأخير الذي ضرب المنطقة بستاني بالكامل، وأتلف محصول السمسم. وعندما أتت مياه السيل، ارتفع منسوبها إلى أعلى الجسر الذي كنا نعبره من بيوتنا باتجاه المزارع. لذلك، لم يكن بإمكاننا تفقد المحاصيل لخمسة أيامٍ، وعندما أتينا إلى هنا، وجدناها تالفةً". 

عوض عثمان يزيل الأعشاب الضارة من حقل السمسم الخاص به، وقد أتلف الفيضان في عام 2019 كامل محصوله.

عوض عثمان يزيل الأعشاب الضارة من حقل السمسم الخاص به، وقد أتلف الفيضان في عام 2019 كامل محصوله.  

يؤدي تزايد الظواهر الجوية القاسية – مثل الفيضانات وموجات الجفاف –إلى تفاقم التهديدات التي يواجهها الأشخاص المجبرون أصلاً على الفرار من الصراع والعنف. وأثناء الدورة الـ29 من مؤتمر الأطراف – التي تنعقد في أذربيجان خلال هذا الأسبوع والأسبوع المقبل – تدعو المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ونشطاء المناخ من اللاجئين إلى توفير مزيدٍ من التمويل والدعم للمساعدة في لتجاوز تأثيرات أزمة المناخ والتكيف معها. 

تُصنَّف جنوب السودان كواحدة من الدول الخمس الأكثر قابليةً للتأثر بمخاطر تغير المناخ، ويعد النازحون قسراً من الفئات الأكثر تضرراً من ذلك. ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، فقد انخفض معدل هطول الأمطار بنسبة 10 إلى 20 بالمائة منذ منتصف السبعينات. وخلافاً لذلك، فقد تزايد خطر الفيضانات الكارثية عاماً بعد عام، وطالت تأثيرات الأخيرة منها في جنوب السودان أكثر من 1.4 مليون شخص، وأجبرت 271,000 شخصٍ على النزوح، بحسب ما أورده مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).  

في المواسم الجيدة، يحصد عوض ما يكفي من السمسم والذرة الرفيعة لبيع نصف المحصول، ولكن عندما يكون الإنتاج منخفضاً، فإن ما يجنيه بالكاد يكفي لإطعام أسرته. ويقول عوض: "في أعقاب الدمار الناتج عن الفيضانات الأخيرة [في عام 2021]، اضطررت للذهاب إلى السوق والعمل هنا وهناك وفي أي مكانٍ، لتغطية احتياجات عائلتي". 

مزارعون لاجئون ومحليون في جنوب السودان يتلقون المساعدة للتكيف مع تغيّر المناخ

يقول أليكس نويل كيلونغ، مسؤول سبل كسب الرزق والإدماج الاقتصادي لدى المفوضية في مابان، بأنّ انعدام الأمن الغذائي يمثل مشكلةً كبرى تطال تأثيراتها اللاجئين والمجتمعات المحلية المضيفة لهم. ويشرف كيلونغ على مشاريع تهدف إلى التصدي للتأثيرات الناجمة عن تغير المناخ على سبل كسب الرزق والأمن الغذائي لنحو 300,000 شخصٍ في المنطقة، بما في ذلك اللاجئون والمجتمع المضيف.  

وقال كيلونغ: "ترزح هذه البلاد تحت وطأة الصراع منذ فترةٍ طويلة، وبذلك، تأتي الفيضانات لتزيد الأعباء التي تثقل كاهل المجتمعات هنا. وتطال تأثيرات السيول كافة سبل كسب الزرق، حيث تؤدي إلى نفوق المواشي، وقطع شبكات الطرق، وتشكل عائقاً أمام وصول المجتمعات إلى المرافق الطبية". 

تعمل المفوضية وشركاؤها على دعم المزارعين اللاجئين – مثل عوض – ممن لا يمتلكون سوى موارد ضئيلة للتكيف مع المناخ المتغير باستمرار. وقد تفاوضوا بشأن الحقول التي يزرعها عوض واللاجئون الآخرون، ووفروا لهم المساعدة النقدية، لشراء البذور ومعدات الزراعة. كما قدموا لهم التدريب اللازم على الممارسات الزراعية الجديدة، مثل تنويع المحاصيل للاستفادة من الزراعة على مدار العام، والحد من الأضرار التي تطالهم في حال تأثر أحدها بالفيضانات. كما جرى تعريفهم بمزروعاتٍ جديدةٍ كالسمسم، والتي يمكن بيعها بسعر أعلى من أصنافٍ أخرى مثل الذرة الرفيعة.  

أليكس نويل كيلونغ، مسؤول سبل كسب الرزق والإدماج الاقتصادي لدى المفوضية في مابان، وهو يساعد اللاجئين في بناء جسر للمشاة قبيل الفيضانات المتوقع حدوثها في المنطقة.

أليكس نويل كيلونغ، مسؤول سبل كسب الرزق والإدماج الاقتصادي لدى المفوضية في مابان، وهو يساعد اللاجئين في بناء جسر للمشاة قبيل الفيضانات المتوقع حدوثها في المنطقة.  

يقود أليكس أيضاً أحد المشاريع الرامية لبناء السواتر الترابية بطول كيلومترين في جميع أنحاء المقاطعة، لحماية الأراضي الزراعية والطرق المؤدية إليها، فضلاً عن مهبط الطائرات، ومنازل عوض وجيرانه من الفيضانات. إنّه عملٌ شاقٌ ويستغرق وقتاً طويلاً، إلا أنه فعّال. 

يشمل نطاق المشروع بناء جسرٍ لتمكين عوض ومجتمعه من الوصول إلى مزارعهم دون انقطاع عندما يفيض النهر.  

تلعب هذه النشاطات دوراً محورياً في مساعدة المزارعين اللاجئين مثل عوض في بناء مستقبل مستدامٍ والحفاظ على اكتفائهم الذاتي.  

عوض مع عائلته وهم يتوجهون إلى حقولهم، وهم كانوا قد اضطروا للفرار من السودان قبل 10 أعوامٍ، ويعتمدون على الزراعة لكسب رزقهم.

عوض مع عائلته وهم يتوجهون إلى حقولهم، وهم كانوا قد اضطروا للفرار من السودان قبل 10 أعوامٍ، ويعتمدون على الزراعة لكسب رزقهم.  

خلال الموسم الحالي، بذل عوض جهداً كبيراً لضمان وصول محصول السمسم لديه إلى مرحلة النضج، وحصاده قبل وصول الفيضانات، وهي ممارسة تعلمها من المفوضية وشركائها. وساعدته السواتر الترابية التي تحيط الآن بأرضه على ضمان حماية مزروعاته بشكل أكبر. ورغم حدوث بعض حالات تسرب المياه، إلا أنه تمكن من جني محصول جيد.  

يقضي عوض وأفراد أسرته وقتهم في الحقول، ينثرون البذور، ويجتثون النباتات الضارة، ويحصدون ما زرعوه حسب الموسم. كما يغنون ويضحكون معاً، حاملين في أيديهم أدوات الزراعة تحت أشعة الشمس.  

واختتم عوض حديثه قائلاً: "أغني بفخرٍ لمحاصيلي، وذلك يمنحني السعادة".