اللاجئون الروهينغا يواجهون الجوع بعد الخفض الأخير في الحصص الغذائية
اللاجئون الروهينغا يواجهون الجوع بعد الخفض الأخير في الحصص الغذائية
بعد معاينتها لأصناف الطعام المعروضة والتي تشتمل على العدس والثوم والبطاطس والبصل والبيض والأرز، بدأت بالبكاء بسبب خياراتها الضئيلة، وهي زجاجة صغيرة من زيت الطهي وكيس من الفلفل الأحمر – إذ أنها المواد الوحيدة التي تستطيع شراءها بالرصيد المتبقي على قسيمة الطعام المدفوعة مسبقاً والبالغة قيمتها 8 دولارات شهرياً فقط.
تقول ويداها ترتجفان وهي تحشو حاجياتها في كيس كبير من الخيش، والذي يبدو فارغاً تماماً كما وصلت به: "لا أعرف ماذا أفعل - كيف سأعيش على هذا، مع القليل من الأرز الذي تركته لبقية الشهر؟ اعتاد جيراني المساعدة عندما ينفد الطعام، لكنهم الآن غير قادرين على التأقلم".
لا يزال ما يقرب من مليون شخص من الروهينغا يعيشون في أوضاع مكتظة للغاية وخطيرة في بعض الأحيان في هذه المخيمات الواقعة في جنوب بنغلاديش، معظمهم بعد فرارهم من العنف في ميانمار منذ ما يقرب من ست سنوات.
كانت المساعدة الغذائية التي يتلقونها من برنامج الأغذية العالمي المصدر الوحيد المنتظم الذي كان يمكنهم الاعتماد عليه لتلبية احتياجاتهم الغذائية والتغذوية الأساسية. ولكن منذ بداية العام، تعرض هذا المورد الذي يعتبر شريان حياة لضائقة شديدة بسبب انخفاض التمويل من الجهات المانحة.
انخفاض حصص الغذاء إلى 27 سنتاً في اليوم
وفي مواجهة حالة نقص التمويل، اضطر البرنامج إلى اتخاذ قرارات صعبة من أجل الحفاظ على المساعدات الغذائية حتى نهاية العام. ففي شهر مارس، تم تخفيض قيمة قسائم الطعام لسكان المخيم من 12 دولاراً للفرد في الشهر إلى 10 دولارات، وفي يونيو إلى 8 دولارات فقط – وهو ما يعادل 27 سنتاً في اليوم.
وجاء تخفيض الحصص بعد أسابيع فقط من خسارة آلاف اللاجئين لمنازلهم جراء إعصار موكا، والذي أعقب حريقاً كبيراً في وقت سابق من هذا العام.
وقالت مورجينا، البالغة من العمر 27 سنة، وهي أم عزباء لثلاثة أطفال: "اضطررت إلى تقليل حصص وجبات أطفالي - ولكن إلى متى؟ "ليس هناك ما يكفي من الطعام لعائلتي، وأنا لا أعرف حقاً كيف يمكننا تدبر أمورنا".
وبصفتها أسرة تعولها امرأة، فإنها تتلقى دعماً إضافياً من برنامج الأغذية العالمي الذي تمكن من الحفاظ على توفير دعم إضافي للفئات الأكثر ضعفاً مثل النساء والأطفال وكبار السن والأشخاص من ذوي الإعاقة. من خلال قسائم الغذاء الطازج، يمكنهم شراء الخضار والفواكه والأطعمة الغنية بالبروتين من أجل تكملة غذائهم المعرض لخطر التوقف.
إلى جانب توفير المساعدات الغذائية الطازجة، ينفذ برنامج الأغذية العالمي برامج تغذوية للنساء الحوامل والمرضعات والأطفال دون سن الخامسة. وعلى الرغم من هذا الدعم الإضافي، لا تزال الأسر الأكثر ضعفاً تصارع من أجل تدبر أمورها المعيشية. ويكمن الحل الوحيد من أجل الحد من تدهور الوضع بشكل أسوأ في عودة الحصص الغذائية الكاملة لكافة جموع الروهينغا على الفور.
وقال دوم سكالبيلي، المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي: "إن تخفيض الحصص التموينية يعتبر الملاذ الأخير. لقد بادر العديد من المانحين بالتمويل ولكن ما تلقيناه ببساطة ليس كافياً". وأضاف: "من الأهمية بمكان أن نعيد لأسر الروهينغا المساعدة الكاملة التي يستحقونها. وكلما طال انتظارنا، زاد الجوع الذي نراه في المخيمات – وبدأنا نشهد بالفعل دخول المزيد من الأطفال في برامج علاج سوء التغذية".
تراجع في التمويل من قبل الجهات المانحة
برنامج الأغذية العالمي ليس هو الوحيد الذي يشعر بالضيق الناجم عن انخفاض مستويات التمويل من قبل الجهات الدولية المانحة مع تحول وضع اللاجئين الروهينغا إلى واحد من الأوضاع التي طال أمدها، حيث لم تحصل خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لعام 2023 والموجهة للاجئين الروهينغا سوى على ربع التمويل. هناك الآن المزيد والمزيد من الوكالات الإنسانية التي تضطر للاستمرار في عملها مع التركيز على الاحتياجات الأكثر حرجاً فقط، وهذا يعني أنه لن يتم تلبية الاحتياجات الأساسية. وتعتبر تأثيرات خفض الحصص الغذائية بالغة الشدة وبشكل خاص على النساء والأطفال، والذين يشكلون أكثر من 75 بالمائة من جموع اللاجئين وهم يواجهون مخاطر أكبر من حيث سوء المعاملة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
من دون وجود طعام كافٍ وفي ظل انعدام وسائل توليد الدخل بشكل قانوني، فقد اضطر اللاجئون لاتباع آليات سلبية بشكل متزايد بدافع من اليأس من أجل البقاء، مثل زواج الأطفال وعمالة الأطفال، فضلاً عن الشروع في رحلات خطيرة على متن القوارب.
بصرف النظر عن المساعدة الإضافية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي للأسر المحتاجة، فإن مبادرات كسب العيش الصغيرة والمنتشرة في جميع أنحاء المخيمات توفر الأمل والحلول لتفادي تدهور الوضع الإنساني.
بدعم من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وشريكتها منظمة "موكتي" الوطنية غير الحكومية، تقوم عشرات العائلات اللاجئة بزراعة الخضروات بنفسها مثل القرع المر واليقطين والفلفل الحار على مساحات صغيرة من الأراضي الصالحة للزراعة والمتاحة داخل المخيمات المزدحمة. هذا لا يسمح لهم تكملة ما يمكن أن يقدمه برنامج الأغذية العالمي فحسب، بل أيضاً استعادة بعض الشعور بالكرامة.
وقالت مينارا، وهي أم لطفلين، بينما تشير بفخر إلى حصادها الصغير من القرع المر: "لقد أثر تخفيض المساعدات الغذائية على الجميع، لكنني محظوظة لأنني أستطيع على الأقل إضافة القليل من الخضروات التي أزرعها هنا لإطعام أسرتي".
في المخيم التالي، يمكن رؤية مركز إنتاج أكياس الجوت الذي تديره المفوضية بالاشتراك مع منتدى المنظمات غير الحكومية للصحة العامة، وهي منظمة شريكة، وهو يعج بالنشاط حيث يتم تدريب 150 لاجئة على كيفية استخدام آلات الخياطة الكهربائية ويتلقين راتباً مقابل عملهن.
معظم النساء اللواتي يعملن في ورديات لمدة 4 ساعات في المركز يرعين أسرهن كأرامل أو مطلقات ويساعدن في تغيير نظرة المجتمع تجاه النساء العاملات خارج المنزل.
في مخيم آخر، تساعد شركة يابانية تابعة لشركة يونيكلو في بناء مهارات وقدرات 1000 لاجئة من الروهينغا بحلول عام 2025.
الحاجة إلى المزيد من فرص كسب الرزق
على الرغم من هذه المبادرات، فسوف تدعو الحاجة إلى مزيد من الدعم من قبل المجتمع الدولي لضمان تقديم المساعدات الحيوية للاجئين، وإلى الاستثمار في المجتمعات المضيفة المحيطة.
على المدى الطويل، قال يوهانس فان دير كلاو، ممثل المفوضية في بنغلاديش، إن الطريقة الوحيدة للحد من تدهور الوضع الإنساني في المخيمات هو الاستثمار في التعليم والتدريب على المهارات وفرص كسب الرزق: "من شأن ذلك أن يتيح للاجئين فرصة الاعتماد على الذات وتلبية احتياجاتهم الأساسية جزئياً من خلال وسائلهم الخاصة - وقبل كل شيء، لإعدادهم من أجل إعادة بناء حياتهم عندما يتمكنون من العودة طواعية وعلى نحو آمن إلى ميانمار".
ومع عدم وجود مثل هذه الفرص، يرى اللاجئون الروهينغا مثل مورجينا أن الخفض الأخير في الحصص الغذائية لا يعني المزيد من الجوع فحسب، بل أيضاً القليل من الأمل. وقالت: "في الوقت الحالي، مصيرنا ليس في أيدينا. نحن غير قادرين على العودة إلى ديارنا وليس لدينا حرية التنقل هنا، والجوع هو الطريقة الوحيدة التي نمضي بها أيامنا".