السوريون بانتظار المزيد من المساعدات ليتمكنوا من العودة إلى ديارهم
السوريون بانتظار المزيد من المساعدات ليتمكنوا من العودة إلى ديارهم

سناء خالد، 55 عاماً، تتحدث مع موظفة من المفوضية داخل خيمة عائلتها في مخيم غير رسمي في ريف إدلب، شمال غرب سوريا.
على مدى السنوات الست الماضية، لم تعرف سناء خالد وعائلتها الكبيرة سوى خيمة واحدة يعيشون فيها. بذلت كل ما في وسعها لجعل المعيشة فيها مريحة، واضعة أكواماً من الوسائد التي تُحيط بالأرضية المفروشة بالسجاد وباقات من الزهور البلاستيكية الزاهية تتدلى من الجدران القماشية الداخلية. لكنها لا تزال تتوق إلى الشعور بالأمان بوجود سقف متين فوق رؤوسهم، خاصة خلال أشهر الشتاء الباردة.
وأوضحت سناء، قائلة: "الخيمة ليست كالمنزل - فالوضع في الخيمة صعب، وأنت دائماً في حالة من الخوف من شيء ما. لا يوجد أي استقرار أو أمان، ولكن ماذا عسانا أن نفعل؟ لا نستطيع تحمل تكاليف الإيجار".
تعيش سناء مع زوجها وبناتها الست وثلاثة أحفاد أيتام في مخيم غير رسمي في ريف إدلب شمال غرب سوريا منذ فرارهم من القتال في ريف حمص - مسقط رأسهم - عام 2019. ومع غياب الخدمات وقلة الدعم المتاح في المخيم، تعيش الأسرة على ما تكسبه من العمل الزراعي المتقطع ذي الأجر الضئيل.
وقالت: "المال شحيح للغاية. لا نستطيع أن نأكل إلا إذا عملنا. إن لم نعمل، فلن نأكل - هكذا هي الحال".
أمل العودة إلى الوطن
بالنسبة للنازحين في شمال غرب البلاد وعددهم 3.4 مليون شخص من أصل 7.4 مليون نازح داخلي في جميع أنحاء سوريا، أحيا سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024 آمالاً جديدة بالعودة إلى ديارهم بعد 14 عاماً من الصراع والأزمة.
أظهر مسح حديث أجرته المفوضية وشركاؤها أنه من بين 1.95 مليون شخص ما زالوا يعيشون في مخيمات ومواقع نزوح غير رسمية في الشمال الغربي، يخطط أكثر من مليون شخص للعودة إلى ديارهم في غضون 12 شهراً. لكن هذا يعني أن ما يقرب من مليون شخص آخرين لا يرون حالياً أي أمل بالعودة في المستقبل القريب، حيث أشار معظمهم إلى مشكلة النقص في السكن والخدمات الملائمة كسبب رئيسي.
تُعدّ سناء وعائلتها من بين أولئك الذين يشعرون أنه لا خيار أمامهم سوى البقاء حيث هم الآن. بعد سقوط الحكومة السابقة، عادت سناء وزوجها إلى مسقط رأسهما لتقييم الوضع، لكن ما وجداه عند وصولهما بدد آمالهما.
وقالت سناء: "عدتُ ولم أجد منزلي. وقفتُ هناك أبحث عنه تائهةً، حتى رأيته - مجرد أنقاض، مُكدّساً في كومة. بين الأنقاض، تعرّفتُ على قطعة من بلاط الأرضية. هذا كل ما تبقى منه".
وقد شرحت سناء الوضع المتأزم الذي تعيشه عائلتها الآن، وقالت: "لسنا قادرين على إعادة بناء منزلنا، وهناك لا نستطيع تأمين لقمة عيشنا. لدينا أطفال. هنا، أستطيع العمل وتأمين عيش بسيط لهم، أما هناك فالأمر مستحيل. لن أرغب في العودة إلا إذا... كان لدينا منزل ووظيفة نؤمّن فيها لقمة عيشنا".
تُساعد المفوضية وشركاؤها العائدين داخل سوريا في توفير وسائل النقل لهم، وتقديم المساعدة القانونية لتأمين وثائق الهوية والملكية، وترميم منازلهم. ولكن مع إفادة 80% من العائلات النازحة بأن منازلها تضررت بشدة أو دُمرت، فإن حجم جهود إعادة الإعمار المطلوبة يفوق بكثير الدعم المتاح حالياً.
زار ممثل المفوضية في سوريا، غونزالو فارغاس يوسا، مؤخراً مخيمات النازحين في إدلب لأول مرة بعد سقوط نظام الأسد، حيث تحدث إلى سناء وآخرين عن التحديات التي يواجهونها وخططهم المستقبلية.
وقال فارغاس يوسا: "لكي يتمكن العائدون من البقاء - ويتمكن المزيد منهم من العودة - هناك حاجة ماسة إلى ضخ المزيد من المساعدات الإنسانية. فعلى الرغم من التغيير الجذري على الصعيد السياسي في 8 ديسمبر، فإن الوضع الاقتصادي والإنساني لم يتغير على الإطلاق".
وأضاف: "ترميم المساكن، وأنشطة توفير سبل العيش، ومساعدة السكان في مجال الحصول على الوثائق المدنية - هذه الأنشطة... لدينا خبرة واسعة في القيام بها في جميع أنحاء سوريا. ولكن نظراً لمحدودية التمويل، كنا نُنفّذ هذه الأنشطة على نطاق ضيق للغاية. لو حصلنا على المزيد من التمويل والدعم، لتمكّنا من توسيع نطاق هذه الأنشطة بشكل ملحوظ".
يوم الاثنين، استضاف الاتحاد الأوروبي المؤتمر الوزاري السنوي التاسع حول سوريا في العاصمة البلجيكية بروكسلLink is external. ويهدف هذا الحدث إلى حشد الدعم الدولي لانتقال سياسي سلمي وشامل، وحشد تعهدات من الحكومات لتقديم المساعدات الإنسانية، وبرامج الإنعاش المبكر، وغيرها من أشكال المساعدة للسوريين داخل البلاد وفي الدول المضيفة في جميع أنحاء المنطقة.
خلق الفرص
أكد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، للوزراء والمندوبين الآخرين أن التحدي المُلح الذي يواجه المجتمع الدولي هو "ضمان حصول السكان، بعد عودتهم إلى مجتمعاتهم، على ما يكفي من الأساسيات: المأوى، والكهرباء، والمياه، والصرف الصحي، والتعليم، والعمل - باختصار: منحهم الفرصة ليتمكنوا من بناء مستقبل لأنفسهم ولعائلاتهم في بلدهم".
شاركت سناء هذه الرسالة، حيث وصفت أملها البسيط والعميق في المستقبل أثناء جلوسها في الخيمة التي كانت بمثابة منزلها على مدى السنوات الست الماضية، قائلة: "أريد أن أعيش طويلاً لأتمكن من إعالة أحفادي وتوفير حياة أفضل لهم. إنهم لا يذهبون إلى المدرسة، ولا يعرفون القراءة والكتابة. أريد لهم النجاح في المستقبل، وأياماً أفضل، وحياة أفضل من الحياة التي عشناها".