في الأردن ولبنان، متطوعون من اللاجئين يساعدون بنشر الوعي حول ضرورة تلقي اللقاح
في الأردن ولبنان، متطوعون من اللاجئين يساعدون بنشر الوعي حول ضرورة تلقي اللقاح
منذ عام 2013، يعيش سميح في مخيم الزعتري للاجئين الذي يعج بالحركة والواقع في شمال الأردن، وذلك بعدما اضطر لمغادرة منزله في مدينة درعا – الواقعة على بعد ساعة بالسيارة شمالاً عبر الحدود - هرباً من الصراع القائم في سوريا منذ 10 سنوات.
المخيم الذي يستضيف اليوم 80 ألف لاجئ سوري هو المكان الذي التقى فيه بزوجته، وقد أنجبا قبل عامين طفلهما الأول. ارتباط سميح بالمخيم وشعوره بالانتماء للمجتمع دفعاه ليصبح متطوعاً في مجال الصحة لدى منظمة إنقاذ الطفولة، وهي أحد شركاء المفوضية المعنيين بالصحة في الزعتري.
عندما بدأ عمله التطوعي لأول مرة، أخذ بزيارة العائلات في الحي الذي يقطنه، ليخبرهم عن كيفية الوصول إلى الخدمات الصحية ويشرح لهم فوائد تطعيم أطفالهم ضد الأمراض الشائعة. لكن بعد تفشي فيروس كورونا العام الماضي، ازدادت أهمية الدور الذي يلعبه سميح والتزامه به.
وأوضح قائلاً: "قبل فيروس كورونا، كان دوري كمتطوع في مجال الصحة المجتمعية في مخيم الزعتري مثل أي وظيفة عادية أخرى. لكن وظيفتي الآن تعني شيئاً محدداً حيث تشعر أن هناك وضعاً ملحاً. فقد يكون الحصول على لقاح فيروس كورونا مسألة حياة أو موت".
"تشعر أن هناك وضعاً ملحاً"
كان الأردن، الذي يستضيف حالياً أكثر من 750 ألف لاجئ مسجل، بما في ذلك 665 ألفاً من سوريا المجاورة، من أوائل دول العالم التي أدرجت اللاجئين في برنامج التطعيم الوطني ضد فيروس كورونا والبدء في تحصينهم ضد الفيروس.
يتم تحديد أولوية اللقاح من قبل وزارة الصحة، بناءً على عوامل الخطورة، بما في ذلك العمر والأمراض المزمنة والمهن، مثل العاملين في المجال الصحي. ومنذ انطلاق الحملة في منتصف يناير، تلقى اللقاح ما يقرب من 5,000 لاجئ سوري يعيشون في المخيمين الرئيسيين في الزعتري والأزرق، إضافة إلى 13,000 شخص من المقيمين المسجلين في المنصة الإلكترونية للحكومة وينتظرون الحصول على موعد.
وتتوافق هذه الأرقام إلى حد كبير مع الاتجاهات الوطنية الأوسع نطاقاً، وتعد الزيادة التدريجية في معدلات التطعيم خطوة إيجابية نحو مكافحة الفيروس. في الوقت نفسه، تستهدف حملات توعوية أخرى اللاجئين في المناطق الحضرية لتشجيعهم على الحصول على اللقاح، مع التركيز على توخي الحذر من المعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي حول الآثار الجانبية المحتملة.
يقول سميح إن جانباً كبيراً من عمله اشتمل على مواجهة المعلومات الخاطئة المتداولة على شبكات التواصل الاجتماعي: "الناس هنا خائفون بشكل عام من اللقاح. هناك الكثير من الشائعات والمخاوف بشأن الآثار الجانبية. وظيفتي هي تزويدهم بالمعلومات الصحيحة. أود أن أقول أنه بمجرد أن أتحدث مع الناس، يقرر أغلبهم التسجيل للحصول على اللقاح. التحدث يعتبر من الأمور الضرورية".
تعكس جهود سميح وزملائه المتطوعين هدف أسبوع التحصين العالمي لهذا العام، والذي يمتد من 24 إلى 30 أبريل، ويهدف إلى تعزيز الثقة في اللقاحات والحفاظ على مستوى تقبلها أو زيادته تحت شعار "اللقاحات تقربنا".
ومع تزايد عدد الأشخاص الذين يتم تطعيمهم، يفخر سميح بحقيقة التأثير الإيجابي لعمله. كما أنه يشعر أن بعض المخاوف التي سادت المخيم خلال المرحلة المبكرة من الوباء بدأت تتلاشى، ويقول: "كل ما نريده هو العودة للحياة الطبيعية. وقد تحسنت الأمور مع تلقي المزيد من الأشخاص للقاح، ولا سيما أنه تم الآن تطعيم الكثير من كبار السن في المخيم. نحن محظوظون جداً لأنه بإمكاننا تلقي اللقاح هنا في مخيم الزعتري ويعامل اللاجئون مثل أي شخص آخر".
- اقرأ أيضاً: متى سيحصل اللاجئون على لقاح فيروس كورونا؟
في لبنان، تم تنفيذ مبادرات مماثلة لتشجيع 7,000 لاجئ في البلاد تبلغ أعمارهم 75 عاماً فما فوق على التسجيل للحصول على اللقاح، حيث أنهم من بين أوائل الأشخاص المؤهلين للحصول على التطعيم بموجب خطة التنفيذ الوطنية التي وضعتها وزارة الصحة العامة في البلاد، والتي تغطي كافة شرائح المجتمع في لبنان، بما في ذلك اللاجئين.
زارت فرق من المتطوعين مكونة من لاجئين منازل اللاجئين الأكبر سناً للتحدث معهم حول فوائد التطعيم ولمساعدتهم على التسجيل على موقع الحكومة الإلكتروني. وقد استكمل مركز الاتصال التابع للمفوضية في البلاد جهود التوعية، وهو ما يضمن الاتصال بجميع اللاجئين الذين تبلغ أعمارهم 75 عاماً وأكثر بشأن اللقاح.
وكان من بين هؤلاء اللاجئ العراقي بولس، البالغ من العمر 75 عاماً، والذي تلقى زيارة من أحد اللاجئين المتطوعين لدى المفوضية والذي شجعه على الحصول على اللقاح وساعده في ملء الاستمارة عبر الإنترنت.
وقال بولس: "كنت متردداً، لكن بعد ذلك حدثت وفيات [من الفيروس] بالقرب منا، لثلاثة أشخاص. لذلك تشجعت وقلت لنفسي إن التطعيم أفضل. بناءً على كل ذلك، قررت الحصول على الحقنة".
بالإضافة إلى حماية اللاجئين من الفيروس نفسه، وفر اللقاح أيضاً طريقاً للخروج من العزلة بالنسبة للعديد من اللاجئين الأكبر سناً. كانت اللاجئة السورية أمينة، البالغة من العمر 85 عاماً، تعيش بمفردها مع ابنها عبده منذ بداية الوباء، ولم تتمكن من رؤية أولادها التسعة الآخرين والعديد من الأحفاد.
تم الاتصال بعبده نيابة عن والدته، والتي تعاني من ضعف في السمع، من قبل أحد المتطوعين في مجال التوعية، والذي شجعه على إقناعها بالحصول على اللقاح. وبعد حصولها على الجرعة، عادت لتجتمع بأفراد أسرتها الممتدة.
وقالت دلال حرب، مسؤولة الاتصال في مكتب المفوضية في لبنان: "بالنسبة إلى أمينة، لا يقتصر اللقاح على حماية صحتها فحسب، بل إن اللقاح فرصة لها ليلتئم شملها على نحو آمن مرة أخرى بأسرتها التي تعتني بها".
(تقرير ليلي كارلايل في مخيم الزعتري للاجئين بالأردن ودلال حرب في تولين، لبنان)