نازحون يسعون جاهدين لفهم مغزى الاضطرابات الطائفية في غرب ميانمار
نازحون يسعون جاهدين لفهم مغزى الاضطرابات الطائفية في غرب ميانمار
ماونغداو، ميانمار، 3 ديسمبر/كانون الأول (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - لأجيال متعاقبة، عاشوا جنباً إلى جنب كأصدقاء وجيران رغم الاختلافات العرقية والدينية.
يقول نور محمد، البالغ من العمر 60 عاماً، والذي كان يعيش حتى وقت قريب في قرية زاي كون تان بولاية راخين غربي ميانمار: "أكلنا من الصحن ذاته، وشربنا من البِركة ذاتها، وكنا نزور بعضنا بعضاً". إذ كانت قريته القرية المسلمة الوحيدة في مجتمع مؤلف من 23 قرية.
وشمالاً في قرية ماونغداو، كانت بوينت خين، البالغة من العمر 38 عاماً، تدرِّس الأطفال المسلمين في إحدى رياض الأطفال الواقعة بالقرب من بلدتها في ولاية راخين، حيث تسترجع ذاكرتها قائلة: "لطالما عاملتهم بحنان، كالإخوة والأخوات، مثلما أعامل أطفالي".
لقد تغير كل شيء في يونيو/حزيران، عندما اندلع العنف الطائفي في ماونغداو وانتشر حتى وصل إلى سيتوي عاصمة الولاية، حيث قُتل أكثر من 100 شخص، من بينهم زوج بوينت خين، كما أُضرمت النيران في آلاف المنازل، ولا يزال هناك نحو 75,000 ألف نازح بسبب تلك الموجة الأولى من الاضطراب.
وفي أواخر أكتوبر/ تشرين الأول، أدى العنف المتجدد في ثماني بلدات إلى نزوح أكثر من 37,000 شخص آخر، حيث بلغ إجمالي عدد الأشخاص النازحين في ولاية راخين نحو 115,000 شخص.
ويدعم المجتمع الإنساني الدولي حكومة ميانمار في عملية استجابتها للطوارئ. وفي إطار الخطة المشتركة بين الوكالات، تقوم المفوضية بدور الريادة إزاء قضايا الحماية، والمأوى، والمواد غير الغذائية، إضافة إلى تنسيق المخيمات وإدارتها في راخين.
وتبني المفوضية، بالتعاون مع السلطات المحلية، ملاجئ مؤقتة على شكل منازل مستطيلة لأكثر من 11,000 نازح من المجتمعين المحيطين بسيتوي، إضافة إلى 222 منزلاً دائماً للعائدين الراخينيين إلى ماونغداو. وفي أنحاء الولاية، تقوم المفوضية بنصب ما يقرب من 5,000 خيمة، كما وزعت مواد إغاثة مثل الشراشف البلاستيكية، والأغطية، وأدوات المطبخ، ومواد النظافة الشخصية على عشرات الآلاف الذين يعيشون داخل المخيمات المؤقتة.
ويُعد نور محمد أحد هؤلاء المستفيدين، إذ أن زوجته، إلى جانب أبنائه السبعة، وأحفاده الاثني عشر يقيمون في الوقت الحالي مع 235 شخصاً في مجمع من الأكواخ المشيدة بالقش والشراشف البلاستيكية التي وزعتها المفوضية في مخيم كو تان كاوك، الذي يبعد عن ماونغداو بمسافة تقطعها السيارة في زمن قدره ساعتان. ويقوم العاملون في المفوضية بزيارات دورية من أجل تقييم احتياجاتهم والإنصات إلى المخاوف التي قد تكون لديهم.
ويقول نادر مينباشييف، رئيس مكتب المفوضية بالإنابة في ماونغداو: "ليس لدى هذه المجموعة في الوقت الحالي مراحيض، كما لا توجد مصادر للمياه النظيفة يمكن الاعتماد عليها في مكان قريب. عليهم أن يسيروا على الأقدام لمدة ساعة حتى يصلوا إلى الجدول الذي يجف".
ويضيف قائلاً: "في ولاية راخين الشمالية، فإن معظم النازحين هم من تلك الولاية، وكانت المفوضية تساعد البعض منهم في إعادة بناء منازلهم. وفي الوقت نفسه، ندعم السلطات من أجل التعرف على النازحين المسلمين في المنطقة، ومساعدتهم، حيث يعيش معظمهم في كنف عائلات مضيفة".
وبصورة مماثلة، فإن الغالبية العظمى من الأشخاص النازحين في منطقة سيتوي مسلمون، حيث تعمل المفوضية من أجل ضمان تلقي كلا المجتمعين المساعدة وفقاً لاحتياجاتهم.
وتعيش اليوم بوينت خين وابنتها في مخيم مشيد على شكل منازل مستطيلة أقامته المفوضية في سيتوي. وتقول: "لن أعود إلى ماونغداو، لقد فقدت زوجي، ولا توجد هناك مدرسة لأطفالي، ولا أشعر بالأمان لكي أعود. سأستقر في سيتوي. لقد قمت بالفعل بتحويل الشهادة الأسرية، وأنتظر أن يحوّلوا أطفالي لمدرسة هنا."
أما نور محمد فهو أقل يقيناً بشأن خططه، حيث يقول: "لو كنا نملك أرضاً لزرعنا المحاصيل، ولو كنا نملك مالاً لتاجرنا مع الآخرين". وقد ذكر أنه فقد كل شيء جراء الاضطراب، وأضاف قائلاً: "لا نعلم كيف سنتمكن من العيش في المستقبل، نحن على استعداد للعودة إلى ديارنا في حال اعترفت الحكومة بنا، وعوضتنا عما فقدناه".
كلاهما لا يزالان يشعران بالصدمة إزاء ما حدث في يونيو/حزيران، بالنظر إلى حسن النوايا الأصيلة بين مجتمعاتهم. وفي الوقت الذي يكافحان فيه من أجل الوفاء باحتياجات الوقت الحاضر، ومن أجل التخطيط للمستقبل، فإنهما يدركان أن التحدي الأكبر لا يزال أمامهما؛ ألا وهو العثور على وسيلة للعيش معاً مجدداً.
تقرير فيفيان تان في ماونغداو وسيتوي، ميانمار