أزمة المناخ تغذي الفيضانات وتفاقم مسألة النزوح
أزمة المناخ تغذي الفيضانات وتفاقم مسألة النزوح
يعيش غالبية اللاجئين والنازحين حول العالم في أوضاع شديدة التأثر بالمناخ، حيث يتعرضون لظواهر مناخية شديدة ومتكررة على نحو متزايد. إليكم الأسباب وراء استمرار حدوث الفيضانات الكارثية:
لماذا؟ هل الفيضانات في تزايد؟
بات المناخ العالمي أكثر سخونة، مع تقلبات أكبر في الطقس، وهذا بدوره يزيد من خطر حدوث الفيضانات. ومع توقع هطول أمطار غزيرة أكثر كثافة في العديد من مناطق العالم، فمن المتوقع حدوث فيضانات أكبر وأكثر تواتراً. أصبح احتمال وقوع الكوارث المناخية غير المسبوقة أعلى من قبل، سواء كانت فيضانات الأنهار الموسمية المرتبطة بذوبان الثلوج وتغيير استخدام السكان للأراضي والمياه، أو الفيضانات الساحلية بسبب التأثير المركب للعواصف، أو الأمطار الغزيرة الناجمة عن الأعاصير المدارية والعواصف، وتدفقات الأنهار الغزيرة.
يؤثر النزوح المرتبط بالمناخ على الفئات الأشد فقراً والأكثر ضعفاً، بما في ذلك اللاجئين والنازحين داخلياً الذين أجبروا بالأصل على الفرار من منازلهم بسبب الصراعات والأزمات الأخرى.
غالباً ما تكون الفيضانات والكوارث التي تتبعها نتيجة لمجموعة من العوامل المترابطة، بما في ذلك تصحر الغابات وتغيير استخدام الأراضي التي تزعزع استقرار التربة، والبنية التحتية البشرية التي تعيق التصريف الطبيعي للمياه، وأنماط الطقس، والتغيرات في المستوطنات البشرية حيث يعيش المزيد من السكان في المناطق المعرضة للفيضانات. ونتيجة لذلك، تضعف قدرة الطبيعة على استيعاب الأمطار الغزيرة مع تدهور البيئة بسبب الأنشطة البشرية وزيادة كثافة هطول الأمطار.
أين... وهل تحدث فيضانات الآن؟
- في أفغانستان، لقي مئات الأشخاص حتفهم بسبب الفيضانات التي وقعت في شهر مايو والتي بدأت في شمال شرق البلاد قبل أن تجتاح المناطق الوسطى متجهة جنوباً. ونتيجة لذلك، فقد تضررت آلاف المنازل أو تعرضت للدمار، مما أدى إلى نزوح الأسر. وفي جميع أنحاء البلاد، تضررت الجسور والطرق والمرافق الصحية والمدارس أو تعطلت خدماتها، وتأثرت الحقول الزراعية والبساتين والأراضي الرعوية. ومن المتوقع هطول المزيد من الأمطار الغزيرة في المناطق الوسطى والجنوبية خلال الأسبوع المقبل.
- في البرازيل، أدت الفيضانات في ولاية ريو غراندي دو سول الجنوبية في مايو إلى مصرع ما لا يقل عن 161 شخصاً وتضرر أكثر من 2.34 مليون شخص. ومن بين طالتهم التأثيرات 43,000 لاجئ وآخرون ممن هم بحاجة إلى الحماية الدولية، بما في ذلك الفنزويليون والهايتيين. وقد تضرر حوالي 90 بالمائة من البلديات بالأمطار الغزيرة، حيث اضطر 582,000 شخص إلى الفرار من منازلهم.
- وفي شرق إفريقيا، أصابت أمطار "النينيو" الغزيرة منذ شهر مارس إحدى المناطق الهشة التي تستضيف 4.6 مليون لاجئ في 11 دولة. وقد تأثر أكثر من 637,000 شخص، ونزح ما يقدر بنحو 234,000 منهم. ووقعت أسوأ الفيضانات في كينيا وبوروندي والصومال وتنزانيا. وفي كينيا، قُتل 210 أشخاص، ونزح 20 ألف لاجئ من مخيمات داداب للاجئين، بينما تعرض حوالي 10% من الأراضي الزراعية في بوروندي للتلف.
من المتضرر من السيول؟
يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم مخاطر التعرض للنزوح. فقد شهد العقد الماضي في المتوسط 24 مليون حالة نزوح جراء الكوارث كل عام: 92% منها كانت ناجمة عن مخاطر مرتبطة بالطقس (حيث تمثل الفيضانات ما يقرب من نصف هذه المخاطر)، والباقي بسبب المخاطر الجيوفيزيائية، مثل الزلازل. وفي عام 2023، تسببت الفيضانات في نزوح 9.8 مليون شخص.
يتشابك النزوح مع قابلية التأثر بمخاطر تغير المناخ، لا سيما في المناطق المتأثرة بالنزاعات: 60 بالمائة من اللاجئين والنازحين داخلياً في العالم البالغ عددهم 114 مليون شخص يعيشون في بلدان تقع على الخطوط الأمامية لتغير المناخ، مما يؤدي إلى تفاقم احتياجات الحماية والمخاطر التي يواجهها هؤلاء الأشخاص، وهو ما يساهم في حدوث موجات نزوح جديدة ومستمرة وطويلة الأمد.
ونتيجة لذلك، فإن الأشخاص الأكثر ضعفاً في العالم هم المتضررون أكثر من غيرهم من الفيضانات وغيرها من الكوارث والتوترات المناخية. ويشمل ذلك اللاجئين والنازحين الذين يفتقرون إلى الموارد الأساسية والمساكن الدائمة وشبكات الأمان الاجتماعي القوية، والذين قد يتم استبعادهم من التدابير الحكومية الهادفة لتعزيز الاستعداد للفيضانات والقدرة على المواجهة. المجتمعات المضيفة هي أيضاً من بين المتضررين بشدة، خاصة تلك التي تعيش في تجمعات سكنية غير رسمية وفي مدن الصفيح الواقعة في المناطق المعرضة للفيضانات، وحيث تكون البنية التحتية فيها مثل التصريف ومعالجة مياه الصرف الصحي غير كافية في كثير من الأحيان، وتكون المنازل واهية.
ما الذي تفعله المفوضية للاستجابة للوضع؟
نظراً لحضورها العالمي وشراكاتها واستعدادها لحالات الطوارئ، تعتبر المفوضية في وضع جيد يؤهلها لتفادي وقوع الفيضانات والاستعداد لها والتصدي لها وتوفير الحماية من العواقب الإنسانية الناجمة عنها في مواقع النزوح، وتقديم المساعدة لجميع اللاجئين والنازحين بسبب الفيضانات، عندما تطلب الحكومات ذلك.
في أبريل 2024، أعلنت المفوضية عن حملة لها تهدف لجمع 100 مليون دولار لصندوق جديد لمواجهة تغير المناخ. وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي: "آثار تغير المناخ أصبحت أكثر فداحة، مما يؤدي إلى تفاقم الصراعات بشكل متزايد، والقضاء على سبل العيش، وفي نهاية المطاف، يؤدي إلى النزوح".
وسوف يعالج الصندوق هذه التحديات بشكل مباشر من خلال تعزيز مبادرات القدرة على التكيف مع المناخ ودعم المجتمعات الأكثر عرضة للتهديدات المناخية، والحد من التأثيرات البيئية للاستجابة لحالات الطوارئ، وتوفير الموارد المستدامة والطاقة النظيفة للاجئين والنازحين، والمساعدة في تجهيزهم لمواجهة الصدمات المناخية المستقبلية.
كيف يمكن تقديم المساعدة؟
عندما تحدث كارثة مناخية، فإن المفوضية تستجيب بسرعة بالشراكة مع الحكومات ووكالات الأمم المتحدة الأخرى والمنظمات غير الحكومية. تطلق المفوضية نداءات عامة لجمع التبرعات للأزمات الفردية حتى يتمكن الأشخاص الذين يرغبون في مساعدتنا من توفير الضروريات الأساسية للتخفيف من الآثار المباشرة للنزوح والدمار والجوع والمرض وتعطل سبل العيش.
تشمل المواد الأساسية البطانيات والناموسيات والقماش المشمع والمآوي الطارئة واسطوانات الغاز والأدوات المطبخية والمستلزمات الصحية النسائية، والصابون والأوعية المائية، فضلاً عن المساعدة في إجلاء الأسر المتضررة إلى بر الأمان وإعادة تأهيل مآوي اللاجئين عندما تنحسر المياه.
في أعقاب الفيضانات مباشرة أو غيرها من الأزمات المناخية، يمكن لدعمك أن يحدث أثراً كبيراً. لمساعدة المتضررين من كوارث الفيضانات الأخيرة، يمكنك التبرع هنا.