إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

سؤال وجواب: "نحن نغير عالم التوريد في العمل الإنساني"

قصص

سؤال وجواب: "نحن نغير عالم التوريد في العمل الإنساني"

بصفته رئيس إدارة الإمدادات في المفوضية، يقود بن سفاري الجهود المبذولة للحد من بصمتنا الكربونية وجعل عملية تقديم المساعدة للنازحين قسراً أكثر استدامة.
25 سبتمبر 2023 متوفر أيضاً باللغات:
بن سفاري، رئيس إدارة الإمدادات بالمفوضية.

بن سفاري، رئيس إدارة الإمدادات بالمفوضية.

تحول زميلنا بن سفاري من كونه متلقياً لمساعدات المفوضية بعد نزوحه بسبب الحرب والإبادة الجماعية في رواندا خلال العشرينات من عمره، إلى قيادة الإدارة المسؤولة عن توفير وشراء وتسليم مساعدات المفوضية المنقذة للحياة للأشخاص المجبرين على الفرار.

وفي وقت مبكر من حياته المهنية، أدرك أن تقديم هذه المساعدة لا ينبغي أن يكون على حساب البيئة. وتحدث إلى محررة الموقع العالمي كريستي سيغفريد حول العمل الحيوي الذي قام به هو وفريقه لتخفيض البصمة الكربونية للمفوضية وجعل سلسلة التوريد الخاصة بها أكثر استدامة.

ما الذي جذبك إلى هذا النوع من العمل؟

لقد ولدت في رواندا، وهو بلد جميل جداً. الطقس لطيف دائماً، واللون الأخضر شديد الخضرة، وكبرت وأنا أتخيل أن العالم هكذا. ثم شهدنا إبادة جماعية وحرباً عام 1994، وتغيرت الأمور.

كان أول اتصال لي مع المفوضية عندما كنت نازحاً، وأذكر أنه عندما انتهت الحرب، جاءت قافلة كبيرة من الشاحنات البيضاء لإعادتنا إلى ديارنا من المكان الذي فررنا منه. أخبرت عائلتي أنني أريد قيادة سيارة كبيرة ذات دفع رباعي وتوزيع الإمدادات، مثلما تفعل الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات غير الحكومية. حالفني الحظ ووجدت وظيفة في هيئة الإغاثة الكاثوليكية. وكانت مهمتي توزيع الطعام على النازحين داخلياً وإدارة الأمور اللوجستية.

في وقت لاحق، وبعد خمس سنوات من الدراسة في أستراليا، ذهبت إلى غرب إفريقيا للعمل مع هيئة الإغاثة الكاثوليكية. كنت في منطقة الساحل، حيث كانت الأشجار قليلة ومتباعدة عن بعضها البعض، وكانت الطبيعة جافة وقاحلة للغاية، وتهطل الأمطار مرة واحدة سنوياً على مدى شهرين. لقد أثبت لي ذلك حقاً كيف أن المناخ يجعل الأمور صعبة للغاية بالنسبة للسكان. فالصحراء الكبرى تتحرك جنوباً وتتسع بشكل كبير، مما يجعل الحياة وسبل العيش أكثر ضعفاً كل عام.

خلال رحلاتي عبر منطقة الساحل مع عائلتي، بدأنا نلاحظ أشجاراً وشجيرات تتدلى عليها أكياس بلاستيكية سوداء. كان أطفالي يطلقون عليها "طيور الأكياس البلاستيكية" لأنها تبدو من بعيد مثل الطيور. وهذا ما أثار مخيلتي حول موضوع كيف يمكن للنشاط [البشري] أن يتسبب في حدوث مشكلات بيئية.

في الوقت نفسه، بدأنا النظر في كيفية تحسين طريقة التعبئة والتغليف [للمساعدات]. كنا نوزع الزيت في أوعية المياه والطعام في أكياس، وبعد أشهر... ذهبت إلى القرية ووجدت كل هذه الأوعية وقد تناثرت في جميع أنحاء القرية. بالنسبة لي، لم يكن من الجيد أن أقول إنهم بحاجة إلى كل ما هو موجود في الحقيبة أو العلبة. وذلك عندما بدأت العمل على تحسين كيفية تقديم المساعدة الإنسانية بشكل مستدام للسكان.

ما هي بعض الآثار البيئية لمواد الإغاثة الأساسية التي توزعها المفوضية؟

في المفوضية، نشتري الكثير من المواد البلاستيكية – فالبطانيات مصنوعة من البلاستيك، والقماش المشمع مصنوع من البلاستيك، وفرش النوم مصنوعة من البلاستيك. كما أن طريقة تعبئة المواد التي نوزعها مصنوعة من البلاستيك – والتي يمكن أن تخلف وراءها نفايات.

نشحن [المواد] في جميع أنحاء العالم، وأحياناً إلى مواقع نائية لا تتوفر فيها مرافق لإدارة النفايات. وحتى المركبات التي لدينا – حيث للمفوضية أكبر أسطول في الأمم المتحدة - تساهم في زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

ما الذي نفعله لمحاولة الحد من تلك الآثار؟

لقد نظرنا إلى ما نشتريه والمكان الذي من المحتمل أن نفرز فيه أعلى درجات الانبعاثات، ووجدنا أن نشاطنا المتعلق بالتوريد يمثل ما يقدر بنحو 60 بالمائة من إجمالي انبعاثات الكربون التي تنتجها المفوضية. لقد حددنا 10 منتجات تساهم بالحصة الأكبر من حيث التلوث، والتي يتم من خلالها توجيه عملنا المناخي الفوري.

تهدف استراتيجية الاستدامة إلى تخفيض البصمة الكربونية الناجمة عن السلع التي نشتريها، وعن النقل والتخزين، بنسبة 20 بالمائة بحلول عام 2025. وهذه مجرد البداية بالنسبة لنا.

وتتمثل إحدى جوانب الاستراتيجية في إعادة تصميم كامل لمواد الإغاثة الأساسية لدينا، بدءاً بستة عناصر، وهي البطانيات، وحصر النوم، والأوعية، والدلاء، والمصابيح الشمسية، وأدوات المطبخ.

الشيء المهم الذي قمنا به هو تصنيع هذه المواد قدر الإمكان من المواد المعاد تدويرها. ثانياً، أزلنا جميع المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد من التغليف واستبدلناها بمواد قابلة للتحلل البيولوجي أو مواد أكثر متانة مثل الورق البني، أو عبوات متينة يمكنك إعادة استخدامها. 

بالإضافة إلى ذلك، نحن نهتم بالاستدامة وإمكانية إصلاح المواد وكيفية إعادة استخدامها أو التخلص منها مع نهاية عمرها الإنتاجي بطريقة تخفف من تأثيرها البيئي.

الكثير من انبعاثاتنا الكربونية تكون ناجمة عن الشحن الدولي، لذلك فإننا نبحث أيضاً في كيفية تنويع مصادرنا. يمكنك شراء منتج مستدام عندما يأتي من المصنع، ولكن إذا اشتريت بطانية من الصين ونقلتها إلى بنما، حيث لدينا مستودع كبير هناك، ثم إلى فنزويلا للتوزيع، فإن تلك البطانية تكون قد سافرت لمسافات طويلة واستخدمت الكثير من الوقود. إذا كان بإمكانك شراء البطانية في البرازيل أو المكسيك على سبيل المثال، فقد تحتوي على كمية أقل من المواد المعاد تدويرها، ولكن نظراً لأنها لم تسافر إلى هذا الحد، فسوف تصبح أكثر استدامة وتساعد الصناعة المحلية.

كيف يمكنك إقناع الموردين بالتحول إلى مواد وطرق إنتاج أكثر استدامة؟

نقول ببساطة إننا ندرج هذا الآن كجزء من آليات التقييم التي نتبعها، وسنقوم بالتحقق من ذلك. إنهم جميعاً يدركون أن طريقة العمل مختلفة الآن. وفي كثير من الحالات، كان المصنعون يجرون تغييرات نحو منتجات أكثر استدامة بشكل أسرع من الصناعة في المجال الإنساني، وذلك لأسباب تجارية.

نحن لا ننظر فقط إلى المواد [التي يستخدمونها]، بل أيضاً إلى عملية التصنيع – ما هي كمية الكهرباء التي تستخدمها ومصدر الطاقة الذي تستخدمه؟ ما هي كمية المياه التي تستخدمها للتدفئة أو التبريد أو الغسيل؟ ما عدد المواد المضافة، مثل الألوان أو مواد التنظيف التي تستخدمها؟

نحن ندرك أن بعض هذه التغييرات لا تحدث بين عشية وضحاها. يتعلق بعض هذا في الواقع بتغيير السلوك أولاً، وتغيير طريقة التفكير، وتخيل استخدام مادة ما خارج حالتها "كجديدة".

كيف يعود هذا العمل بالنفع على اللاجئين في نهاية المطاف؟

ما هو إيجابي لكوكبنا هو أيضاً إيجابي للسكان، كل شيء متعلق ببعضه البعض، ويجب علينا أن نأخذ في الاعتبار تأثير أي أعمال في المجال الإنساني على الأجيال القادمة.

هناك أيضاً فرص كبيرة بالنسبة للاجئين والمجتمعات المضيفة. لنأخذ على سبيل المثال الفوانيس الشمسية. نحن نعمل مع الموردين للتحقق مما إذا كان بإمكانهم إنشاء ورش صغيرة للتصليح وتوفير قطع غيار للفوانيس التي نوزعها حتى يتمكن اللاجئون من تأسيس ورشة وإصلاحها. نحن نعمل أيضاً مع الأشخاص الذين يؤسسون مصانع إعادة تدوير صغيرة وحرفية حتى يتمكنوا - عندما نقوم بالتوزيع في مكان ما - من جمع البلاستيك وإعادة تدويره إلى صفائح للأسقف، على سبيل المثال.

كيف تعملون مع الوكالات الإنسانية الأخرى للتأكد من أن يكون كل هذا جزء من جهد أوسع؟

نحن نتعاون وننخرط بالعمل مع عدد من كيانات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية. بعضهم متقدمون في نواحٍ عديدة من هذا المجال، والبعض منهم بدأ للتو في التفكير في هذا الأمر.

ومن خلال نتائجنا، يمكننا أن نظهر مدى سهولة ذلك - إذا ركزت على ذلك، وإذا أوليته الاهتمام - ويمكننا قيادة بقية المهمة في تخفيض البصمة الكربونية للمفوضية.

من خفض الانبعاثات بنسبة 20 بالمائة بحلول عام 2025، وهو ما وصلنا إليه بالفعل، أسعى الآن إلى خفض الانبعاثات بنسبة 30 بالمائة بحلول عام 2030، ليس فقط من خلال المفوضية، بل من قبل جميع الجهات الفاعلة الإنسانية.

إلى أي مدى وصلنا فيما يتعلق بجعل سلسلة التوريد لدى المفوضية أكثر استدامة؟ ما هي الخطوات التالية؟

نحن نغير عالم التوريد في العمل الإنساني. ومن عدم تحدث أحد عن ذلك، فقد أصبح هذا هو المحور الأكبر لعملنا في مجال التوريد.

غيرنا المواد الخمسة الأكبر تسبباً بالتلوث في المفوضية دون زيادة التكلفة. لقد خفضنا تكاليفنا بشكل عام وسنقوم بتخفيضها أكثر. والدليل على المفهوم موجود بالفعل.

نحن نتجاوز حقاً مجال المشتريات، ونتجاوز نطاق عملنا المهني المعتاد. ونحن الآن نسير في دورة حياة كاملة - مع اللاجئين، ومع الجهات الفاعلة الإنسانية الأخرى، ومع زملائنا، ومع الموردين. نحن نعالج أموراً مثل إدارة النفايات، في البيئات النائية والتي تعاني من نقص الخدمات.

ولأن هذا الأمر أعمق من المجال المعتاد، فإننا بحاجة إلى التعاون عبر الأقسام، وعبر الفرق، وعبر المناطق.