اللاجئون السودانيون الفارون من دارفور يجدون الأمان في تشاد
اللاجئون السودانيون الفارون من دارفور يجدون الأمان في تشاد
أطلقوا النار على زوجها وإخوته الخمسة بينما كانت تختبئ مع طفليها. وتوفي زوج زينب لاحقاً متأثراً بجراحه جراء طلقة في بطنه، بينما توفي بعض إخوته بعد أيام.
وبعد أن غادرت زينب وأطفالها المنزل، تقول: "أحرقوه وأحرقوا جميع المنازل الأخرى المحيطة به. اختبأنا في الحي ومشينا دون أن نعرف إلى أين نذهب".
سرعان ما اتسعت دائرة القتال بين الفصيلين العسكريين المتناحرين، والذي اندلع في الخرطوم في شهر أبريل، ليصل إلى أجزاء أخرى من البلاد، بما في ذلك منطقة دارفور الغربية حيث أشعل من جديد التوترات العرقية والطائفية القديمة هناك. وقد تحولت ولاية غرب دارفور إلى بؤرة للصراع في المنطقة مع ورود تقارير عن انتشار أعمال عنف ضد المدنيين.
وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مؤخراً إن الهجمات "ذات الدوافع العرقية" في دارفور أدت إلى مقتل مئات الأشخاص، معظمهم من مجتمع المساليت العرقي والذي تنتمي إليه زينب وعائلتها.
بعد وفاة زوجها، عانت زينب الأمرين من أجل العثور على الطعام. وقالت: "على مدى 45 يوماً، لم يكن لدينا ما نأكله سوى الفول. لم نتمكن من الحصول على الماء إلا في الليل. ثم سمعت أن الناس أخذوا يلجؤون إلى تشاد".
جمع أقاربها مبلغ 20 ألف جنيه سوداني (33 دولاراً) حتى تتمكن هي وأطفالها من ركوب سيارة باتجاه تشاد، والتي فر إليها أكثر من 420 ألف لاجئ سوداني، معظمهم من النساء والأطفال، منذ شهر أبريل. يصل العديد منهم في ظروف يائسة، ومنهم من هو مصاب بأعيرة نارية وأطفال يعانون من سوء التغذية.
وخلال رحلة مروعة، أوقف رجال مسلحون السيارة التي كانت تستقلها زينب وخصوها بكونها من المساليت وطالبوا بالمال لإنقاذ حياتها. ولم يكن لديها ما تقدمه لهم، لكن سائقها تدخل.
وقالت: "طلبوا منه 10 آلاف جنيه (15 دولاراً) لينقذني، وحينها أعطاهم المال حتى لا يقتلوني. كان الأطفال يبكون، وبفضل السائق تمكنت من إنقاذ حياتي".
تم إيقافهم للمرة الثانية وتدخل السائق مرة أخرى لإنقاذ حياتها. وبحلول الوقت الذي وصلوا فيه إلى بلدة أدريه الحدودية في تشاد، لم تكن هي وأطفالها قد تناولوا الطعام منذ عدة أيام.
وقالت زينب: "لقد استقبلنا أهل أدري استقبالاً حاراً، وعلى الفور ساهم العديد منهم في شراء الخبز لنا وإعطائنا الطعام والماء للشرب".
ومع ذلك، كانت الظروف في أدريه مزرية ومكتظة، حيث يعيش اللاجئون في مآوٍ مؤقتة ولا يحصلون إلا على قدر محدود من الخدمات الأساسية مثل المياه والرعاية الصحية والغذاء.
احتياجات متزايدة
على الرغم من كونها واحدة من أفقر البلدان في العالم، إلا أن تشاد تستضيف الآن الحصة الأكبر من مجموع أكثر من 800 ألف شخص فروا من السودان، بالإضافة إلى 180 ألف لاجئ كانت تستضيفهم قبل الأزمة، معظمهم من جمهورية إفريقيا الوسطى والكاميرون ونيجيريا. والآن، أصبح واحد من كل 17 شخصاً يعيشون في البلاد كلاجئ.
وقالت لورا لو كاسترو، ممثلة المفوضية في تشاد: "إن الاحتياجات هائلة حقاً فيما يتعلق بالحماية ومواد المساعدة، ومن حيث المأوى والمياه ومرافق النظافة. وقد تم حتى الآن إنجاز الكثير من العمل، كبناء المآوي وحفر الآبار وإعادة تأهيلها، وتنظيم الخدمات الصحية، لكن الاحتياجات لا تزال هائلة". وأضافت: "نحن بحاجة إلى الأموال لإنشاء مخيمات أخرى للاجئين لأنه لا يزال هناك 150,000 شخص في أدريه ممن ينتظرون نقلهم إلى أماكن أخرى".
وفي بيان مشترك هذا الأسبوع، دقت المفوضية ومنظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر بشأن تدهور الوضع الصحي الناجم عن أزمة السودان. وكشفت عملية تفحص للاحتياجات أجريت مؤخراً في تشاد أن ما يقرب من 13 ألف طفل سوداني دون سن الخامسة يعانون من مستوى حاد من سوء التغذية.
تعمل المفوضية مع حكومة تشاد وشركائها لتلبية الاحتياجات الفورية للاجئين والمجتمعات المضيفة لهم، لكن التمويل لم يكن كافياً للاستجابة للاحتياجات الطارئة المتزايدة أو لإتاحة الفرصة للتخطيط لحلول طويلة الأجل وبناء القدرة على التحمل.
وبعد بضعة أسابيع في أدري، تم نقل زينب إلى مخيم فرشانا، وهو أحد مخيمات اللاجئين العديدة الموجودة من قبل والتي تم نقل الوافدين الجدد إليها لتخفيف الضغط القائم على الحدود.
وقالت: "أشكر العاملين في المجال الإنساني الذين أتوا بنا إلى هنا. قبل ذلك، لم يكن لدينا مأوى، ولا فراش ننام عليها، ولا مراحيض. أما الآن فقد أعطوني منزلاً وحصائر وبطانيات وناموسيات، وأنا مرتاحة جداً".
عندما وصلت إلى تشاد لأول مرة، كانت لا تزال تراود زينب الكوابيس المتعلقة بوفاة زوجها وتبكي بلا توقف، حيث تقول: "كان الأمر كما لو كنت سوف أصاب بالجنون".
ورغم أن وضعها لا يزال صعباً، إلا أنها بدأت تفكر في المستقبل، وقالت: "أرغب في القيام بنشاط [مدر للدخل]، بمساعدة المنظمات غير الحكومية، لتغيير حياتي ووضع أطفالي وطلب مساعدة أقل من الآخرين. أنا أفكر في مستقبل أطفالي، وتعليمهم. وأود أن أتولى المسؤولية الكاملة عنهم وأن يحصلوا على تعليم جيد، لكن ليس لدي الوسائل بعد".
شارك في التغطية موليد هوجالي في نيروبي، كينيا
لقد استقبلنا أهل أدري استقبالاً حاراً، وعلى الفور ساهم العديد منهم في شراء الخبز لنا.