مركز اتصال اللاجئين يواصل خدماته في لبنان وسط حالة الإغلاق بسبب فيروس كورونا
مركز اتصال اللاجئين يواصل خدماته في لبنان وسط حالة الإغلاق بسبب فيروس كورونا
داخل مكتب كبير يقع على مشارف العاصمة اللبنانية بيروت، يجلس موظفو الهاتف مرتدين سماعات الرأس فوق كمامات جراحية زرقاء، ومتباعدين عن زملائهم بعدة حجرات فارغة. تخضع البلاد كافة لحالة من الإقفال لإبطاء تفشي فيروس كورونا، لكن الموظفين هنا لا يزالون يتعاملون مع مئات المكالمات يومياً.
لا تزال خطوط الخدمة مفتوحة في أكبر مركز للاتصال لخدمة اللاجئين وأكثرها انشغالاً في المنطقة. ويوفر المركز الذي تديره المفوضية، بالمشاركة مع برنامج الغذاء العالمي، مساعدات حيوية بشكل متزايد في هذه الفترة مع وجوب تنفيذ عدد من الأنشطة الإنسانية عن بعد، بعد أن كانت تجري وجهاً لوجه، وذلك لمكافحة الفيروس.
قال جيروم سيرينيي، مسؤول التواصل مع المجتمعات المحلية لدى المفوضية، والذي يشرف على المركز: "في 2 مارس، تلقينا أول مكالمة تتعلق بفيروس كورونا، ولكن منذ ذلك الحين ... فإن العدد بازدياد كل يوم". وقد عززت المفوضية مواردها في مركز الاتصال لضمان قدرتها على الاستجابة للطلبات المتزايدة من جانب اللاجئين في وقت يتنامى فيه مستوى القلق.
وأضاف: "لمركز الاتصال دور حيوي الآن، حيث أن أنشطة التواصل المنتظمة باتت محدودة بسبب القيود المفروضة على الحركة والهادفة لمحاربة الفيروس، ولكن لا يزال بإمكان الأشخاص التواصل عبر الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي".
تأسس المركز في عام 2015، ويتلقى ما يقرب من مليون استفسار سنوياً من قبل اللاجئين حول خدمات الحماية والمساعدة. وقد استخدم حوالي 60% من مجموع اللاجئين في البلاد هذه الخدمة.
"لمركز الاتصال دور حيوي الآن"
مع وجود حوالي 910,000 لاجئ سوري مسجل، بالإضافة إلى أكثر من 200,000 فلسطيني، يستضيف لبنان العدد الأكبر من اللاجئين للفرد الواحد، أكثر من أي دولة أخرى. وحتى قبل ظهور الوباء، كانت الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد تضع المزيد من الضغط على الفئات الضعيفة من المجتمعات اللبنانية واللاجئين على حد سواء.
منذ منتصف مارس، اضطر كافة سكان البلاد - بمن فيهم اللاجئون - لتقييد حركتهم بشكل صارم للحد من مخاطر العدوى. ونتيجة لذلك، فقد توجب على المفوضية تعليق الأنشطة مؤقتاً في مراكز الاستقبال والمراكز المجتمعية الموزعة في جميع أنحاء البلاد بسبب التجمعات التي تحدثها ولضرورة احترام التباعد الجسدي كإجراء وقائي.
تم إدخال آليات بديلة للحفاظ على سير العمليات الإنسانية، بما في ذلك تعزيز آليات تقديم المساعدة عن بعد مثل مركز الاتصال.
يتم إيلاء الأولوية للتصدي لفيروس كورونا، وذلك من خلال تدابير تشمل توزيع الصابون ومواد النظافة الأخرى على اللاجئين، وبناء مناطق للعزل في مخيمات اللاجئين غير الرسمية أو بالقرب منها، وكذلك من خلال التعاون مع الشركاء والسلطات لتوسيع قدرة النظام الصحي في لبنان لأولئك الذين هم بحاجة إلى دخول المستشفى أو العناية المركزة.
وفي حين أنه لا توجد حتى الآن حالات مؤكدة للفيروس بين اللاجئين في لبنان، يقول سيرينيي بأن المركز يتعامل مع عدد متزايد من المكالمات من طرف اللاجئين الذين يطلبون المشورة بشأن الوقاية، أو من خلال المساعدة في التعامل مع التأثير المالي الذي تتسبب به القيود على الحركة.
وأوضح قائلاً بأن "معظم المكالمات تتعلق بالصحة والغذاء والمال والمطهرات والصابون والمساعدات الأخرى التي تأثرت بالأزمة الصحية خاصة بالنسبة للاجئين الذين لا يستطيعون السفر والقيام بالعمل الذي اعتادوا القيام به قبل فرض القيود".
وروى سيرينيي أمثلة عن عدة مكالمات هاتفية وصلت مؤخراً إلى المركز من قبل لاجئين غير قادرين على العمل بسبب الأزمة، حيث قالوا بأنه لم يعد بإمكانهم شراء ما يكفي من المواد الغذائية لإطعام أسرهم.
وفي ظل القيود الحالية المفروضة على الحركة والتي تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، شدد جمال زعيم، وهو واحد من حوالي 20 عامل هاتف من اللبنانيين الذين لا يزالون يعملون في مركز الخدمة، بإذن خاص، على الوضع الصعب الذي يواجهه العديد من اللاجئين خلال الأزمة.
وقال: "يذكر اللاجئون بأنهم غير قادرين على توفير لقمة العيش لعائلاتهم بسبب القيود، وهذه رسالة بغاية الخطورة".
"أشعر أنني أساعد الناس"
ورداً على استفساراتهم، يقدم جمال للمتصلين تفاصيل حول نوع المساعدة المتاحة، ويوجههم إلى المزيد من المعلومات والنصائح المتخصصة، ويتبادل معهم الإرشادات الرسمية حول كيفية حماية أنفسهم من العدوى. كما يحيل الحالات التي تتطلب مساعدة متخصصة مثل الحماية والدعم الخاص بالصحة النفسية للمتابعة من قبل المفوضية وشركائها.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت لديه أي تحفظات بشأن الاستمرار في العمل بينما يبقى الكثيرون في البلاد في منازلهم خوفاً على سلامتهم، قال جمال بأن لديه الثقة في الإجراءات الصحية الجديدة السارية في لبنان وأنه سعيد في أن يتمكن من لعب دور في التصدي لفيروس كورونا.
وقال: "ما زلت أذهب إلى المركز بسبب وجود إجراءات لحمايتنا من الفيروس، كالتباعد الاجتماعي، والكمامات والقفازات ومستلزمات النظافة. لقد جئت وحدي وبسيارتي".
وأضاف: "أشعر بأنني أساعد الناس في الوصول إلى الخدمات التي يحتاجونها واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أنفسهم من الفيروس، وأيضاً حماية من حولهم والمجتمع. هذا هو دورنا، وأشعر أن من واجبي الإجابة على استفسارات اللاجئين في هذا الوقت وأن أحيلهم لأولئك الذين يمكنهم المساعدة".