مشروع إسكان في النمسا يعزز آمال اللاجئين
مشروع إسكان في النمسا يعزز آمال اللاجئين
في غرفتها الصغيرة في فيينا، تمد أسيرا خاسالييفا العجين لصنع الفطائر للأقرباء الذين وصلوا مؤخراً من الشيشان. إنهم الآن يطلبون اللجوء في النمسا وآمالهم كبيرة. لا تحب أن تقول لهم بأنها تنتظر منذ ثلاثة أعوام الحصول على جواب من السلطات النمساوية في ما يتعلق بطلب اللجوء الذي قدمته.
في فترة الانتظار، تعيش أسيرا في "منزل يوت بوك". هذا المنزل ليس مجرد مجموعة من الشقق، إنما هو مكان للإيواء والتعليم والتشجيع، أسسته يوت بوك، النمساوية المعروفة بأعمالها الخيرية.
تقول أسيرا: "أنا أشكر الله لأن يوت بوك استقبلتنا. إنها سيدة طيبة جداً وأنا أصلي كل يوم ليحفظ الله صحتها."
ولسوء الحظ، لم تعد يوت بوك البالغة من العمر 74 عاماً، ناشطة كما كانت من قبل بسبب تعرضها لجلطة. وعلى الرغم من أنها تستعمل الكرسي المتحرك، ما زالت تعيش وتعمل مع اللاجئين في المنزل الذي يحمل اسمها.
هل هي متدينة؟ هل لديها فلسفة؟ تهز رأسها. الحس بالإنسانية هو الذي دفعها طيلة هذه الأعوام لرعاية الأشخاص الأكثر حاجة. "إذا جاء شخص بحاجة إلى المساعدة، لا أقول له إذهب وجد مكاناً آخر."
تعيش يوت بوك، التي لم تتزوج أبداً، بتواضع إلى درجة التنسك. لم تأخذ عطلة يوماً حتى أنها لا تملك جواز سفر. تعتبر الموضة مضيعة للوقت والترف الوحيد بالنسبة لها هو الذهاب إلى مزين الشعر.
"كيف يمكنك أن تأكل عندما يكون شخص آخر جائعاً؟"
بدأت عملها في ميتم وعملت لأعوام عديدة مع مراهقين يعانون من مشاكل. وعندما تقاعدت في عام 2002، أسست ملجأً صغيراً للأشخاص المشردين وطالبي اللجوء. عاش البعض هناك في حين أنه تم تسجيل آخرين على هذا العنوان ليستفيدوا من المنافع التي يوفرها مقدمو الخدمات الاجتماعية. أحدثت يوت بوك تغييراً في حياة مئات الأشخاص، وانتشرت الأخبار عن أعمالها الخيرية. وقال المتحدث باسمها، إيمانويل هنتربور، بأن داعميها مصرون على "أن تنمو أعمالها لتصبح أكبر من الفشل."
نظموا مهرجاناً للمشروبات يحمل اسم بوك، حيث تم منح 10% من سعر كل مشروب لمأوى يوت بوك. وتحول هذا المهرجان إلى "بوك أوف كلتشر" وجمع أموالاً كثيرة من خلال مناسبات منتظمة مثل الأنشطة في الأندية والمسابقات الشعرية. أصبحت يوت بوك مشهورة بإصرارها عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن مصالح الضعفاء وتم طبع قمصان وبطاقات تحمل اسمها.
إضافة لذلك، قدم هانس بيتر هاسلستاينر، وهو صاحب شركة ستارباغ للبناء، ليوت بوك مجمع شقق في زوهمانغاس 28، مما أتاح لها إيواء 80 عائلة في مبنى واحد. بالإجمال، فإنها تأوي 300 لاجئ في شقق موزعة في فيينا. تشتهر يوت بوك بين اللاجئين ويسميها القادمون من إفريقيا "ماما بوك".
يمكنك أن تدعو يوت بوك قديسة علمانية ولكن الأمر سيضحكها. تلقت عشرات الجوائز على أعمالها ولكنها لا تبالي بذلك.عندما رشحها الرئيس النمساوي السابق هاينز فيشر لجائزة صليب الاستحقاق المرموقة، ضحكت وقالت بأنه من الأجدر الحصول على هبة من 20 يورو.
يوت بوك معروفة بأنها عملية وصريحة وهي لا تتعامل مع السياسيين إلا عندما يكونون راغبين بتقديم المساعدة. تشعر بالانزعاج من الموجة الجديدة من السياسيين الشعبيين الذين يزيدون برأيها من خطر رهاب الأجانب في المجتمع. وتقول ساخرة: "يشتكي بعض الأشخاص من الأجانب في وسائل النقل العام. هذا الأمر فظيع. يجب أن نجد طريقة لكي لا نشتكي منهم (اللاجئين) بل لمساعدتهم حتى لا يزعجونا."
تتذكر يوت بوك نهاية الحرب العالمية الثانية قائلةً: "الجنود يعودون إلى بلدانهم، معسكرات الاعتقال تُفتح... عندما ترى كيف يتعامل الأشخاص بشكل سيء مع الآخرين اليوم، ترى أنهم لم يتعلموا شيئاً من التاريخ. كان الوضع سيئاً كما هو عليه الآن، أو بطريقة أخرى، إن الوضع الآن سيء الآن كما كان عليه في السابق."
يتصف "منزل يوت يوك" بالكرم. يتم تقديم الطعام يومياً ليتقاسمه الجميع. هناك دروس في اللغة الألمانية للذين يرغبون بذلك. والعدل هو الشعار في هذا المكان. ويقول دانيال جونسون من ليبيريا وهو عاطل عن العمل لأنه ما زال ينتظر صدور قرار بشأن طلب اللجوء الذي قدمه: "كلنا نحترم ماما. أشعر بالملل وبالوحدة ولكنني أراها في الممر وأتحدث باللغة الألمانية معها. نعتبرها أمنا. قبل أن تمرض، كانت تغسل ملابسنا وعندما نتشاجر، كانت تأتي وتحل الخلاف."
في غرفة المرأة الشيشانية كانت الفطائر المصنوعة من اللحم وصلصة الثوم شبه جاهزة. جلست قريبة السيدة خاسالييفا وطفلاها على الطاولة. في الشيشان، كانت العائلة تصنع الحلويات وحلمت بافتتاح متجر حلوى في فيينا.
بدأوا يشعرون بأن انتظار اللجوء قد يكون طويلاً وبأنه من غير المؤكد بأنهم سيحصلون عليه. في هذه الأثناء، لديهم سقف يحميهم وأمل في "منزل يوت بوك."