اللاجئون الصحراويون بين فيروس كورونا ووباء أصاب ماشيتهم
اللاجئون الصحراويون بين فيروس كورونا ووباء أصاب ماشيتهم
تندوف، الجزائر - اعتادت مريم محمد بوجمعة – وهي لاجئة صحراوية تبلغ من العمر 69 عاماً وتعيش في مخيم بوجدور في ولاية تندوف الجزائرية – أن تتوقف في كثير من الأحيان لمشاهدة أحفادها الصغار وهم يمرحون بين أغنام العائلة والماعز، وتشعر بارتباط عميق بماضيها.
وتوضح مريم قائلة: "إن تربية الأغنام والماعز بالنسبة لعائلتي شيء موروث من جيل إلى آخر. الصحراويون معروفون بتربية المواشي. إذا كان لدى الأسرة أربعة أو خمسة ماعز، فإنه يكون لديهم مصدر لا نهاية له من الحليب للأطفال وكبار السن".
عاودت مريم التواصل مع هذا التقليد وبدأت في تربية مواشيها منذ حوالي 10 سنوات، بعدما اضطرت لتدبر أمورها المعيشية بعد طلاقها. وقالت: "شعرت أنه يتعين علي القيام بشيء ما لمواجهة التكاليف المتزايدة والمسؤولية الملقاة علي في رعاية أسرتي. نبيع ماعزاً أو اثنتين للحصول على المال لتغطية احتياجاتنا اليومية".
مخيم بوجدور هو واحد من خمسة مخيمات تأسست في المنطقة الصحراوية النائية والواقعة في جنوب غرب الجزائر منذ عام 1975 لإيواء اللاجئين الصحراويين الذين فروا من العنف جراء حرب الصحراء الغربية. بالنسبة لأولئك الذين يستطيعون تربية الماشية، فإن الحليب واللحوم التي يحصلون عليها تضاف إلى الحصص الغذائية الشهرية الأساسية التي يتلقاها اللاجئون في المخيمات.
"الخسارة كانت مادية وعاطفية"
ولكن في وقت سابق من هذا العام، وفي الوقت الذي تم فيه تطبيق الحظر على المخيمات للتصدي لوباء فيروس كورونا، مما أدى إلى فقدان العديد من اللاجئين لأعمالهم ومصادر دخلهم الأخرى، كان هناك مرض آخر يعصف بالسكان اللاجئين من الفئات الضعيفة.
فقد تسبب وباء رئوي أصاب الماشية في نفوق أكثر من 1,700 رأس من الأغنام والماعز في المخيمات هذا العام، بما في ذلك كافة رؤوس الماشية التي تملكها مريم وعددها عشرة. وقالت: "مرضت الأغنام بعد أن أصابتها العدوى من الماعز. اتصلت بالطبيب البيطري الذي أعطاهم بعض الحقن، لكن حتى مع العلاج فقد نفقوا جميعاً".
إلى جانب الصدمة المالية، قالت بأن أفراد عائلتها الصغار وجدوا صعوبة في فهم ما حدث: "شعر الأطفال بالحزن بعد هذه الخسارة. لم يفهموا سبب نفوق كل الخراف والماعز في نفس الوقت. كانت الخسارة مادية وعاطفية للعائلة".
بعض العائلات التي فقدت ماشيتها مؤخراً كانت قد تسلمتها للتو كجزء من برنامج تموله المفوضية والذي يستهدف بعض اللاجئين الأكثر ضعفاً في المخيمات.
"معظم ... الذين كانوا يعملون فقدوا أجورهم اليومية"
مع وجود أكثر من 50 في المائة من النساء ممن هم في سن الإنجاب إضافة إلى الأطفال في المخيمات والذين يعانون من فقر الدم، وارتفاع معدلات سوء التغذية (7.6 في المائة) والتقزم (28 في المائة)، قامت المفوضية بالتعاون مع شريكها الهلال الأحمر الجزائري بتزويد رؤوس من الماعز إلى 263 أسرة ممن تعاني من سوء التغذية وخاصة الحوامل والمرضعات.
ديدا الكوري، وهي إحدى المستفيدات وأم لتسعة أطفال، كانت تعتمد على الحليب لتكملة نظامها الغذائي ونظام والديها المسنين.
وقالت ديدا: "كنت أخطط للاستفادة أيضاً من لحومهم، لكن للأسف لم نصل إلى هذه المرحلة لأننا فقدناهم [في نفس الوقت] الذي اندلع فيه فيروس كورونا". وأضافت أن إجراءات الحظر كان لها تأثير سلبي على الوضع المالي والصحة النفسية للاجئين في المخيم: "معظم الشباب والرجال الذين كانوا يعملون فقدوا أجورهم اليومية لأنهم لا يستطيعون الذهاب إلى أي مكان ولا يمكنهم القيام بأي عمل. يشعر الأطفال بالملل والاكتئاب بسبب البقاء داخل المنزل طوال الوقت".
وعبّرت مستفيدة أخرى من البرنامج تدعى لهدية عبيد البشير وتبلغ من العمر 39 عاماً عن سعادتها كأم مرضعة من تمكنها الآن من تحسين تغذيتها، وكانت "حزينة" عندما فقدت كل ماشيتها بسبب المرض.
ووصفت لهدية نفسها بأنها محبة للحيوانات وتذكرت كيف كانت ترافق والدتها عندما كانت طفلة لإطعام الأغنام والماعز الخاصة بأسرتها واللعب معها. وقد شكل امتلاك خراف خاصة بها مصدراً للراحة، واعتبرتها جزءًا من العائلة: "أشعر بحبهم في كل مرة أذهب لإطعامهم أو للاطمئنان عليهم. لقد شعرت بالمسؤولية تجاههم وتجاه صحتهم وتغذيتهم".
وقالت لهدية بأنه مع عدم وجود دخل آخر يمكن الاعتماد عليه، فقد جعل الوباء العديد من العائلات في المخيم تعتمد أكثر من أي وقت مضى على المساعدات الإنسانية. ولكن مع تخفيف قيود الإقفال مؤخراً - مع إمكانية السفر بين المخيمات ومن مدينة تندوف وإليها منذ شهر يونيو – فإنها تأمل أن يتحسن وضعهم: "كانت الخسارة صعبة. نحن ننتظر حتى انتهاء وباء الماشية وبعد ذلك سنرى كيف يمكننا العثور على الدعم للحصول على بعض الأغنام للعودة لتربية الماشية مرة أخرى".