الأمن هو المفتاح الرئيسي لحل أزمة النزوح المتزايد في جنوب السودان.
الأمن هو المفتاح الرئيسي لحل أزمة النزوح المتزايد في جنوب السودان.
بنتيو، جنوب السودان- بعد اندلاع القتال في مسقط رأسه في ولاية الوحدة في جنوب السودان، فرّ المتدرب التقني في الطب جايمس كوت إلى موقع للحماية في بنيتو لمدة مؤقتة. بعد ثلاثة أعوام، لا يزال في الموقع نفسه، وهو خائف جداً من العودة إلى دياره.
قال كوت: "أخبرت عائلتي بأنني مضطر إلى الفرار لكي أوفر لهم لقمة العيش، لكنني منذ وصلت إلى هنا، لم أعد أبداً. أشعر بالأمان هنا".
ويعد الموقع الذي لجأ إليه أكبر تجمع للاجئين الآن في جنوب السودان، حيث يستضيف أكثر من 120,000 رجل وامرأة وطفل مثله، يفرون من العنف والجوع المتزايد، فيما يرتفع عدد الوافدين كل يوم.
وقد قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي خلال زيارة إلى الموقع نهاية الأسبوع: "حين ننظر حولنا اليوم في جنوب السودان ونسأل الناس: "لِم لستم في منازلكم، وما الذي يدفعكم بعيداً عن دياركم؟"، تكون الكلمة الأولى التي يتفوهون بها: "الخوف".
"أخاف العودة لأن الأمن مفقود، وكذلك الحماية".
كشف تقرير نشرته المفوضية اليوم أن هنالك 65.5 ملايين شخص نزحوا قسراً في كافة أنحاء العالم في نهاية عام 2016، وهو أعلى عدد منذ تأسيس المفوضية في عام 1950.
وشكلت جنوب السودان، أحدث دولة في العالم عاملاً جديداً في العام الماضي، حيث أدى الانهيار الكارثي لجهود السلام إلى تدفق 739,900 شخص بحلول نهاية العام. ومع نمو الصراع وازدياد الجوع، ارتفع هذا العدد إلى 1.87 مليون اليوم.
وقال غراندي: "إذا انعدم الأمن، فلا جدوى لشيء"، بعد الاجتماع بالأسر والتحدث إليها بشأن احتياجاتها في موقع حماية المدنيين. موضوع الأمن سائد جداً هنا".
ومع استمرار العنف الشديد خارج الموقع والاكتظاظ داخله، فإن المفوضية والشركاء في المجال الإنساني يحاولون توفير الاحتياجات الأساسية مثل الماء والغذاء والرعاية الطبية.
أثناء وجوده في بنتيو، زار المفوض السامي أيضاً موقعاً جديداً حيث أُعطي المئات من النازحين داخلياً قطع أرض صغيرة لبناء مآوٍ أكثر استدامةً، فضلاً عن حزم الإمدادات التي تشمل المصابيح العاملة بالطاقة الشمسية ولوازم الطبخ والصابون.
ومن بين النازحين الذين يعيشون هناك، أنجلينا، التي فرت من منزلها مع أطفالها الثلاثة قبل عامين، واستقرت أولاً في أحد مواقع الحماية. قبل أسبوعين، انتقلت مع أطفالها إلى هذا الموقع الجديد وقالت بأنها تشعر بالأمل للمرة الأولى منذ أعوام.
وأضافت: "أنا ممتنة لأنني وأطفالي آمنون وسيكون لنا منزل ومكان جيد للنوم".
لقد وضعت خطط لتوسيع البرنامج وفتح مواقع مماثلة في كافة أنحاء البلاد لتقديم المساعدة والأمل لملايين النازحين، على الرغم من أن الأمل والنقد على السواء غير متوفرين.
وأوضح المفوض السامي: "نحاول في هذه الحالة أن نقدم لهم ليس أساسيات الحياة فحسب، بل الحس بجدوى المستقبل. هذا أكثر ما نفتقده. ليس بالنسبة للاجئين والنازحين في جنوب السودان فقط، وإنما لنحو 66 مليون نازح في كافة أنحاء العالم".
قبل الحرب، كان جيمس يدرس ليصبح فني مختبر، ولكن مثل ملايين الآخرين، أجّل الصراع تنفيذ مشاريعه وأحلامه.
قال: "أريد أن يحل السلام في السودان كي يستعيد الناس حياتهم الطبيعية، ويعودوا إلى المدارس، ويزاولوا أنشطتهم الاقتصادية العادية".
وقال غراندي الذي يتواجد في هذا البلد الإفريقي في زيارة تستغرق ثلاثة أيام زار خلالها أيضاً العاصمة جوبا، بأنه في حين هناك حاجة ماسة إلى المساعدات الآن، فإن السلام هو الحل الدائم الوحيد لملايين النازحين من جنوب السودان وكل الصراعات الكبيرة في العالم.
أضاف: "علينا أن نكون قادرين على صنع السلام مجدداً. أينما ذهبت، كانت تلك صرخة الناس: "نريد السلام، نريد السلام".
يعتزم غراندي توجيه نداء قوي لتعزيز جهود السلام في قمة التضامن حول اللاجئين في أوغندا هذا الأسبوع. وسوف تجمع القمة حوالي 500 مشارك، من بينهم رؤساء حكومات وممثلون عن مؤسسات الأمم المتحدة والمؤسسات المالية والمنظمات غير الحكومية.