الحر والغبار يثقلان كاهل النازحين في العراق
الحر والغبار يثقلان كاهل النازحين في العراق
الحبانية، محافظة الأنبار، العراق – ترتفع درجات الحرارة إلى ما فوق الـ 50 درجة مئوية في مخيم الحبانية، وهو مأوى رملي في الصحراء العراقية. لا يوجد مكان تتفيأ فيه آلاف العائلات التي لجأت إلى هناك.
تعرّفتُ على ثاري إسماعيل، البالغ من العمر 53 عاماً، وعائلته في بنية رديئة وذات جوانب بلاستيكية أُنشئت في الأصل لتكون مطبخاً جماعياً. وقال ثاري، وهو أب لثمانية أطفال: "لم يكن هنالك أي خيمة، لذا انتقلنا إلى هنا. يريدنا بعض المقيمين في المخيم أن نغادر لكي يتمكنوا من الطهو هنا، لكن لا يوجد مكان آخر ننتقل إليه".
قبل يومين، حصلت العائلة التي عاشت في مكان ريفي في ضواحي الفلوجة على الكهرباء، مما سمح لها باستخدام مكيّف ومروحة وفّرتهما المفوضية. وقال ثاري: "يحدث ذلك فرقاً كبيراً – فقد تحسنت الأمور كثيراً. ولكن، لا تزال الحياة اليومية صعبة".
عائلة إسماعيل هي من بين الكثيرين الذين كانوا يقيمون في الفلوجة والذين فروا من منازلهم منذ أواخر شهر مايو هرباً من هجوم للقوات الحكومية لاستعادة السيطرة على المدينة من الجماعات المتطرفة.
وكانت المخيمات كمخيم الحبانية عبارة عن استجابة سريعة لحالات النزوح الجماعية التي نتجت عن ذلك. فقد فر أكثر من 87,000 شخص من الفلوجة والمناطق المجاورة هرباً من الضربات الجوية التي تشنها قوات الحكومة وقوات التحالف، ومن القصف والقيود المشددة التي فرضتها الجماعات المتطرفة التي تتحكم بحياتهم اليومية منذ عامين ونصف.
مع ذلك، فإن شعورهم بالارتياح يواجه قسوةً مع ما يشهدونه الآن على الأرض.
"نشكر الله لأننا بأمان مع أطفالنا ... لكننا لا نزال خائفين من العودة".
أخبرتني سوسن، زوجة ثاري والتي تبلغ 42 عاماً، أن فرار العائلة استغرق ثلاثة أيام عبرت خلالها نهر الفرات، حيث أضاع أفرادها المجوهرات وأوراق هوياتهم ورأوا عائلات أخرى تغرق، وقالت: "نشكر الله لأننا بأمان مع أطفالنا. لكننا لا نزال خائفين من العودة".
تحدثت سوسن أيضاً عن مخاوفها المتعلقة بصحة ابنتها التي تعاني من مرض الكلى. وقالت بأن أطفالها الآخرين مصابون من الإسهال نتيجة شرب المياه الملوثة.
تجولنا في المخيم، واتضح لنا أن الظروف لم تكن مثالية على الإطلاق، على الرغم من وصول المزيد من المساعدات. وكانت المفوضية بالتعاون مع شريكتها، منظمة المعونة الإسلامية، توزع مواد الإغاثة في أحد المخيمات التي زرتها قبل يومين وقد خططت للقيام بعمليات توزيع إضافية للعائلات في هذا المخيم.
لا تزال الكثير من العائلات تتقاسم خيمها؛ ويبلّل الأشخاص المناشف بالمياه ويلفونها حول رؤوسهم لتبريد أجسامهم، لكنهم يقولون بأنهم ينامون لبضع ساعات فقط أثناء الليل بسبب الحرّ. أصيب الكثيرون بأمراض جلدية، ربما بسبب الحرارة أو نتيجة الأوضاع في المخيم. واشتكى السكان من لسعات الحشرات ولدغات العقارب.
كما أن الوضع صعب بشكل خاص على الأسر التي تعيلها نساء غاب أزواجهن وأبناؤهن الكبار، بعد أن فُصلن عنهم أثناء الفحص الأمني الذي تجريه السلطات عند وصول العائلات إلى بر الأمان.
وقالت حامدية هادي، وهي أرملة تبلغ من العمر 45 عاماً: "نريد أن نعرف مكان الرجال". فقبل شهرين، تم أخذ ابنها الذي يبلغ من العمر 19 عاماً للاستجواب.
"وجودي هنا من دون ابني كارثة. لدي ثلاث فتيات وإحداهن مريضة وأنا أعتمد عليه. لا أستطيع العودة إلى البيت في الفلوجة قبل أن ينضم إلينا".
"الفلوجة مكان للذكريات السيئة. ولا أعتقد بأنني سأعود إلى هناك على الإطلاق".
منيرة محمد، مطلقة وأم لأربعة أطفال، تتقاسم الخيمة مع شقيقتها وأطفالها الستة. تقول: "يخاف أطفالي من الحشرات ومن الحيوانات التي نجدها في المخيم. وعلى الرغم من أن الوضع ليس سهلاً، إلا أننا نفضل البقاء هنا. ففي الفلوجة، تدّمر منزلنا بغارة جوية وقبل فرارنا بخمسة أشهر تنقلنا في المدينة وعشنا في منازل مهجورة.
"نحن وحدنا حالياً. الفلوجة مكان للذكريات السيئة. ولا أعتقد بأنني سأعود إلى هناك على الإطلاق".
بدأت السلطات بإزالة الأفخاخ المتفجرة والألغام من الفلوجة، على أمل أن تتمكن العائلات النازحة من العودة قريباً. نزح أكثر من 3.3 مليون عراقي بسبب الصراع، ويُرجح أن يزداد الوضع الإنساني سوءاً في الأشهر المقبلة.
وتُعتبر التعهدات بتقديم المزيد من التمويل الإنساني خلال مؤتمر للجهات المانحة في واشنطن في يوليو خطوةً مرحباً بها، فهي تسمح لوكالات كالمفوضية بتمويل خطط الطوارئ وإنشاء المخيمات وتجهيز الخيم واللوازم الطارئة قبل الحالة الطارئة التالية.