ذكرى إعصار هايان.. قصّة نجاة
ذكرى إعصار هايان.. قصّة نجاة
تاكلوبان، الفلبين، 6 نوفمبر/تشرين الثاني (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - تبدو البارجة مثيرة للخوف بهيكلها العملاق بجانب المنازل المحيطة بها. يركض الأطفال حول السفينة ويعلبون وهم يجهلون على ما يبدو حجم المأساة التي أتت بها إلى هنا. ولكنّ أحدهم حفر على هيكل السفينة رسالةً تخبر قصّةً مختلفةً: يولاندا الغبية.
شكلت البارجة بيتاً لبارتوليمي وعائلته ولـ37 عائلةً أخرى للأسابيع الثلاثة التي تلت اجتياح إعصار هايان لجزيرة ليتي في الفلبين في 8 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي. الأعاصير مألوفة في الفلبين وعلى مرّ الأعوام تعلّم الناس ما يجب أن يفعلوا وكيف يتعاملون مع الوضع. ولكنّ هذا الإعصار لم يكن عادياً.
ضرب إعصار هايان، الذي يُعرف محلياً باسم إعصار يولاندا، وسط الفلبين وبلغت سرعة رياحه 235 كيلومتراً في الساعة، وكان من أقوى الأعاصير التي ضربت هذا البلد الواقع في جنوب شرق آسيا. ألحقت العاصفة الضرر بـ14 مليون شخصٍ تقريباً وتسببت بأضرار هائلة في الممتلكات. مسح الإعصار مدناً كاملة وتأثرت جزيرة ليتي بصورة خاصّة؛ فقد حصدت العاصفة القوية أرواح الآلاف من سكان هذه الجزيرة وسواها.
يقول بارتوليمي بينما يجلس في منزله المبني على ركائز بجانب البحر: "لم يتوقع أحد أن يكون الإعصار بهذه القوّة. يولاندا لم يرحمنا قط. كان الجميع يدركون أنّ الإعصار سيكون قوياً ولكنّ التوقعات حول مدى قوته لم تكن واضحة."
كالكثيرين من الرجال، أرسل بارتوليمي زوجته وأطفاله إلى مركز إجلاء، وبقي في منزله ليحرسه. واجتمع الكل في منزل أخ زوجته وبدؤوا يعدون الطعام، معتقدين أنّ المسألة اقتصرت على انتظار انحسار العاصفة. ولكن مع ازدياد سرعة الرياح والأمطار، رؤوا المنازل المحيطة بهم تتحطّم وتتهدّم الواحد تلو الآخر. طرق أربعة أشخاص بابهم وسألوهم السماح لهم بالدخول. وعندما بدأ مستوى المياه بالارتفاع، صعدوا إلى الطابق الثاني ومن ثمّ إلى السطح.
يقول بارتوليمي: "كان المطر شديداً والرياح عاتية؛ فإن لامست بشرتك أصابتك بالألم. شعرتُ بألمٍ يجتاح جسمي. كان الإعصار قوياً إلى هذا الحد".
أثناء وجودهم على السطح، بدأ بارتومولي يصلّي لتتوقف الأمواج. وفي هذه اللحظة، كان مستوى الأمواج قد ساوى ارتفاع البيت تقريباً. وفجأةً، مرّت سفينة وظنّ بارتوليمي أنه سيتم إنقادهم. ولكنّه سرعان ما أدرك أنّ مَن هم على متنها ليسوا رجال إنقاذ. فالأشخاص الذين رآهم يلوّحون بأيديهم كانوا أيضاً ناجين صعدوا على متنها.
عندما عثرت المفوضية على بارتوليمي وعائلته، كانوا يعيشون على متن هذه السفينة مع عائلاتٍ أخرى في ظروف يُرثى لها. لم يكن لديهم أي خيار آخر؛ فقد تدمر منزلهم بالكامل وكانت الشوارع مليئة بالحطام وبجثث بشرٍ وحيوانات متعفنة. كانت الرائحة نتنة.
وبدعمٍ من خدمة الطرود المتحدة، قدّمت المفوضية لبارتوليمي وعائلته مصباحاً يعمل بالطاقة الشمسية وأوانٍ للمطبخ وفرشاً وخيمة لتساعدهم على الانتقال من السفينة. وساهمت شركة الشحن والخدمات اللوجستية، باعتبارها واحدة من أبرز شركاء المفوضية من الشركات، بتقديم مبالغ مالية كبيرة للاستجابة الفورية والمساعدة على التعافي على المدى الطويل.
وقال بارتوليمي: "أنا ممتن حقاً للمفوضية. لقد قدّموا لنا خيمةً عندما توقفوا بجانب السفينة، ليس لنا فحسب بل قدموا الخيام أيضاً لناجين آخرين في أنحاء المقاطعة. لا أستطيع تصوّر ما ستكون عليه ]مدينة[ تاكلوبان لولا المفوضية والمنظمات الأخرى".
ما زالت البارجة جزءاً من الحي الذي يعيش فيه بارتوليمي، وهي تذكّره بأحداث الماضي المروعة. وبفضل الدعم الذي حصل عليه من خدمة الطرود المتحدة والمفوضية، استعاد قوّته سريعاً وتمكن من إعادة بناء منزله في وقت قصير. يقول بارتوليمي بفخر: "قلتُ إنّنا سنعود إلى منزلنا بحلول العام الجديد وكنتُ محقاً".
بقلم ماريانا برغمان في تاكلوبان، الفلبين