سوريون يهربون من القصف في لبنان إلى البلد الذي فروا منه ذات يوم
سوريون يهربون من القصف في لبنان إلى البلد الذي فروا منه ذات يوم
اضطرت فضيلة، وهي أرملة تبلغ من العمر 28 عاماً، للفرار من مسقط رأسها البوكمال في محافظة دير الزور الواقعة شرق سوريا عندما تصاعد القتال هناك. وعلى أمل حماية أبنائها الخمسة وابنتها من فوضى الحرب، وجدت مأوى لها في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت.
لكن مسكنهم الآمن تحول إلى مكان خطير قبل أسبوعين، وذلك عندما بدأت الغارات الجوية الإسرائيلية تضرب عشرات البلدات في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك الضاحية الجنوبية لبيروت.
وقالت: "عندما حدث القصف، كنت أصلي وكان أطفالي نائمين. جلست، وصرت أرتجف بشكل لا يمكن السيطرة عليه، غير قادرة على الوقوف بسبب الخوف. كنت خائفة على أطفالي أكثر من نفسي".
هروب مذعور
أسرعت بأطفالها إلى خارج المنزل، بعضهم دون كامل ملابسهم، في الوقت الذي تعرض فيه المبنى المقابل لهم لغارة جوية وانهار.
وبعد أن توجهت في البداية في حالة من الذعر نحو الساحل، غيرت فضيلة اتجاهها لتسلك الطريق البري إلى الحدود السورية حيث اتصلت بابنة عمها أم مسعود التي تعيش في العاصمة دمشق.
وقالت: "أخبرتها أنني على الحدود بدون مال للوصول إلى هناك. قالت لي إنها لا تملك الكثير لكنها أكدت لي أنها ستأتي".
من أجل الوفاء بكلمتها، اقترضت أم مسعود المال لاستئجار سيارة إلى الحدود وأخذت فضيلة وأطفالها بالإضافة إلى عائلتين أخريين كانتا مسافرتين معهم.
وقالت: "أين يمكنهم الذهاب؟ لقد أحضرتهم إلى هنا ورحبت بهم. يحتاج الناس إلى دعم بعضهم البعض في هذا الوقت".
اختتم المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي زيارته إلى سوريا يوم الثلاثاء بالدعوة إلى زيادة الدعم الدولي لجميع أولئك الذين أجبروا على الفرار من الصراع المتصاعد في لبنان، بما في ذلك السوريين والمواطنين اللبنانيين وغيرهم من الجنسيات. وتشير التقديرات إلى أن نحو 250 ألف شخص عبروا الحدود إلى سوريا منذ 23 سبتمبر، أغلبهم ــ نحو 70 بالمائة ــ من السوريين مثل فضيلة، والذين كانوا قد فروا من قبل إلى لبنان.
وقال غراندي من معبر جديدة يابوس الحدودي: "لقد ذهبوا إلى لبنان هرباً من الحرب في سوريا، وهم الآن يعودون إلى سوريا هرباً من الحرب في لبنان. هذه أوقات استثنائية حقاً، وهي أوقات تحتاج إلى اهتمام المجتمع الدولي".
مع تدمير الطريق الرئيسي الذي يربط الجانبين اللبناني والسوري من المعبر الحدودي بسبب غارة جوية إسرائيلية، يعبر العازمون على الفرار من القصف في لبنان سيراً على الأقدام مع أطفالهم وأي حاجيات يمكنهم حملها.
توفر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الأخرى، الغذاء والماء والبطانيات للوافدين، فضلاً عن تقديم المشورة لهم بشأن التوثيق والإجراءات الإدارية، ولكن هناك حاجة ماسة إلى المزيد من التمويل.
وقال غراندي، الذي التقى لاحقاً بفضيلة وأم مسعود في دمشق: "يأتي التدفق الجديد في وقت يعيش فيه ملايين السوريين في ظروف صعبة ويحتاجون هم أنفسهم إلى المساعدة الإنسانية. يجب علينا زيادة الدعم للوافدين الجدد والمجتمعات المضيفة والضعيفة التي تستقبلهم".
تستضيف الآن أم مسعود ـ وهي نفسها من النازحين داخلياً في سوريا ـ أولئك الفارين من الحرب في لبنان. ورغم أن شقتها الصغيرة المستأجرة في حي التضامن بدمشق مكتظة بثلاث أسر بالإضافة إلى أسرتها، ولا يوجد سوى القليل من الطعام للجميع، فقد قالت: "لقد ساعدتهم لأنني مررت بنفس الظروف التي يمرون بها الآن".