طالب لجوء سوداني في رواندا يتحدث عن تجربته وآماله
يشعر هؤلاء اللاجئون الذين تم إجلاؤهم إلى رواندا بعيداً عن الاحتجاز في ليبيا وهرباً من الضرب والابتزاز والتعذيب والاغتصاب بالارتياح الآن بعدما بات بإمكانهم التواصل مجدداً وبأمان مع الأهل.
يجرون إتصالاً بسيطاً بأحبائهم في الوطن والذين كانوا يخشون من أن يكونوا قد ماتوا بعدما فقدوا الاتصال بهم.
لم يتحدث محمد داوود علي، وهو لاجئ من إقليم دارفور بالسودان، إلى والدته خلال العامين اللذين قضاهما في مركز للاحتجاز في ليبيا. فقد غادر دارفور وتوجه إلى ليبيا على أمل عبور البحر الأبيض المتوسط والوصول إلى أوروبا ولكنه لم يتمكن من الخروج منها.
"لم تسر الأمور أبداً كما كنت آمل"
يأخذ محمد نفساً عميقاً ويتصل برقم أرسله إليه أحد أقربائه على فيسبوك. كانت تلك المرة الأولى منذ اعتقاله التي يتمكن فيها من التواصل بحرية مع أحد ما.
يسمع محمد صوت امرأة وهو يجلس على درج خارج مكان إقامته الجديد في مرفق عبور اللاجئين في غاشورا، الواقع في جنوب شرق رواندا، ضاغطاً هاتفه المحمول على أذنه، ويقول: "مرحباً يا أمي"، لتجيب والدته: "مع من أتحدث؟".
"أنا، محمد..."
لتتساءل والدته من باب التأكد: "محمد داوود؟ كيف حالك يا محمد؟".
محمد هو واحد من مئات اللاجئين الذين وصلوا إلى رواندا من ليبيا منذ شهر سبتمبر بواسطة رحلات إجلاء نظمتها المفوضية والتي ساعدت حتى الآن 2,250 لاجئ وطالب لجوء على مغادرة ليبيا في عام 2019، بما في ذلك 840 شخصاً ممن تم إعادة توطينهم في دولة ثالثة.
- اقرأ أيضاً: المفوضية تجلي مجموعة جديدة من اللاجئين من ليبيا
لقي أكثر من 1,000 شخص حتفهم وهم يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط هذا العام. يمكن للمكالمات الهاتفية كالتي أجراها محمد أن تبث السعادة في نفوس أفراد الأسرة الذين ينتابهم القلق والذين يخشون بأن يكون أحبائهم قد ماتوا.
يقول محمد، والدموع تنهمر على وجهه: "أنا في رواندا يا أمي، والأمور لم تسر أبداً كما كنت آمل".
"قالت لي أمي، هذا ليس مكاناً آمناً لك"
فر طالب المحاسبة البالغ من العمر 32 عاماً من دارفور، وهو الإقليم الواقع في غرب السودان وقد تعرض للدمار بفعل الصراع منذ عام 2003 عندما حمل متمردون السلاح ضد الحكومة. حثته والدته على المغادرة بعد اعتقاله خلال احتجاج طلابي وأفرج عنه بعد أن تلقى تحذيراً بعدم التحدث أبداً عن دارفور.
ويستذكر مممد قائلاً: "قالت لي أمي هذا ليس مكاناً آمناً لك، وما عليك سوى العثور على مكان آمن وإلا فقد تتعرض للقتل. وبالفعل فقد قُتل العديد من الطلاب".
جمعت عائلته القليل من المال لإرساله إلى مكان آمن ليبدأ رحلته بالتوجه إلى مصر وبعدها إلى ليبيا.
غالباً ما يتعرض الأشخاص الذين يدخلون إلى ليبيا أو يحاولون مغادرتها دون وثائق صالحة لخطر الاعتقال والاحتجاز. وقد حاول محمد عبور البحر الأبيض المتوسط على متن أحد القوارب، لكنه قُبض عليه في رحلته عبر العاصمة الليبية طرابلس.
وقال: "عندما وصلنا [إلى مركز الاحتجاز]، كان هناك أشخاص لم يروا الشمس منذ عام كامل. يقولون لك بأنك عبد وينهالون عليك بالضرب، كما لا يوجد هناك طعام".
هناك حوالي 2,500 لاجئ وطالب لجوء من القابعين في مراكز الاحتجاز في ليبيا، وذلك وفقاً لمعلومات المفوضية. وقد تم إجلاء نحو 306 أشخاص إلى رواندا بموجب اتفاق بين حكومتها والمفوضية والاتحاد الإفريقي.
تم عرض أمثلة عن مثل هذا التضامن في المنتدى العالمي للاجئين في جنيف في وقت سابق من هذا الشهر، والذي جمع ما بين الحكومات والمنظمات الدولية والسلطات المحلية والمجتمع المدني والقطاع الخاص وأعضاء المجتمع المضيف واللاجئين أنفسهم لمناقشة أفضل السياسات التي من شأنها حماية اللاجئين ومساعدتهم ومضيفيهم على الازدهار وإيجاد حلول دائمة.
يقدم محمد الآن المساعدة في مجال الترجمة العربية في مركز العبور ويقول بأنه سعيد في رواندا لكنه يأمل في إعادة توطينه في بلد آخر لبدء حياة جديدة.
يقول: "ما زالت الأمور على حالها هناك، ولا أستطيع العودة. يجب أن أتابع تعليمي وأن أعمل بجد لمساعدة شعبي - هذا هو أملي الآن".