المساعدات النقدية تخفف من حدة الآثار الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا في الأردن
المساعدات النقدية تخفف من حدة الآثار الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا في الأردن
عندما تأكد وجود أول حالة إصابة بفيروس كورونا في الأردن في شهر مارس، تسمرت اللاجئة السورية تهاني أمام التلفاز مع أسرتها والقلق ينتابها من أن تؤثر الأزمة على صحتهم. ولكن مع استمرار عمليات الإغلاق وتشديد الإجراءات الأخرى الهادفة لاحتواء الفيروس، فقد طالهم بشدة التأثير الاقتصادي للوباء.
خسرت تهاني عملها المتقطع في تنظيف المنازل بسبب القيود المفروضة على الحركة وخوف السكان المتزايد من الفيروس. في غضون أسابيع، تلاشت حالة الأمان النسبي الذي أمضت وعائلتها وقتاً طويلاً من العمل على ترسيخه منذ الفرار من سوريا قبل تسع سنوات.
وأوضحت قائلة: "الوضع ليس مستقراً، لكن العمل هو العمل، ونسعى جاهدين لتدبر أمورنا الحياتية. في شهر مارس، بقيت بلا عمل. كان الناس متوترين للسماح لي بالمجيء وتنظيف منازلهم. لم أكن أعرف ماذا أفعل".
تتحدر تهاني من درعا جنوب سوريا، وقد اضطرت للفرار من منزلها وهي في السابعة عشرة من عمرها لتستقر مع عائلتها في مدينة إربد شمال الأردن. في البداية، كانت خائفة من العالم الجديد الذي وجدت نفسها فيه فجأة، وقالت: "في العام الأول كنت أخاف من الخروج".
"الوضع ليس مستقراً، لكن العمل هو العمل، ونسعى جاهدين لتدبر أمورنا الحياتية"
ولكن بتشجيع من صديقاتها وعائلتها، فقد وجدت الدافع للاستمرار بشكل تدريجي. من تنظيف منازل جيرانها إلى التسجيل في دورة تدريبية في الشعر والتجميل، عملت تهاني في مجموعة متنوعة من الوظائف لتأمين دخل لأسرتها على مدار السنوات التسع الماضية.
لكن مع ظهور جائحة كورونا، فقد تعرض فجأة كل ما أسسته للخطر. لذلك، فقد تم تحديد تهاني وعائلتها في شهر مايو من بين المجموعة الأولى من اللاجئين في الأردن والذين يعتبرون من بين الفئات الأكثر ضعفاً لتلقي مساعدة نقدية طارئة من المفوضية خاصة بفيروس كورونا.
منذ ذلك الحين، تم توزيع 25.4 مليون دولار أمريكي من المساعدات النقدية الطارئة على ما يقرب من 51,000 أسرة لاجئة. وقد حصل معظم المستفيدين على ثلاث دفعات منفصلة مع استمرار التأثير المالي للأزمة.
يكشف تقرير جديد للبنك الدولي ومفوضية اللاجئين نُشر هذا الأسبوع تأثير وباء فيروس كورونا على دفع اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة لهم في كل من الأردن ولبنان وإقليم كردستان العراق نحو هاوية الفقر.
وقد خلص التقرير إلى أن ما يقدر بنحو 4.4 مليون شخص في المجتمعات المضيفة، وما يقرب من مليون لاجئ سوري، و 180 ألف عراقي من النازحين داخلياً في إقليم كردستان العراق، قد وقعوا تحت خط الفقر منذ بداية الأزمة الصحية.
في الأردن، ارتفعت معدلات الفقر بنحو 38 في المائة في صفوف الأردنيين، و18 في المائة بين اللاجئين السوريين. وتفسر النسبة الأصغر من اللاجئين السوريين الذين يقعون في براثن الفقر حقيقة أن الكثيرين كانوا يعيشون أصلاً تحت خط الفقر قبل الأزمة، مما يحد من إمكانية وقوعهم إلى ما دون ذلك.
ويشير التقرير أيضاً إلى أن وجود أنظمة راسخة لتسجيل اللاجئين وتسليم المساعدات النقدية قبل تفشي الوباء قد مكن منظمات مثل المفوضية من توسيع نطاق استجابتها بسرعة وتخفيف بعض من أسوأ الآثار على الفئات الأكثر ضعفاً.
مع توقع استمرار الآثار الاقتصادية السلبية المترتبة على الأزمة خلال عام 2021 وربما بعد ذلك، فإن توسيع نطاق الدعم الإنساني مثل المساعدات النقدية للمفوضية وبرنامج الدعم النقدي "تكافل" التابع للحكومة الأردنية والموجه للأردنيين الأكثر ضعفاً يعتبر أمراً ضرورياً لتفادي ارتفاع آخر في معدلات الفقر.
"بسبب الإغلاق، فإن راتبي يكون أقل في بعض الأحيان لأنني لا أستطيع العمل"
بالنسبة لتهاني، فقد كانت المساعدة بالنسبة لها بمثابة طوق نجاة في أكثر الأوقات صعوبة: "المساعدة النقدية لم تكن كافية بالنسبة لنا لتحقيق كل أحلامنا، لكنها كانت كافية. لقد ساعدتني على سداد بعض الديون ومنحتني راحة البال للاستمرار".
على الرغم من عدم قدرتها على العمل أثناء فترة الإغلاق، فقد التحقت تهاني ببرنامج تدريب وظيفي بتنظيم من المفوضية وشريكتها المحلية مؤسسة نهر الأردن. في شهر أغسطس، وبعد إكمال شهرين من الدورات التدريبية عبر الإنترنت وبمساعدة مؤسسة نهر الأردن، فقد وجدت تهاني عملاً لها في مطعم محلي للمنسف.
على الرغم من ذلك، فإنها لا تزال تشعر بتأثير الوباء: "تم إلغاء حفلات الزفاف، لذا فإنه لم يعد يطلب أحد كميات كبيرة من المنسف، وبسبب الإغلاق، فإن راتبي يكون أقل في بعض الأحيان لأنني لا أستطيع العمل في تلك الأيام".
سيستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تعود معدلات الفقر في الأردن إلى مستويات ما قبل وباء فيروس كورونا، مما يعني أوقاتاً أكثر صعوبة بالنسبة للاجئين المسجلين من سوريا ودول أخرى والبالغ عددهم 750,000 شخص، والذين يعيشون هناك حالياً.
وبعدما حصلت على الدعم عندما كانت في أمس الحاجة إليه، تأمل تهاني أن تعود الحياة قريباً إلى طبيعتها، وأن يقيم السكان حفلات الزفاف وأن يشتروا المنسف، لتتمكن هي وعائلتها مرة أخرى من إعالة أنفسهم.