العد التنازلي لريو 2016: الفريق الأولمبي للاجئين يستعد لظهوره التاريخي
العد التنازلي لريو 2016: الفريق الأولمبي للاجئين يستعد لظهوره التاريخي
سافر اللاجئون العشرة الذين صنعوا التاريخ كأول فريق أولمبي للاجئين على الإطلاق إلى البرازيل للمنافسة في دورة الألعاب الأولمبية لعام 2016 في ريو دي جانيرو. يضم الفريق سباحين سوريين ولاعبي جودو من جمهورية الكونغو الديمقراطية وعداء ماراثون من إثيوبيا وخمسة عدائين في المسافات المتوسطة من جنوب السودان.
قبل انطلاق المسابقات الأولمبية، تدرب الرياضيون بشكل صارم، وحزموا أمتعتهم وسافروا إلى القرية الأولمبية. تابعت المفوضية الرحلات المختلفة التي قام بها الرياضيون، وجمعت ردود فعل بعض أكبر المعجبين بهم في هذه المدونة.
الجمعة، 5 أغسطس
وسط تصفيق صاخب وحفاوة بالغة، سطّر عشرة لاجئين رياضيين أسماءهم في التاريخ مساء يوم الجمعة لدى دخولهم ملعب ماراكانا الشهير خلال افتتاح دورة الألعاب الأولمبية لعام 2016 في ريو.
قادت روز ناتهيك لوكونين، وهي عداءة من جنوب السودان تبلغ من العمر 32 عاماً، أول فريق أولمبي للاجئين على الإطلاق لدخول الملعب خلف راية اللجنة الأولمبية الدولية، وسط هتافات الدعم التي أطلقها الجمهور المتحمس.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد بعث برسالة دعم إلى اللاجئين الرياضيين قبل وقت قصير من دخولهم إلى أرض الملعب قبل الوفد البرازيلي المستضيف.
وقال: "الليلة، سيقف أول فريق للاجئين أيضاً أمام العالم ويثبت أنه يستطيع النجاح بغض النظر عن بلد المنشأ".
وتحدث المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي عن شعورة إزاء الاستقبال الذي قدمه الجمهور لفريق اللاجئين، وقال: "كنت متوتراً جداً بانتظارهم وكنت فعلاً، كيف يمكنني قول ذلك، مليئاً بالآمال حول الطريقة التي سيتفاعل فيها الحشد، الحشد الكبير في ملعب ماراكانا، ويجب أن أقول بأنني لم أشعر بخيبة أمل لأنَّ المتحدث عندما أعلن عن فريق اللاجئين بثلاث لغات، وقف الجميع وصفقوا. وذلك دليل على قوة التضامن ليس في هذا البلد فحسب، بل في كل أنحاء العالم".
انطلق حفل الافتتاح بعرض مذهل للفن والثقافة البرازيلية. ومع ما يقدر بمليار مشاهد حول العالم، عرضت البرازيل موسيقاها ورقصها الشهيرين.
بدأ الحفل بعرض صوتي وضوئي مذهل يُظهر أصول الحياة في الغابات البرازيلية، مع وصول المستكشفين البرتغاليين على سفن شراعية بين قبائل السكان الأصليين، تبعه مقطع يصور وصول ملايين الأفارقة خلال أكثر من 400 عام.
واستمر الحفل مع عرض لنمو المدن في القرن العشرين، مع لوحات رقص مصممة بإتقان شارك فيها الرياضيون بأداء الحركات البهلوانية على حواجز مكدسة تشبه ناطحات سحاب. وانتهى العرض بتحذير عن مخاطر الاحتباس الحراري العالمي.
بدأ العد العكسي. بضع ساعات فقط وتنطلق المسابقات، لكنّ الجو في ملعب ماراكانا حماسي للغاية منذ الآن.
ثم قادت روز ناتهيك لوكونين أول فريق أولمبي للاجئين إلى ملعب ماراكانا الشهير.
وقالت للمفوضية أثناء مقابلة أجريت معها مؤخراً: "أنا متحمسة جداً. إنها الفرصة الأولى التي يحصل عليها اللاجئون للمشاركة في الألعاب الأولمبية، وهي تعطينا الأمل لتشجيع الأجيال الشابة من نظرائنا اللاجئين الذين بقوا في المخيمات ربما لتنمية مواهبهم".
وتقول روز التي نشأت مذ كانت في الثامنة من العمر في مخيم كاكوما للاجئين النائي في شمال كينيا بأن الحياة هناك كانت صعبة. لكنها تغلبت بمساعدة الآخرين على العديد من التحديات وأصبحت مثالاً للاجئين الآخرين في كل أنحاء العالم حول ما يمكن تحقيقه.
وأضافت: "على الرغم من أننا نواجه التحديات، نحن سعداء حقاً لأن المفوضية هي التي تقدم لنا التسهيلات والاحتياجات الأساسية والمأوى والطعام. نحن حقاً سعداء. والأمر مماثل مع التعليم، فالمفوضية تقدم ذلك للاجئين".
في تلك الأثناء، انضم البابا إلى ملايين الأشخاص حول العالم متمنياً التوفيق للفريق الأولمبي اللاجئين.
ستحمل روز العلم الأولمبي وسترافق زملائها في الفريق إلى ملعب ماراكانا أمام وفد البلد المستضيف البرازيل. فرت العداءة الشابة من الحرب في جنوب السودان في عام 2002 وهي جزء من مؤسسة تيغلا لوروب للسلام. تم تكريم الرياضيين منذ وصولهم إلى ريو للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية. يوم الخميس، زارهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. تمنى لهم التوفيق وقال بأنهم يصنعون التاريخ للاجئين في كل أنحاء العالم.
بعد ذلك، استمتعوا ومرحوا في حفل ترحيبي أُقيم للفريق مع آخرين في القرية الأولمبية.
الأربعاء، 3 أغسطس
وصلت الشعلة الأولمبية إلى ريو دي جانيرو في قارب.
طوال رحلتها الطويلة إلى ريو، حمل اللاجئون في أحيان كثيرة الشعلة.
الثلاثاء، 2 أغسطس
شكر كل من يُسرا مارديني البالغة من العمر 18 عاماً وييتش بور بييل البالغ من العمر 21 عاماً اللجنة الأولمبية الدولية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لمساعدتهما على حضور الألعاب الأولمبية لعام 2016 في ريو كعضوين في أول فريق للاجئين.
تحدث الاثنان بشكل مؤثر عما عنته لهما هذه المناسبة وشكرا أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية خلال اجتماع لهم على إقامة هذا الحدث الرائد.
قالت يسرى التي كانت في مثل هذا الوقت من العام الماضي تسبح لإنقاذ حياتها عندما بدأ القارب المطاطي الذي صعدت على متنه للعبور من تركيا إلى اليونان بالغرق: "شكراً لكم (أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية) لكونكم هنا اليوم، وللقرار الذي اتخذتموه... مما سمح لنا بأن نكون هنا في هذا الحدث السلمي الذي هو الألعاب الأولمبية. شكراً لكل من أعطانا الفرصة لنكون هنا ونتابع تحقيق أحلامنا".
قدّم رئيس اللجنة الأولمبية توماس باخ أعضاء الفريق العشرة واحداً تلو الآخر إلى جميع أعضاء اللجنة، وأشاد بالمفوضية لوقوفها إلى جانب الرياضيين ومساعدتها على تأسيس الفرق من خلال شراكة وثيقة مع اللجنة الأولمبية الدولية.
وقال باخ، الذي لقي تصفيقاً حاداً: "شكراً جزيلاً للمفوضية. بدون مساعدتها لما كان اختيار (اللاجئين) وتدريبهم وسفرهم ممكناً ليكونوا هنا اليوم. تُعتبر مشاركتهم في الألعاب الأولمبية بادرة أمل لجميع اللاجئين في العالم. فهم لا يملكون بلداً ولا علماً للمنافسة. لكنهم اليوم حصلوا على ذلك".
وأضاف باخ: "قدمنا لهم أيضاً منزلاً في القرية الأولمبية. سيجعل الفريق الأولمبي للاجئين العالم يدرك بشكل أفضل قضية اللاجئين، ويوضح أن بإمكان أي شخص المساهمة بازدهار المجتمع".
وقال ييتش بور بييل الذي كان لاجئاً طوال نصف حياته، بأنه يعتبر أن اللجنة الأولمبية الدولية والمفوضية بمثابة والديه اللذين بالكاد عرفهما.
وأضاف: "يعتقد الاشخاص بأننا لا نفعل شيئاً في مخيم اللاجئين، لكننا نقوم بالكثير. ولا يمكننا أن ننسى ما فعلته اللجنة الأولمبية الدولية والمفوضية، فهما كانتا كأمنا وأبينا. ونشعر بأننا ننتمي إلى المجتمع، كأشخاص مساويين للأخرين. وتعتبر دورة الألعاب الأولمبية بداية حياتنا التي ستتغير إلى الأبد. شكراً لكم".
الاثنين، 1 أغسطس
يوم آخر مليء بالإثارة في ريو.
شهد اليوم تدشين جدارية الهدنة الأولمبية ووصول آخر عضو في الفريق الأولمبي للاجئين إلى ريو. غنت جوقة من الأطفال اللاجئين الذين يعيشون في البرازيل، وقد نظم الفرقة شريك محلي (المنظمة غير الحكومية البرازيلية، "أعرِفُ حقوقي") أغاني السلام في هذا الحدث، وحضره رئيس اللجنة الأولمبية الدولية ونوابه وعمدة مدينة ريو دي جانيرو وممثلو الحكومة البرازيلية والرياضيون.
يعود تاريخ الهدنة الأولمبية، وهو تقليد نشأ من اليونان القديمة، إلى القرن الثامن قبل الميلاد. في عام 778 قبل الميلاد، أُعلن عن هدنة قبل الألعاب الأولمبية وأثناءها لضمان عدم مهاجمة دولة المدينة المضيفة (إليس)، وكي يتمكن الرياضيون والجمهور من السفر بأمان إلى الألعاب والعودة بسلام إلى بلدانهم. خلال فترة الهدنة التي استمرت حتى ثلاثة أشهر، تم تعليق الحروب، وحظرت الجيوش من تهديد دورة الألعاب، وتوقفت المنازعات القانونية، ومُنِعت عقوبة الإعدام.
وقال رئيس اللجنة الأولمبية توماس باخ: "يقدّم هؤلاء الرياضيين مثالاً عن التعايش السلمي في العالم. وهم يظهرون أنه من الممكن المشاركة في المنافسة والعيش بسلام معاً في الوقت نفسه. وهذه هي الروح الحقيقية لوحدة الأولمبياد وتنوعها".
وأضاف: "نحن نتبادل قيم السلام والتضامن مع الأمم المتحدة. ولهذا السبب أعلنا عن إنشاء أول فريق أولمبي للاجئين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام الماضي. الفريق إشارة أمل لجميع اللاجئين في العالم".
وتابع: "هذه الجوقة تمنحنا الأمل للمستقبل وتلهمنا للعمل أكثر من أجل فهم أفضل لهؤلاء الأطفال، حتى يتمكنوا من العيش في عالم سلمي".
يوناس كيندي، العضو الأخير في الفريق الأولمبي للاجئين المؤلف من 10 أعضاء الذي وصل إلى ريو، انضم الآن إلى الرياضيين الآخرين في القرية الأولمبية. سيتم تقديم الفريق رسمياً أمام جميع أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية يوم الثلاثاء. يوناس البالغ من العمر 36 عاماً، من إثيوبيا، هو عداء ماراثوني، يقيم حالياً في لوكسمبورغ.
في وقت لاحق، بدأت يسرا ورامي بدورة تدريبية شاقة في حوض السباحة.
ومع ذلك، على الرغم من كل الفرح والابتسامات هنا، فإن المشاعر أيضاً تختلط عندما يتذكر أعضاء الفريق الأولمبي للاجئين رحلاتهم الطويلة والمؤلمة في كثير من الأحيان وصولاً إلى ريو. لم ير بوبول عائلته منذ 18 عاماً.
الأحد، 31 يوليو
في مؤتمر صحفي عُقِد يوم الأحد، تحدث الرياضيون الخمسة من جنوب السودان بشكل عاطفي عن الصراع الذي جعلهم يغادرون بلادهم وهم أطفال ويهربون إلى مخيم كاكوما للاجئين حيث نشأوا مع القليل جداً، لكنهم جميعاً أعربوا عن أملهم في أن يتمكنوا يوماً من التنافس تحت علم دولتهم.
قالت روز لوكونيان البالغة من العمر 32 عاماً: "لن نكون لاجئين إلى الأبد، على ما أعتقد".
خلال استراحة من تدريبهم، انضمت يسرا وجيمس وأنجلينا إلى زملائهم في رحلة خاصة لمشاهدة معالم المدينة في ريو.
السبت، 30 يوليو
انهمرت الدموع اليوم عندما التقى أعضاء فريق اللاجئين بالصحافة العالمية وتحدثوا عن معنى المشاركة في أول فريق أولمبي للاجئين.
وقال السباح السوري رامي أنيس في مؤتمر صحفي: "الألعاب الأولمبية هي أهم حدث رياضي في العالم، وأنا فخور جداً. لكنني حزين أيضاً لأنني لا أمثل بلدي، ولكنني أمثل الأشخاص الذين فقدوا كل شيء".
تذكرت السباحة السورية يسرا مارديني وصولها إلى ألمانيا بدون أي شيء: "لم أكن أملك شيئاً: لا قبعة، لا بدلة سباحة، لا شيء".
وعبر كذلك لاعب الجودو الكونغولي يولاند مابيكا، الذي يعيش في البرازيل، عن حزنه: "يقول الجميع بأن لا أهمية للاجئين. لكننا سنبرهن أنَّ اللاجئين قادرون على فعل أي شيء يريدونه"
في وقت باكر من يوم السبت، انطلق الفريق في أول رحلة له إلى أحد أكثر المواقع شهرة في العالم، وهو تمثال "كوركوفادو" في ريو. قبل أسبوع واحد فقط من بدء دورة الألعاب الأولمبية لعام، ترتفع درجة الحماس.
الوصول إلى ريو
وجد أعضاء فريق اللاجئين السودانيون الجنوبيون الخمسة حشداً كبيراً في انتظارهم في مطار ريو حيث حظيوا باستقبال حار! كونوا الصداقات ورحب بهم الجميع حتى قبل مغادرتهم المطار.
وأفاد موظفو المفوضية الذين سافروا معهم بأنهم كانوا متحمسين ومبتهجين من ردود فعل الناس، لكنهم يدركون أنَّ الكثير من العمل الشاق ينتظرهم. وبدأوا يتدربون مجدداً ما إن قاموا بتفريغ حقائبهم.
السباحان في الفريق الأولمبي للاجئين وكلاهما من سوريا. سبق لرامي ويسرا أن التقيا في ريو:
كان شرفاً عظيماً التعرف على هؤلاء الرياضيين والسفر معهم. لقد أمضوا الأشهر القليلة الماضية يتدربون معاً في كينيا وهم مستعدون للركض في أهم سباق في حياتهم. إنهم يدركون تماماً أنهم ينافسون نيابةً عن اللاجئين في جميع أنحاء العالم.
تدربت مجموعة الرياضيين الخمسة من جنوب السودان معاً في كينيا. ومن الواضح أنهم سيظلون معاً في هذه الرحلة المذهلة.
في اليوم الذي صعد فيه الرياضيون الخمسة المقيمون في كينيا على متن طائرة إلى البرازيل، تحدث أعضاء فريق المفوضية الذين كانوا يمضون بعض الوقت مع الرياضيين عن كيفية سير الأعمال التحضيرية للحظات التاريخية المقبلة.
في مطار برلين، ألمانيا، التقينا بالسباحة السورية يسرا مارديني التي كانت تودع أصدقاءها وعائلتها. وكان الأمر مؤثراً.