بالصور: دوغلاس بوث يزور اللاجئين والنازحين داخلياً في العراق

"مرحباً. أنا دوغلاس بوث. في العام الماضي، سافرت إلى جزيرة ليسفوس اليونانية مع المفوضية والتقيت باللاجئين الذين شعروا بأنه ليس لديهم خيار سوى عبور البحر الغادر إلى أوروبا من أجل إيجاد مستقبل أكثر أماناً. أردت أن أفهم أكثر الوضع الذي يواجهه الناس الذين يجبرون على الفرار من ديارهم بسبب الصراع في جميع أنحاء العالم. جئت إلى العراق للالتقاء باللاجئين السوريين والعراقيين الذين نزحوا مؤخراً بسبب القتال في الموصل والذين يعيش 10,000 شخص منهم الآن في مخيم حسن شام الظاهر خلفي. سوف أنشر صوراً وقصصاً من زيارتي إلى هنا على إنستغرام وسيسعدني أن تنضموا إلي في هذه الرحلة"

"حسين هو رب عائلة تعيش حالة من الحزن العميق. ففي الليلة التي خططوا فيها للفرار من الموصل، أي منذ أسبوع واحد، سقطت قذيفة على منزلهم أسفرت عن مقتل أصغر بناته الثلاث. كان اسمها سجا. توفيت متأثرة بجروحها في أحضان والدتها وأمام عيني حسين وشقيقتيها وشقيقها علي. قال لي علي بأن "سجا كانت ذكية جداً، وكان لديها الكثير من الأحلام وأرادت تحقيق الكثير. كانت قد جمعت كل جوائزها وشهاداتها الأكاديمية ووضبت أمتعتها واستعدت للمغادرة، كنا سنتحرر. ولكنها لم تنجُ. أسوأ ما يمكن أن يحدث لك هو رؤية شقيقتك تموت أمام عينيك".

"عبد الله في سنّي. هو عراقي وقد فرّ من الموصل مع أسرته منذ 15 يوماً. بعد عامين من العيش تحت حكم المتطرفين، بدا عليه بوضوح الارتياح والحماس لتحرره من سيطرتهم. أخبرني عن إحباطه لعدم تمكنه من إكمال تعليمه ولاضطراره لتربية لحيته وارتداء ملابس معينة وللضرب والأمور الأكثر سوءاً التي تعرض لها الأشخاص الذين ضُبطت مخالفتهم للقواعد الجديدة، وللفترات التي فقد فيها الأمل والأوقات التي بدت فيها الحياة بلا معنى. ولكنه روى لي أيضاً لحظات التحدي الجميلة التي اختبرها. فقد تزوج بفتاة من قريته وحلق لحيته من أجل المناسبة واحتفلت العائلة خلف ستائر معتمة في المنزل واستمعوا سراً إلى الموسيقى المحظورة".

"تعرفوا على عمار؛ رجل رائع لديه عائلة جميلة ودائمة الابتسام. كان متفائلاً بشأن مستقبل العراق، كان يأمل أن يحل السلام في بلاده وأن يبني العراقيون مستقبلاً آمناً ومريحاً لأطفالهم. يقول بأن العراق مليء بالأشخاص الطيبين واللطفاء. وأضاف بأن العراق الذي يريد العودة إليه هو العراق الذي يعيش فيه المسيحيون والمسلمون والأكراد والأشخاص من جميع الأديان والأعراق معاً ويأكلون معاً ويضحكون معاً".

"جبل من فرش النوم. عندما تصل العائلات الفارة من الموصل إلى المخيمات، تزودها المفوضية "بلوازم الإغاثة الأساسية" التي تحتاج إليها للبقاء على قيد الحياة: خيمة وفرش للنوم وبطانيات وموقد للطهي وأوعية للمياه ولوازم للطبخ والنظافة. عندما تفقد كل شيء في نوبة وفوضى الفرار، عليك أن تبدأ من جديد بالأساسيات. وفي بعض الأحيان، يكفي أن تحصل على حزمة من الأغراض البسيطة والصغيرة لتشعر بكرامتك؛ قطعة صابون وفرشاة أسنان ومعجون أسنان لتشعر بالنظافة من جديد، ومأوى يحافظ على خصوصيتك ويحميك من العناصر الطبيعية، وأدوات لإعداد وجبة لعائلتك".

"أبو محمد وعائلته (الجزء 2) – في الليلة التي انفجرت فيها السيارة المفخخة خارج منزلهم والتي أسفرت عن إصابة عبد الرحمن بجروح وحروق بليغة، غادرت العائلة من دون أن تصطحب شقيقته الصغرى، عزيزة، وسط فوضى الفرار والاضطراب والصدمة. وعندما أدرك أفراد العائلة أن عزيزة لم تكن معهم، كانت عودتهم قد أصبحت مستحيلة نظراً لانقطاع كل الطرق المؤدية إلى المنزل بسبب القتال. ولمدة عامين، لم يعرف أفراد العائلة أي أخبار عن عزيزة وكانوا يتوقعون الأسوأ. ولكن، منذ شهرين، تلقوا اتصالاً من أحد الجيران في سوريا قال لهم فيه بأن عزيزة على قيد الحياة. هذه غولستان، شقيقتها التوأم، تحمل صورة حديثة لها. وتتوق العائلة حالياً لأن يتم لم شملها معها، ولكن يبدو أن العملية ليست سهلة على الإطلاق. ﺗﻘﺪم اﻟﻤﻔﻮﺿﻴﺔ الدعم واﻟﻤﺴﺎﻋﺪة اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ للعائلة، وأﺗﻤﻨﻰ ﺑﺸﺪة أن يجتمع أفراد اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ كلهم من جديد ويعيشوا معاً بأمان ﻓﻲ إرﺑﻴﻞ".

"أبو محمد وعائلته (الجزء 1) - عبد الرحمن، 8 أعوام، يريني الندوب الناجمة عن الجروح والحروق التي تعرض لها عندما انفجرت سيارة مفخخة خارج منزله في سوريا ذات ليلة قبل عامين. هرعت العائلة بعبد الرحمن إلى المستشفى سيراً على الأقدام ومن هناك فروا إلى تركيا للحصول على العلاج الطبي العاجل. ولم يعودوا أبداً إلى ديارهم".

"هناك أكثر من 225,000 لاجئ سوري في العراق و3.2 مليون عراقي إضافي أُجبروا على الفرار من منازلهم بسبب الصراع. يُعتبر الوضع الاقتصادي والأمني ​​في جميع أنحاء البلاد صعباً للغاية. ولكن رغم سماعي قصصاً عن الصعوبات الشديدة والحزن والخسارة والأسى والإحباط، غادرت العراق مع بعض الأمل، وكنت مندهشاً بالسخاء واللطف والتعاطف والتسامح والترحيب الذي أظهره العراقيون من مختلف الأعراق تجاه السوريين وتجاه بعضهم البعض. لقد أُعجبت كثيراً بعمل المفوضية وموظفيها في دعم وحماية العائلات التي يتعين عليها أن تبدأ حياتها من جديد من دون أن ترتكب أي خطأ. لقد ذكرني كل ذلك بأن أي عمل قادر على إحداث فارق جماعي وإيجابي مهما كان صغيراً، وبأننا نستطيع جميعاً القيام بالمزيد".

"أعتقد أن قصة هذه العائلة هي أكثر ما أثر بي. ليس لأن قصتهم مختلفة جداً عن قصص الخسارة والنضال التي رواها الكثير من الأشخاص الآخرين، ولكن لأنهم فقدوا كل أمل. إنهم مرهقون ومنهكون ويكادون يستسلمون أمام الصراع اليومي من أجل البقاء. خالد، الأب، مصاب بالسرطان ولا يستطيع العمل، لذلك تقع مسؤولية إعالة الأسرة على عاتق الفتيين الأكبر سناً، محمود (15 عاماً) ووليد (13 عاماً). يعمل الفتَيان 12 ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع، في حمل وتسليم البضائع والمعدات الثقيلة في السوق المحلي. لا يملكان الوقت للذهاب إلى المدرسة ولا للعب مع الأصدقاء ولا لأي شيء آخر سوى العمل والنوم. قال محمود: "لقد سرقت الحرب كل شيء مني؛ عقلي وأحلامي وآمالي بحياة طبيعية". وعلى الرغم من تلقيهم مساعدة نقدية محدودة من المفوضية، فإنهم بالكاد يتمكنون من تسديد نفقاتهم، وتتزايد ديونهم بسبب الفواتير الصحية للوالد. أخبرتني والدتهما يثرب، بعينين دامعتين، بأن الطفولة قد سُلبت من أبنائها وبأنها تشعر بأنها خذلتهم كأم. هي لم تخذلهم بالطبع؛ فقد حافظت على أفراد العائلة مجتمعين كما أنها تبذل أقصى ما في وسعها وسط ظروف بالغة الصعوبة خارجة عن سيطرتها إلى حد كبير".

"لقد عدت للتو من العراق حيث التقيت بلاجئين سوريين وعراقيين نزحوا مؤخراً بسبب القتال في الموصل. ولتقاسم زيارتي معكم، سأنشر عدداً من الصور والقصص. زوروا @unrefugees للاطلاع على السلسلة الكاملة. شكراً لانضمامكم إليّ في هذه الرحلة. لقد أدهشني لطف وترحيب الجميع في مخيم حسن شام. كان الكثير من الآباء والأمهات في الموصل قلقين جداً بشأن أن يصبح أطفالهم متطرفين أو أن يتعرضوا للاعتداء من قبل المتطرفين، بحيث كانوا يبقونهم داخل المنزل، وخاصة الفتيات من بينهم. أما هنا في حسن شام، فيشعر الآباء للمرة الأولى بالأمان، حتى أنهم باتوا يسمحون لأطفالهم باللعب في الخارج بمفردهم، ولبناتهم بالسير بحرية".