صفوف للدفاع عن النفس تعلم اللاجئات كيفية حماية أنفسهن
قبل أن يؤدي نشاطها إلى تهديدات أجبرتها على الفرار من وطنها اليمن، كانت ليلى، البالغة من العمر 35 عاماً، مدافعة متحمسة عن الناجيات من العنف لأكثر من عقد. وقد تعلمت هي وغيرها من اللاجئات في الأردن الدفاع عن أنفسهن، وذلك بفضل أوّل استوديو للدفاع عن النفس للمرأة في منطقة الشرق الأوسط.
اضطرت ليلى للزواج من رجل رغم إرادتها في سن مبكرة جداً، فصممت على ألا تبقى مكتوفة اليدين فيما تتعرض نساء أخريات لتجارب مماثلة. تقول: "أتذكر جارتي التي تعرضت للضرب من قبل شقيقها لأنها رفضت الزواج. شعرت أن حياتها قد انتهت. رافقتها إلى المستشفى وساعدتها على استئجار منزل بعيداً عن الخطر".
كانت هذه هي الأولى في قائمة طويلة من الأعمال التي عرضت ليلى نفسها للخطر من أجلها، مما اضطرها للهروب إلى الأردن قبل عامين للحفاظ على سلامتها الخاصة: "تلقيت تهديدات يومية، على شكل رسائل، وانتظرني غرباء أكثر من مرة خارج مكتبي. كنت أعلم أنني لن أجد الأمان أينما ذهبت، إذ أن الناس الذين يريدون إسكاتي قادرون على العثور علي بسهولة".
انضمت ليلى إلى صف يضم 25 لاجئة من جميع الأعمار من خمس دول مختلفة في استوديو "شي فايتر" (المقاتلة) في العاصمة الأردنية عمان. تأسس الاستديو في عام 2012 من قبل صاحبة المشروع الأردنية لينا خليفة، وتجمع تقنية "شي فايتر" بين العديد من فنون الدفاع عن النفس وتعلم النساء كيفية الدفاع عن أنفسهن ضد المعتدين، وتبني ثقتهن بأنفسهن في هذه العملية.
"تلقيت تهديدات يومية ... وانتظرني غرباء أكثر من مرة خارج مكتبي"
وقد تم تنظيم هذا الصف من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كجزء من أنشطتها لتمكين النساء خلال حملة الـ16 يوماً من النشاط ضد العنف القائم على نوع الجنس. وتجري الحملة العالمية كل عام اعتباراً من اليوم الدولي لإنهاء العنف ضد المرأة في 25 نوفمبر وحتى يوم حقوق الإنسان في 10 ديسمبر.
وفي هذا العام، اعتمدت المفوضية في الأردن موضوع الحملة العالمية ''لا تتركوا أحدا خلفكم: القضاء على العنف ضد النساء والفتيات" والتي انضمت إلى الجهود العالمية لمكافحة العنف الذي يمكن أن يكون له عواقب مدى الحياة على النساء والفتيات وأسرهن ومجتمعاتهن المحلية.
كان الصف تجربة جديدة لليلى، والتي قضت سنوات عديدة في الكفاح نيابة عن الآخرين. تقول: "لكل شخص هنا قصة، ويمكننا أن نتبادل تجاربنا ونتعلم من بعضنا البعض. يمكن للمعاناة أن تنتج امرأة جديدة. فالمعاناة صنعت مني امرأة جديدة ويمكن للمرأة أن تغير العالم وأن تكون من تريد".
وقالت بتول، وهي مدربة في الاستديو: "بعد انتهاء التدريب، تشعر النساء بمزيد من الثقة والأمان والقوة بدنياً ونفسياً، ويشعرن أنهن على استعداد للدفاع عن أنفسهن من حالات العنف المختلفة". على أحد جدران المركز هناك شعار يقول: تكلمي بصوت عالٍ حتى ولو كان صوتك يرتجف.
على الصعيد العالمي، تتعرض حوالي امرأة واحدة من كل ثلاث نساء لاعتداء جسدي أو جنسي خلال حياتهن، وذلك وفقاً لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وهي هيئة منظمة الأمم المتحدة المعنية بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. وفي أوقات النزوح، تتفاقم مخاطر العنف ضد النساء والفتيات.
ناديا، البالغة من العمر 58 عاماً، هي لاجئة وأستاذة جامعية سابقة من العاصمة العراقية بغداد. لم تتمكن من التدريس خلال أربع سنوات من الحرب، وأجبرت أخيراً على طلب اللجوء في الأردن.
"تمنح صفوف الدفاع عن النفس اللاجئات الثقة بقوتهن"
وقالت: "أنا وحدي وأشعر بالوحدة. عندما تغادر امرأة مطلقة وطنها، يكون بدء حياة جديدة كلاجئة صعب جداً". فاجأت ناديا نفسها في الصف، فوجدت أنها أقوى وأكثر مرونة مما كانت تعتقد. "تعلمت نقاط ضعف المهاجمين، وكانت فرصة جيدة للقاء أشخاص جدد ومناقشة الموضوعات التي تؤثر علينا جميعاً".
بالإضافة إلى تعزيز الثقة واحترام الذات، تعرف ممارسة فنون الدفاع عن النفس أيضاً بأنها تحدّ من التوتر والغضب والإحباط.
وفي عام 2017، عززت المفوضية عملها لمكافحة العنف ضد النساء والفتيات والتصدي له، بما في ذلك من خلال تدابير للتصدي للاغتصاب والاعتداء الجنسي وزواج الأطفال وعنف الشريك والاستغلال الجنسي والإساءة الجنسية.
وأوضحت إميلي بيج، المسؤولة عن العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس التابعة للمفوضية في الأردن قائلة: "تتعرض النساء والفتيات اللاجئات لخطر أكبر من العنف القائم على نوع الجنس بسبب النزوح، حيث يفقدن غالباً شبكة دعمهن في بلد اللجوء ويجدن أنفسهن في وضع اجتماعي واقتصادي صعب".
وأضافت: "إن الاستجابة للاحتياجات الفردية للناجيات أمر ضروري ومنقذ للحياة، ولكن برامج الوقاية التي تركز على تمكين المرأة لها نفس القدر من الأهمية. فتمنح صفوف الدفاع عن النفس النساء اللاجئات الثقة ليؤمنّ بقوتهن. وشجاعتهن مصدر إلهام لنا جميعاً".
تشكل صفوف الدفاع عن النفس جزءاً من حملة أوسع من جانب المفوضية لتمكين النساء والفتيات اللاجئات المعرضات للخطر في جميع أنحاء المنطقة، والحد من مخاطر العنف والاستغلال الذي يتعرضن له. وتشمل الحملة مساعدة نقدية وتدريب على المهارات وتوفير مساحات آمنة.
*تم تغيير الأسماء لأسباب متعلقة بالحماية.