نقل أول دفعة من طالبي اللجوء من اليونان إلى لوكسمبورغ
نقل أول دفعة من طالبي اللجوء من اليونان إلى لوكسمبورغ
أثينا، اليونان، 4 نوفمبر/تشرين الثاني (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)- عند بزوغ الفجر، تجمع 30 طالب لجوء من سوريا والعراق عند بوابة المغادرة في مطار أثينا الدولي يوم الأربعاء، متجهين نحو حياة جديدة في أرض جديدة.
كان الجو حافلاً بالتوقعات، فبالكاد احتوى البعض حماسته، أما البعض الآخر فكان أكثر تحفظاً. شعر الأطفال بالنعاس، لكنهم كانوا هادئين ومبتسمين. ووسط العناق والوداع، التُقطت الصور الأخيرة واجتاز اللاجئون بوابة المغادرة، مخلفين وراءهم أعواماً من الحرب والمشقات.
وقال أبٌ سوري أمسك بإحكام بطاقات الصعود إلى الطائرة الخاصة بأفراد عائلته: "كنت محظوظاً وعائلتي بالنجاة من رحلة الموت على متن قارب من تركيا إلى ليسفوس"، في إشارة إلى الرحلة الخطرة على متن زوارق المهربين من تركيا إلى الجزر اليونانية، والتي قام بها أكثر من 600,000 شخص حتى اليوم في هذا العام، وأودت بحياة أكثر من 200 شخص. "نستعد الآن لرحلتنا نحو الأمل".
والمجموعة التي تضم ست عائلات و19 طفلاً، هي الأولى التي ستُنقل من اليونان إلى لوكسمبورغ في إطار برنامج للاتحاد الأوروبي يُتوقع أن ينقل 160,000 شخص على الأقل من اليونان وإيطاليا إلى بلدان الاتحاد الأوروبي المشارِكة.
وتأتي هذه الرحلة الأولى من اليونان نتيجة جهد تعاوني بقيادة السلطات الوطنية في اليونان ولوكسمبورغ، وبدعم من الوكالات الأوروبية والمنظمات الدولية التي تشمل المفوضية والشركاء الآخرين.
وقال فنسنت كوشيتيل، مدير إدارة أوروبا في مقر المفوضية: "يُعتبر برنامج النقل، وإن كان متواضعاً مقارنةً بالاحتياجات، خطوة أولى هامة في اتجاه نهج شامل لإدارة تدفقات اللاجئين إلى أوروبا استناداً إلى مبادئ التضامن وتقاسم المسؤولية. ونأمل أن تكون عملية النقل الأولى هذه من اليونان بدايةً لنقل مزيد من اللاجئين داخل الاتحاد الأوروبي بطريقة منظمة وآمنة".
قبل يوم من مغادرتهم، أعرب جميع أفراد الأسر المشاركة في أوَّل عملية نقل عن ارتياحهم لوصولهم أخيراً إلى برّ الأمان ورؤيتهم أملاً جديداً للمستقبل. وتحدثوا إلى المفوضية في موقع إقامة مؤقت في إليوناس، أثينا.
وقال أب سوري لثلاثة أطفال: "بعد كل ما عانيته وعائلتي، هذه هي المرة الأولى التي أشعر فيها بالهدوء والأمل بالمستقبل. أريد أن يحصل أولادي على تعليم جيد. جميعهم أذكياء، وحزنت وزوجتي جداً لأنهم لم يتعلموا طوال الأعوام الأربعة الماضية. وأشعر أننا محظوظون كذلك لأننا لم نقم بالرحلة الخطيرة والطويلة عبر البلقان".
وقد دعت المفوضية مراراً الدول الأوروبية لفتح مزيد من القنوات القانونية للاجئين حتى لا يضطروا إلى اللجوء إلى المهربين والمتاجرين. وتضم تلك القنوات المزيد من فرص لمّ شمل الأُسر وإعادة التوطين، بما في ذلك من بلدان اللجوء الأولى، وبرامج الدخول على أسس إنسانية والترتيبات الموسعة للتأشيرات لشمل الطلاب والعمال.
وتقول أمّ سورية لخمسة أطفال: "في الواقع، لم يكن لدينا حياة هناك. كان عليك إمَّا أن تَقْتُل، وإمَّا أن تُقْتَل. لا قيمة للحياة البشرية هناك. ما زال أطفالي عاجزين عن نسيان دوي القنابل. يستيقظون ليلاً، ولا تتراءى أمام أعينهم إلاَّ صور الحرب".
وحين سُئلت عمَّا تطلبه لمستقبل أولادها، أجابت: "ما ترغب به جميع الأمهات- أريد أن أراهم يكبرون وسط السلام والحب".
غادرت المجموعة أثينا عند الساعة 8:30 صباحاً في رحلة إلى بروكسل، ونُقلت بعد ذلك بالحافلة إلى لوكسمبورغ. وستُقيم مؤقتاً في مركز استقبال إلى أن يُنجز ما يلزم من تقييم لاحتياجاتها وتوفير الخدمات الأساسية لها. وبعد بضعة أيام سيتم نقلها إلى مركز إقامة دائمة لطالبي اللجوء إلى أن يُتخذ قرار بشأن الطلبات التي قدمتها.
وفي هذا الصدد، قال كوشيتيل: "نتمنى لهؤلاء اللاجئين كل الخير في حياتهم الجديدة ونأمل أن يحظى المزيد من طالبي اللجوء بفرصة لإيجاد مكان يسمونه وطناً دون أن يواجهوا مخاطر التحركات الثانوية. وفي الوقت نفسه، يجب أن نتذكر أنَّ برنامج النقل يتطلب قدرة مناسبة على استقبال جميع الوافدين وتسجيلهم".
وقد حضر إلى المطار لتوديع اللاجئين رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس ورئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز ووزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبورن والمفوض ديميتريوس أفراموبولوس ووزير سياسات الهجرة بالإنابة يانيس موزالاس. وشارك كذلك ممثلون عن دائرة اللجوء اليونانية والمفوضية والمنظمة الدولية للهجرة والشركاء الآخرين.
بقلم ستيلا نانو في أثينا.