أطفال سوريون يبدأون حياتهم من جديد في المدارس الألمانية
أطفال سوريون يبدأون حياتهم من جديد في المدارس الألمانية
نويبرندنبورغ، ألمانيا، 29 أكتوبر/تشرين الأول (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - تفتح لين باب المدرسة بعد انتهاء درس اللغة الألمانية وتنطلق ركضاً. تبدو سعيدة بمحيطها الجديد على الرغم من هواء فصل الخريف البارد.
تقول لين مشيرةً إلى ما حولها: "أحب أن أكون هنا. فلديّ أصدقاء جدد ومدرسة جيدة و... أنا بأمان". وركضت متوجهةً إلى صف الرقص مرتديةً سترةً وقفازين.
تستمتع الفتاة التي تبلغ من العمر 12 عاماً والقادمة من دمشق، مع شقيقها الأكبر يوسف بفصلهما الدراسي الأول في مدرسة "أم لينديتال" التي تقع في هذه المدينة في شمال شرق ألمانيا بعد نجاتهما مؤخراً من رحلة مروعة من سوريا التي دمرتها الحرب.
فرت العائلة من دمشق ووصلت إلى ألمانيا منذ شهرين وأرسلتها الحكومة للعيش في نويبرندنبورغ.
لين هي من الجيل الذي يُعرف بـ "الجيل الضائع" من الأطفال الذين لم يتابعوا تعليمهم منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011. انضمت إلى 70 لاجئاً وطالب لجوء من الشبان للبدء من جديد في إحدى المدارس في نويبرندنبورغ على أمل تعويض الصفوف التي فاتتها.
وصرّح مارتين رانتش من المفوضية، مشدداً على أهمية الاندماج قائلاً: "يُعطي السوريون أهمية كبيرة للتعليم، ولكن أوضاع اللاجئين التي تزداد سوءاً في البلدان المجاورة لسوريا لها أثر مدمر على تعليم الأطفال، إذ يفوّت مئات آلاف الأطفال اللاجئين الذهاب إلى المدرسة ويوشك جيل كامل على أن يصبح ضائعاً".
ويقود دايفيد تيتز وهو أساذ اللغة الألمانية للمبتدئين خطواتهم الأولى نحو الاندماج. وتمتد الصفوف التفاعلية على مدى أربع ساعات وهي مصممة لتحويل طالبي اللجوء الشباب من بلدان كأفغانستان وسوريا وأوكرانيا إلى أشخاص يتكلمون اللغة الألمانية بطلاقة. ومن المتوقع أن يندمجوا بشكل تام في المنهاج الوطني بعد عامين.
ويتم توجيه العديد من طالبي اللجوء الواصلين إلى ألمانيا هذا العام إلى مدن كنويبرندنبورغ. ويعتبر تعلم اللغة الألمانية ومتابعة الدراسة أمرين أساسيين.
ويتسبب الصراع الدامي المحتدم في سوريا للعديد من الأطفال بالصدمات الجسدية والنفسية. وقال الخبراء أن عدداً كبيراً لم يذهب إلى المدرسة منذ بدء الحرب في عام 2011 الأمر الذي تركهم يهملون دراستهم ويكافحون من أجل مستقبل مستقر.
وقال مارتين رانتش: "قد يكون الأشخاص وصلوا من مناطق الصراع إلى بر الأمان، ولكن ذكرياتهم لا تزال تطاردهم. لذا، تدعو المفوضية إلى تقديم علاج للصدمات على نفقة الدولة للأشخاص المحتاجين إلى الحماية الدولية".
وتعتبر لين ويوسف من بين الأشخاص الذي يعانون من الصدمة. فبعد أن أصابته شظية خلال القصف، لم يستطع يوسف الذهاب إلى المدرسة في سوريا. وقد عانى هو ولين من كوابيس متكررة.
وبعد أن فروا من وطنهم وخسروا سبل كسب عيشهم، صارع الكثير من الآباء الشباب أيضاً للتكيّف مع حياتهم الجديدة في ألمانيا.
وقرر المعلمون في مدرسة "أم لينديتال" الذين يتبعون سياسة "عدم التسامح" في ما يتعلق بلغة الكراهية، أنه يتوجب على الآباء وطالبي اللجوء البالغين أيضاً الانخراط في المدرسة بهدف خلق شعور بالانتماء إلى المجتمع لديهم.
ولم يكن هناك سوى طريقة واحدة وهي تطوعهم كمعلمين. فاسماعيل مثلاً، وهو من إيران، كان مهندساً مدنياً في وطنه وهو يدرّس اليوم الرياضيات والفيزياء. وقال: "يساعدني ذلك في تشغيل ذهني ويفيدني في تنظيم حياتي".
وشرحت أنتجي هوفيرت وهي مدرّسة لغة ألمانية درست في الأردن قائلةً: "غالباً ما لا يعمل الآباء طالبو اللجوء خلال عملية اللجوء، فيبقون في المنزل أو في مراكز الاستقبال ويشعرون بالإحباط. يجب أن تكون مدارسنا أيضاً عبارة عن مراكز اجتماعية ويتعين على الآباء المشاركة أيضاً".
وكانت مروى، والدة لين ويوسف، متطوعة في المجال الصحي عندما اندلعت الحرب في سوريا في عام 2011. درست اللغة الإنكليزية في سوريا وسوف تعلّم الشباب في نويبرندنبورغ.
بقلك ريبيكا موراي في نويبرندنبورغ