شاب أفغاني يرى في التعليم فرصة لإحداث فارق في حياة اللاجئين
شاب أفغاني يرى في التعليم فرصة لإحداث فارق في حياة اللاجئين
إسلام آباد، 30 سبتمبر/أيلول، باكستان، (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - تختبر الحياة الطالب عبد الجليل، وهو لاجئٌ عمره 30 عاماً من أفغانستان، إلى أقصى الحدود. فهو يعمل بين 18 و19 ساعة يومياً.
يبدأ يومه عند الساعة الثامنة صباحاً في الجامعة التي يدرس فيها وينتهي عند الساعة الثالثة فجراً في مصنع صفائح الأرضيات الذي يعمل فيه.
فرّت عائلة جليل من منطقتها قندوز في أفغانستان عام 1986، عندما كان يبلغ من العمر عاماً واحداً، ووجدت ملجئاً لها في محافظة بلوشستان الباكستانية. انتقلت العائلة بعد ذلك إلى العاصمة الإقليمية كويتا بعد أن أمضت ثلاثة أعوام في مخيم للاجئين.
في كويتا، التحق جليل بمدرسة خاصة، ولكن نظراً لدخل والده الضئيل نُقل بعد فترة قصيرة إلى مدرسة رسمية.
يعجز والده المريض، البالغ من العمر 74 عاماً، عن دعم عائلته المؤلفة من سبعة أفراد وحده. فهو لا يزال يعمل كعاملٍ في سوق محلي في كويتا، ولكن عمله يومي وغير مضمون.
يتعين على خليل، وهو الفرد الوحيد في العائلة الذي يجيد القراءة والكتابة، أن يعمل أيضاً لأنه يريد متابعة دراسته التي يحتاج لموارد إضافية من أجلها.
وبفضل منحة من مبادرة ألبرت أينشتاين الأكادمية الألمانية الخاصة باللاجئين (DAFI) التي تدعمها المفوضية، تمكن جليل من الالتحاق بجامعة محلية في العام 2012 لنيل بكالوريوس العلوم في علوم الحاسب الآلي .
سيتخرج في أكتوبر/ تشرين الأول من هذا العام، ويرغب في أن يتم قبلوله لشهادة الماجستير.
قال: "كنت محبطاً للغاية عندما تخرجت من المدرسة الثانوية لأنني لم أستطع تخيل أي وسيلة لمواصلة دراستي والحصول على القبول في الجامعة، إلى أن أخبرني صديق لي عن منحة مبادرة (DAFI) التي تدعمها المفوضية.
وتشكل مبادرة (DAFI) برنامجاً لتقديم المساعدة من خلال المنح الدراسية للاجئين، تموله الحكومة الألمانية وتنفذه المفوضية في جميع أنحاء العالم. والمنح الدراسية للتعليم العالي في الجامعات والمعاهد الفنية، وهي بمثابة شريان الحياة للكثير من اللاجئين المعدمين. والغرض من هذا البرنامج هو مساعدة اللاجئين، مثل جليل، على الاعتماد على ذاتهم من خلال تزويدهم بالمؤهلات المهنية للعمل في المستقبل.
في باكستان، منذ العام 1992 وحتى اليوم، دعمت منح مبادرة (DAFI)، ما يقارب 1200 طالبٍ أفغاني. وهي تسمح للطلاب بتجاوز مستوى التعليم الأساسي من خلال منحهم فرصة الحصول على التعليم الثانوي والجامعي.
وقال إندريكا راتواتي، ممثل المفوضية في باكستان: "إن الاستثمار في تعليم اللاجئين الشباب هو استثمار في مستقبلهم وفي الأجيال القادمة. فالتعليم يعطي لحياة الشباب معنى وأملاً بالمستقبل. يستطيع اللاجئون المتعلمون أن يقودوا عملية إعادة بناء حياتهم ومجتمعاتهم ويقدموا المهارات الأساسية اللازمة لذلك."
يرغب جليل بتكريس حياته للتعليم. يقول: "أريد أن يلتحق كل طفل أفغاني بالمدرسة، لأن هذا هو السبيل الوحيد الذي نستطيع من خلاله تحقيق الازدهار في بلدنا أفغانستان الذي دمرته الحرب".
يعلّم جليل أيضاً في مدرسة محلية للأطفال اللاجئين الأفغان، في فترة ما بعد الظهر، ويعمل ليلاً حتى الصباح الباكر في أحد المصانع. تؤمن له الوظيفتان مبلغ 19,000 روبية (182 دولار أميركي) في الشهر، وهو مبلغ بالكاد يغطي مصاريف عائلته اليومية.
وأضاف جليل: "لا أريد أن يعيش أي طفل صعوبات الحياة التي عانيتها. ولا ينبغي أن يكون الفقر ذريعة لحرمان الأطفال من الحصول على التعليم. ولكن تترك العائلات الأفغانية الفقيرة من دون أي خيار سوى إرسال أطفالها للعمل بدلاً من الدراسة لدعمها مالياً."
يشكل وضع اللاجئين الأفغان أكبر وضع لجوء طال أمده في العالم. وتستضيف باكستان اللاجئين الأفغان منذ أكثر من 35 عاماً. ويمثل اللاجئون الأفغان المسجلون في البلاد والبالغ عددهم 1.5 مليون شخص 14 في المئة من مجموع اللاجئين في جميع أنحاء العالم. وتعد هذه العملية الخاصة باللاجئين الأفغان واحدة من أكبر وأطول العمليات التي نفذتها المفوضية.
واحد من كل خمسة لاجئين في جميع أنحاء العالم هو من أفغانستان وأكثر من 50 في المئة من اللاجئين الأفغان هم من الأطفال.
في المستقبل، يرغب جليل في إنشاء مدرسة للأطفال اللاجئين الأفغان اليتامى في كويتا، الذين يضطرون للعمل كعمال لأن ما من أحد يرعى عائلاتهم.
ويشدد راتواتي على أهمية دور التعليم في إعادة بناء الدول بعد الصراع ويقول: "تمكين الشباب الأفغاني من خلال التعليم وتطوير المهارات هو بناء رأس المال البشري لدولة أفغانستان المستقبلية. ومساعدة الأفغان على العودة إلى ديارهم وتمكينهم من إعادة بناء حياتهم ومجتمعاتهم أمر أساسي للاستقرار في أفغانستان والمنطقة بأسرها".
يقول جليل إنه سعيد لرؤية حكومة الوحدة الوطنية في أفغانستان تعمل جاهدةً للتخفيف من معاناة الأفغان العاديين. مع ذلك، يعتقد أن الطريق لا تزال طويلة لتصل أفغانستان إلى مستوى الدول النامية الأخرى.
ويضيف جليل: "تكافح أفغانستان حالياً البطالة وأمراء الحرب والفساد والانقسامات العرقية. ولكن لا يمكننا أن نتخلص من هذه الشرور إلا من خلال التعليم عالي الجودة، الموفر بالتساوي لجميع الأفغان. لذلك، يجب على المجتمع الدولي أن يستثمر أكثر في التعليم؛ ويؤسس المزيد من المدارس والكليات والجامعات لمساعدة أفغانستان على الوقوف على قدميها من جديد".
كتابة دنيا إسلام خان، إسلام أباد، باكستان