بلد أوروبي صغير يباشر بواحدة من أكبر حملات الحد من انعدام الجنسية
بلد أوروبي صغير يباشر بواحدة من أكبر حملات الحد من انعدام الجنسية
تشيسيناو، مولدوفا، 17 أغسطس/آب (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - كانت ماريا غراندرابورا، البالغة من العمر 74 عاماً، تشعر باليأس؛ ففجأةً لم يعد بإمكانها سحب راتبها التقاعدي الضئيل الذي لا يتخطى 1000 ليو مولدوفي (50 دولاراً أمريكياً).
رفضت السلطات استبدال بطاقة هويتها السوفيتية القديمة. وبسبب حرمانها من حقوق المواطنة، شعرت بالعزلة في منزلها المتواضع الواقع في نهاية طريق ترابي حيث تزرع العنب والكرز والخضار.
تقول الأرملة وعيناها مغرورقتان بالدموع: "لم أكن أملك مكاناً آخر للذهاب إليه". أما اليوم، فهي تملك بطاقة هوية مولدوفية وقد استعادت راتبها التعاقدي، وذلك بفضل الحملة التي تدعمها المفوضية والتي ساعدت في الحد من حالات انعدام الجنسية لـ212,000 شخص ومعالجتها.
حتى أواخر عام 2012، أي بعد 21 عاماً على تفكك الاتحاد السوفيتي، كان هناك أكثر من 220,000 شخص في جمهورية مولدوفا يحملون بطاقات هوية سوفيتية منتهية الصلاحية. وحالهم حال ماريا غراندرابورا، لم يتمكنوا من الحصول على جميع حقوق المواطنة الأساسية كالتصويت أو المساعدة الاجتماعية نظراً لانتهاء صلاحية وثائقهم.
وكررت حكومة هذا البلد المستقل الذي يقع بين أوكرانيا ورومانيا دعوة السكان للحصول على بطاقات الهوية المولدوفية، ولكن لم تنجح الدعوة إلا عندما أطلقت حملة تقدّم فيها بطاقات الهوية الجديدة مجاناً عام 2014. يعيش مسنون كثيرون على مبلغ 1000 ليو مولودفي (حوالي 50 دولاراً أميركياً) في الشهر، ولم يريدوا إنفاق ما قد يصل إلى حوالي 10 دولار أمريكي على بطاقة هوية جديدة.
لقد أصبحت هذه الحملة أكبر حملة أوروبية للحد من حالات انعدام الجنسية ومعالجتها منذ ما يقارب القرن. وبين يناير/كانون الثاني 2013 ويونيو/حزيران 2015 فقط، استفاد 212,000 شخص - أي ما معدله واحد من بين 20 مواطناً من مولدوفا.
وصرّح سيرجيو غاينا، منسق الحماية في المفوضية قائلاً إن "الإرادة السياسية كانت الأساس وقد يتم الاستعانة بهذا المثال في أوضاع أخرى". وكجزء من حملتها بعنوان #أناأنتمي لوضع حد لانعدام الجنسية بحلول عام 2024، قدّمت المفوضية مؤخراً المساعدة في تنظيم زيارة استطلاعية لمسؤولين أرمنيين وممثلين عن منظمات غير حكومية للاستفادة من قصة النجاح في مولدوفا.
وبدعم من المفوضية، حصل المتقاعدون جميعهم على نشرة إعلامية. وأرسلت السلطات فرقاً متنقلة إلى الذين لا يستطيعون القدوم إلى مركز جوازات السفر. وأنشأ شريك المفوضية، جمعية المستشارين القانونيين، خطاً ساخناً للحصول على المعلومات القانونية مجاناً. وأجاب سيرجيو غاينا، الذي كان يعمل في جمعية المستشارين القانويين، على الهاتف عندما اتصلت عائلة غراندرابورا. وساعد المرأة العجوز التي ولدت في بيلاروسيا في الحصول على تأكيد سلطات بيلاروسيا على أنها لا تُعتبر مواطنة في هذه الدولة.
ومع ذلك، رفض مكتب جوازات السفر في مولدوفا إصدار بطاقة هوية مولدوفية جديدة لماريا غراندرابورا بناءً على تعليمات داخلية تتطلب ختماً خاصاً. وجاء هذا الخبر كوقع الصاعقة على الأرملة التي تقول: "فكرت: أنا امرأة مولدوفية وهذا هو بلدي، فأولادي الخمسة وأحفادي الأربعة يعيشون هنا." وهمست وانفجرت بالبكاء مجدداً قائلةً: "اعتقدت أنني خسرت كل شيء. وكنت أبكي".
ولم تكن هذه المفاجأة الوحيدة. فتقول المرأة البالغة من العمر 74 عاماً: "في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، لم أتمكن من التصويت للبرلمان. وكنت أصوّت دائماً لذا شعرت بالاستياء".
في البداية، شعرت بأنه لا جدوى من مناقشة القضية في المحكمة، ولكن بعد أن حصلت على المشورة القانونية من جمعية المستشارين القانونيين، استأنفت القرار الذي اتخذه مكتب جوازات السفر. وبعد خمسة أشهر من الغموض، فازت قضيتها. ولم تعتبر المحكمة الختم شرطاً لأن القانون لا ينص عليه.
وقالت غراندرابورا: "أول ما فعلته هو شكر الله والأشخاص الذين ساعدوني وتوجهت للحصول على راتبي التقاعدي وإلى السوق لشراء كل ما أحتاج إليه. كنت سعيدة جداً". استعادت راتبها والمنافع الاجتماعية عن الأشهر التي مضت.
لم يرغب المتقاعدون الفقراء في دفع ثمن بطاقة هوية جديدة. ولم يرغب آخرون في التخلي عن بطاقة الهوية السوفيتية لأنهم أرادوا الغوص في غموض المستقبل في هذا البلد الصغير.
ويدرك يوليان بوبوف، رئيس وحدة انعدام الجنسية والمعلومات في وزارة الداخلية سبب التعلق ببطاقة الهوية السوفيتية ويقول: "إذا كنت تملك بطاقة هوية مولدوفية، يُعرف أنك من مولدوفا، لكن مع بطاقة هوية سوفيتية يُعرف أنك تتمتع بقوة كبيرة".
بقلم رولان شونبوير في تشيسيناو، مولدوفا