لاجئ أفغاني انفصل عن والدته 11 عاماً يكرس وقته لإنقاذ الأجيال الصاعدة من المصير نفسه
لاجئ أفغاني انفصل عن والدته 11 عاماً يكرس وقته لإنقاذ الأجيال الصاعدة من المصير نفسه
أتوك، باكستان، 10 أغسطس/آب (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)- كان عبد الرحمن في الرابعة من العمر فقط عندما توفي والده ووجد نفسه مفصولاً عن والدته. ومع مرور الأعوام، فقد الأمل بلقائها مجدداً.
لكنْ بعد أكثر من عشرة أعوام، وفيما عاش عبد الرحمن مع أسرة بديلة، وقد بلغ آنذاك الخامسة عشرة، حدثت المفاجأة: عرف أحدهم مكان والدته واصطحبه للقائها.
يتذكر الرجل البالغ من العمر 46 عاماً قائلاً: "لم أتمكن من التعرف عليها"، مستعيداً اليوم الذي التقى فيه مجموعة من النساء في إقليم جوزجان. ويضيف: "غادرت النسوة واحدةً تلو الأخرى، وبقيت إحداهن في المكان. كانت والدتي والتقيتها بعد 11 عاماً".
قالت له إنها بكت كل يوم منذ انفصالهما. ويبتسم بينما تغرورق عيناه بالدمع لهذه الذكرى ليقول: "كان جمع شملي مع والدتي معجزة."
في بداية ثمانينيات القرن العشرين، ووسط القتال العنيف في أفغانستان، اضطر عبد الرحمن وأسرته بالتبني على الفرار من منزلهم. لجأوا إلى باكستان، لكنّ والدته بقيت في أفغانستان لأنها تزوجت مجدداً، وأُجبر على الوداع مرة أُخرى.
أما اليوم، فاجتمع شمل الأسرة أخيراً. أسس عبد الرحمن عائلةً ويعيش مع والدته في مدينة أتوك الباكستانية، بعد أن أمضى سبعة أعوام في مخيم سوابي للاجئين التابع للمفوضية. على الرغم من ذلك، يجد صعوبةً في التخلص من الحزن المرتبط بالفصل القسري، ويقول: "توفي والداي بالتبني في باكستان، وتوفي زوج والدتي الثاني من المرض في أفغانستان."
يُعد عبد الرحمن اليوم أحد كبار السن الذائعي الصيت في المجتمع التركماني الذي يضم حوالي 5,000 عائلة تقيم في باكستان. تقضي التقاليد بأن يدفع الرجال الذين يريدون الزواج أكثر من مليون روبية (10,000 دولار أميركي) لأهل العروس.
لم يكن عبد الرحمن قادراً على دفع هذا المبلغ، فذهب إلى كراتشي وتزوج من فتاةٍ بنغالية. دفع 30,000 روبية (300 دولار أميركي) لعائلتها. لكنّه لم يكن يعلم أن زوجته هرّبها عمها إلى كراتشي من بنغلادش في عام 1988.
وبما أن عبد الرحمن عانى بنفسه ألم الفراق، أعاد زوجته إلى البنغال وجمع شملها بعائلتها. ويتذكر قائلاً: "كان بإمكاني أن أشعر بآلامها لأنني عانيت من الأمر نفسه."
ويعمل عبد الرحمن حالياً على إنقاذ الأجيال الصاعدة من مصائر مشابهة لتلك التي عانى منها وزوجته. يقول: "يجب وضع حد لهذه العادة وأحاول إقناع أفراد المجتمع بكسر التقاليد السائدة، لتتمكن الفتيات من الزواج بسهولة من دون مقابل مالي."
إضافةً إلى ذلك، يدير عبد الرحمن أربع مدارس، تضم 1,200 طالب وطالبة. ويقول: "أريد أن يحظى أبناء بلدي بالعلم ليلعبوا دوراً إيجابياً في إعادة بناء أفغانستان."
ويُعدّ أولاده من الرواد في هذا المجال. ويقول مبتسماً بكل فخر: "يدرس أولادي في كليات مختلفة. وستكون إحدى بناتي الطبيبة الأولى المؤهلة في المجتمع التركماني في أفغانستان وباكستان".
بعد أن أمضى أعواماً طويلة نازحاً ومفصولاً عن والدته، يأمل عبد الرحمن أن تساعد جهوده على تحسين الوضع في أفغانستان، ويقول: "كان جدي لاجئاً وأنا لاجئ، لكنني لا أريد أن أرى أبناء الجيل الصاعد يصبحون لاجئين".
بقلم قيصر خان أفريدي، في أتوك، باكستان.