الحياة تحاكي الفن: لاجئات سوريات يقدمن مأساة إغريقية على مسرح في الأردن
الحياة تحاكي الفن: لاجئات سوريات يقدمن مأساة إغريقية على مسرح في الأردن
عمَّان، الأردن، 6 يناير/ كانون الثاني (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - لجأ المخرج السوري عمر أبو سعدة إلى مأساة إغريقية كُتبت قبل أكثر من 2,400 عام ليحكي عن معاناة النساء في وطنه الذي لحق به الدمار.
عُرضت مؤخراً نسخته العربية من مسرحية "نساء طروادة" التي كتبها يوريبيدس أمام جمهور متحمس في المركز الوطني للثقافة والفنون في العاصمة الأردنية عمان. وقد يعزز الاستحسان الشديد الذي لاقاه عمله الصغير كثيراً من خططه لإنتاج فيلم.
قُدم موضوع المسرحية المناهض للحرب بوضوح من خلال فريق تمثيل من 24 لاجئة سورية، نسجن قصصهن الشخصية عن الصراع السوري في أحداث المسرحية. ركز يوريبيدس مسرحيته التي كُتبت في عام 415 قبل الميلاد على التداعيات الرهيبة للحرب الطروادية من وجهة نظر نساء طروادة، التي ترقد أطلالها في تركيا الحديثة.
وقد تجلت الصلة الوثيقة ومدى أهمية الموضوعات التي تناولها يوريبيدس بما في ذلك آثار الحرب على النساء ودورهن والأهمية التي تُمنح للشرف والكرامة، عندما قرأت الممثلات رسائل قمن بكتابتها عن تجاربهن في سوريا وعن الفرار من الحرب التي أجبرت ملايين الأشخاص على العيش واللجوء في الأردن وأماكن أخرى في المنطقة.
قارنت ريم شريف، وهي طالبة تدرس الهندسة، طروادة بمدينتها دمشق في جمالها وقوتها. ومن خلال أداء مثير للمشاعر، تميزت الفتاة البالغة من العمر 22 عاماً بسطر من المسرحية الأصلية ليوريبيدس تقول فيه هيكوبا، زوجة بريام ملك طروادة: "سأغادر أرض أسلافي، فمدينتي تحترق".
اللاجئة ريم شريف، مثلها كجميع أفراد الفريق. تركت منزلها ودراساتها في دمشق ولجأت إلى الأردن قبل عام مع تصاعد حدة الصراع.
وتقول الفتاة اليافعة التي تحلم بالعودة إلى الوطن إن المسرحية تروي قصة حزينة للغاية. وتشير قائلة: "ما حدث في الماضي يحدث الآن. في المسرحية، أحكي قصتي عندما سافرت من سوريا إلى الأردن وكيف كان الأمر صعباً. لقد تعلمت الكثير من تلك التجربة".
ويقول المخرج سعدة، الذي عمل مع لاجئين فلسطينيين من قبل، إن معظم الممثلين في "نساء طروادة" ليس لديهم خبرة في مجال المسرح. وأشار قائلاً: "حتى إن معظمهم لم يذهب إلى المسرح قبل هذا المشروع، لذا يتناولون الفن بصورة مختلفة للغاية".
وأكد قائلاً: "بدأنا في الربط بين قصص الممثلين والقصص الأصلية في النص واستخدمنا ذلك في الأداء. لم نضع الكثير من الأحداث في المسرحية لأن النساء كن أكثر اهتماماً برواية قصصهن، وهنا تكمن الأحداث - في رواية القصص".
وأضاف الممثل الأمريكي هال سكاردينو، أحد المنتجين، أن المشروع "بات الآن أمراً شخصياً للغاية بالنسبة لهؤلاء النساء، لأنهن يروين قصصهن من سوريا من خلال هذه المسرحية". وقد كان الأداء صريحاً، حيث تقول إيستي وورد، إحدى المشاهدات: "أعرف الكثير من اللاجئين السوريين في الأردن، ولكن القليل منهم يتكلم، لذا فالاستماع إلى التجارب الشخصية في رحلاتهم أمر مؤثر للغاية".
أتت فكرة الاقتباس في البداية من الكاتبة البريطانية تشارلوت إيغار، حيث تقول المراسلة الخارجية السابقة الحائزة على جوائز: "لقد ذهبت إلى البوسنة في عام 1992 وعملت هناك كثيراً مع اللاجئين. ثم سمعت عن "نساء طروادة" في قناة بي بي سي العالمية ولم أنس ذلك أبداً. إنها فقط أفضل مسرحية مناهضة للحرب".
وأوضحت أن الخطة الأولى كانت لصناعة فيلم. وتضيف إيغار قائلة عن الإنتاج الذي تم تمويله من جهات خاصة: "وُلدت المسرحية من الفيلم. أردنا أن نعمل مع اللاجئين السوريين وظننا أن المسرحية يمكن أن تكون ملكاً لهم بعد مغادرتنا".
حصل جميع الممثلين على أجر ضئيل وعُرضت عليهم الفرصة للظهور في الفيلم، المتوقع أن يبدأ إنتاجه في الأردن في وقت لاحق هذا العام. ويقول سكاردينو إن هناك خططاً أيضاً لكي تواصل نساء الفريق اللقاء مرة كل أسبوع للقيام بحلقات عمل مماثلة يروين من خلالها قصصهن على خشبة المسرح. ويضيف قائلاً: "سيُبقي ذلك على استمرار الزخم".
كان الإنتاج رحلة مؤثرة لكل من المشاهدين والمشاركين على حد سواء. وبعد أن فرغت شريف من أدائها، وصفت مشاعرها قائلة: "أشعر بسعادة بالغة لدرجة أنني قد أبكي. لقد بكى العديد من الممثلين بعد الأداء. لقد كان الأمر رائعاً للغاية".
بقلم هابين هابتيسلاسي- عمان، الأردن