أم كونغولية مراهقة تعيد بناء حياتها بعد محنة أسرها على يد جيش الرب للمقاومة
أم كونغولية مراهقة تعيد بناء حياتها بعد محنة أسرها على يد جيش الرب للمقاومة
دونغو، جمهورية الكونغو الديمقراطية، 13 أبريل/نيسان (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - إنه مشهد لإحدى الصناعات الوديعة والهادئة. امرأة شابة تسحب من الفرن رغيفاً فرنسياً ذهبي اللون بينما طفلها الرضيع يلعب على الأرض.
لكن هذا المشهد يخفي وراءه ألماً ومعاناةً جراء الإساءة التي تكبدتها روز* البالغة من العمر 17 عاماً كأسيرة لمدة سنتين تقريباً في قبضة جيش الرب للمقاومة، وهي جماعة أوغندية متمردة وشرسة. أما والد الصبي ذي الـ15 شهراً فهو مقاتل في جيش الرب للمقاومة، وكان قائده قد وهبه روز كهدية له بعد فترة وجيزة من اختطافها من منزلها منذ ثلاث سنوات في جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى الشمال الشرقي من الكونغو.
روز، ذات الـ 14 ربيعاً في ذلك الوقت، وفتاة أخرى من نفس العمر كانتا تعملان في الحقول قرب بلدة بنغادي الصغيرة عندما تم اختطافهما من قبل مقاتلي جيش الرب للمقاومة والذي يعمل في المنطقة، حيث أمضت سنة وثمانية أشهر مع المتمردين قبل أن يتم تحريرها من جانب القوات المسلحة الأوغندية في أواخر عام 2010.
واليوم، تحاول روز إعادة بناء حياتها في بلدة دونغو، حيث تعمل في مخبز تديره مجموعة تابعة للكنيسة، اسمها "نساء مفعمات بالحيوية من أجل السلام"، وهي جمعية تتلقى الدعم من منظمة شريكة للمفوضية. لكن أنشطة جيش الرب للمقاومة تستمر في تهجير الناس في المنطقة - حيث تقول روز للمفوضية بأن أكثر من 4000 شخص فروا من منازلهم هرباً من الهجمات منذ نهاية العام الماضي، وأن أكثر من 300,000 نزحوا من ديارهم منذ عام 2008 في مقاطعة أورينتال الواقعة إلى شمال غرب جمهورية الكونغو الديمقراطية.
قصة روز:
"عندما وصلنا إلى معسكر جيش الرب للمقاومة [على بعد 35 كيلومتراً من بنغادي]، أجبرنا القائد على اتخاذ أزواج لنا وممارسة الجنس معهم، في تلك الليلة وفي كل ليلة أخرى. ولسوء الحظ، فقد كان زوجي مصاباً بمرض جنسي وقد نقله لي. وبعد أسبوعين، بدأت أشعر بألم فظيع في أسفل البطن. أعطاني القائد دواءاً لتخفيف الألم، لكنه لم يتمكن من شفاء المرض. قيل لي إنني يجب أن أمتنع عن ممارسة الجنس لمدة شهرين، ولكن بعد شهر واحد أجبرني زوجي على النوم معه، وقال إنه سيقتلني فيما لو رفضت. [ما تزال روز تتناول الدواء الخاص بهذا المرض].
"كان معنا الكثير من الفتيات الأخريات في الأدغال. كنا زوجات المتمردين، لكنهم أجبرونا أيضاً على العمل كحمالين. كان المتمردون يتحركون في كل يوم، وكان علينا أن نحمل أمتعتهم. تم منحنا واقيات للسيقان ضد الحشائش الطويلة، لكن ذلك لم يمنع الألم. كانوا يجبروننا على ممارسة الجنس مع أزواجنا في كل ليلة، وإذا رفضنا العمل أو حاولنا الاحتجاج، فإنهم كانوا يضربوننا. وقد قتلوا أحد الأشخاص عندما حاول الهرب.
"في أحد الأيام من عام 2010، غادر المقاتلون لشن هجوم على قرية تابيلي والقبض على بعض الناس هناك، وفي هذه اللحظة جاء الجيش الأوغندي وأنقذني وباقي الأطفال. لم أكن أعرف في ذلك الوقت أني كنت حاملاً. أعادوني إلى بنغادي، حيث أقمت مع عمي نظراً لأن والدي كان قد توفي عندما كنت طفلة وكانت والدتي قد غادرت دونغو. أما الفتاة التي اختطفت معي فلم ترجع أبداً. علمت أن جيش الرب للمقاومة أخذها إلى أوغندا.
"بعد أن تم الإفراج عني فكرت بالعودة للعيش في الأدغال مع جيش الرب للمقاومة نظراً للصدمة التي عانيت منها. كنت أخشى الجميع. في بعض الأحيان، كنت أعود لبضع ساعات أو ليوم إلى هناك مما دفع الناس للبحث عني. بعد ذلك بدأت أحصل على المساعدة للتعافي من الصدمة النفسية ونسيان محنتي. كما قامت منظمة التعاون الدولي الإيطالية (COOPI) بزيارتي بانتظام وأعطتني الملابس.
"عندما اكتشفت أنني حامل، أردت الإجهاض اعتقاداً مني بأنني سألد قاطع طريق، لكنني استمعت إلى نصيحة [من الكنيسة ومن حولها]، وقررت عدم فعل ذلك. وفي أحد الأيام، جاء الصليب الأحمر وأخذني إلى دونغو لكي يلتئم الشمل مع والدتي، لكنها رفضتني؛ إذ لم تتقبل ما حدث لي خلال فترة أسري، لتستقبلني بعدها إحدى الأسر إلى أن انضممت إلى أحد أعمامي، لكنه لا يعتني بي، حيث أبقى في بعض الأحيان لمدة يومين دون أكل.
"كان الحمل معقداً للغاية، إذ لم يكن لدي القوة الكافية أو الحليب للرضاعة الطبيعية. لم يعجبني الطفل في البداية، لكنني أدركت أنه طفل جيد وبدأت أحبه ... مرض طفلي كثيراً بعد ولادته، لكني لم أستطع فعل أي شيء لجعله أفضل. اعتمدت على سخاء الممرضات في المستشفى من أجل الاعتناء به.
"في أحد الأيام، كنت أبيع الفحم في دونغو عندما جاءت راهبة وبدأت التحدث معي. اسمها الأخت انجيليك، حيث أخذتني بحمايتها، وقدمتني إلى المركز للحصول على الدعم التنموي وإعادة الإدماج [الذي تديره "نساء مفعمات بالحيوية من أجل السلام"].
"تعلمت كيف أصنع الخبز هناك، وأنا الآن أخبز ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع، وأبيع الخبز في شوارع دونغو. بإمكاني أن أكسب ما بين 8000 إلى 9000 فرنك كونغولي في الأسبوع [8 إلى 9 دولار أمريكي]، لكنه عمل شاق، حيث علي السير لمسافة طويلة في جميع أنحاء المدينة. عندما أواجه أية مشاكل، فإني أذهب لرؤية الراهبة والتي تقوم بمساعدتي، وعندما ينفد مني الدقيق، فإنها تساعدني على الحصول على بعض منه.
"حلمي أن أكسب ما يكفي من المال لشراء ماكينة خياطة. أود الحصول على وظيفة أكثر استقراراً وعلى مستقبل أفضل. تعلمت كيفية الخياطة في المركز وأود استخدام هذه المهارة لأصبح مستقلة."
* تم تغيير الاسم لأسباب تتعلق بالحماية.
بقلم سيلين شميت في دونغو، جمهورية الكونغو الديمقراطية