الاجتماع الدولي مابين الحكومات بمناسبة الذكرى الـ60 لاتفاقية 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين والذكرى الـ50
لاتفاقية 1961 بشأن خفض حالات انعدام الجنسية
الاجتماع الدولي مابين الحكومات بمناسبة الذكرى الـ60 لاتفاقية 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين والذكرى الـ50
لاتفاقية 1961 بشأن خفض حالات انعدام الجنسية
حضرة رؤساء الجلسة المشاركين، أعضاء الحكومة الموقرين، أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
يشرفني ويشجعني رؤية 800 مشارك يمثلون قرابة 145 حكومة ونحو 60 منظمة - وهم مجتمعون هنا اليوم للاحتفال معنا في الذكرى السنوية لاتفاقية اللاجئين لعام 1951، واتفاقية عام 1961 بشأن خفض حالات انعدام الجنسية. وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على الأهمية التي يراها المجتمع الدولي في حماية اللاجئين وعديمي الجنسية، وهو مؤشر على رغبتنا المشتركة في إعادة تأكيد وتعزيز هذه الحماية.
لقد أجبرت الأحداث الدرامية في عام 2011 مئات الآلاف من الناس على التماس اللجوء عبر الحدود. وقد تحول أكثر من ثلاثة أرباع مليون شخص إلى لاجئين، في أعقاب الاضطرابات والنزاعات في أفريقيا والشرق الأوسط. ووصلت الأرقام المتعلقة بالنزوح القسري إلى أعلى مستوى في 15 عاما في نهاية عام 2010 مع نزوح 43.7 مليون شخص بسبب الصراع والاضطهاد في جميع أنحاء العالم. وتشير الأحداث الأخيرة إلى أن هذا الرقم مرشح للارتفاع مرة أخرى بحلول نهاية العام.
وقد أثبتت هذه الأحداث بما فيه الكفاية لماذا من المهم جدا أن تفعل ما كنا قد اجتمعنا هنا للقيام به: أن نعيد الشراكة والالتزام بالقيم الأساسية التي يقوم عليها نظام الحماية الدولية برمته -- التسامح والتضامن واحترام حقوق الإنسان والكرامة.
ولحسن الحظ، فقد أظهر عام 2011 بأن هذه القيم ما زالت تحظى بمكانة مرموقة في عالم اليوم. وفي الواقع، فإن جميع البلدان المجاورة لمناطق الأزمات لهذا العام تستحق الثناء وذلك للإبقاء على حدودها مفتوحة لأعداد هائلة من الناس والقادمة للبحث عن ملجأ هرباً من العنف.
لكني أدرك أننا نعيش في أوقات صعبة. الأزمات السياسية تتضاعف في أماكن لم نكن لنتوقع حدوثها. لقد أصبح عدم القدرة على التنبؤ عنوان اللعبة. في الوقت نفسه، فإن الأزمة الاقتصادية العالمية وما نتج عنها من مستويات عالية من البطالة، تخلق حالة من عدم اليقين والقلق على نطاق واسع. إن الساسة الشعبويون والعناصر غير المسؤولة من وسائل الإعلام تقوم باستغلال مشاعر الخوف وانعدام الأمن لاستخدام الأجانب ككبش فداء، ويحاولون فرض اعتماد سياسات تقييدية، ونشر مشاعر العنصرية وكره الأجانب بشكل نشط.
ونظراً لعملي شخصياً في الحكومة لسنوات عديدة، فأنا أعلم أنه لا توجد دولة يمكنها تجاهل أمن مواطنيها، ورفاهيتهم الاجتماعية والاقتصادية وتماسك المجتمع. لدى الدول أيضا الحق في تحديد سياساتها الخاصة بالهجرة، شريطة أن يقوموا بذلك في ظل احترام كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية.
ولكن يمكن فعل كل ذلك، ويجب القيام به، في السبل التي تكفل منح الحماية لأولئك الذين في حاجة إليها. وهذا يعني ضمان وصولهم إلى الأراضي، والتعامل العادل مع طلبات لجوئهم، وسياسات الاندماج الملائمة التي تساهم في تحقيق الوئام الاجتماعي. يجب على الحكومات والحركات الاجتماعية والسياسية الرئيسية أن تمتلك الشجاعة لاتخاذ موقف قوي ضد التعصب والعنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب. اللاجئون ليسوا خطرا أمنيا، بل هم أولى ضحايا انعدام الأمن.
ولهذا السبب فإنني متشجع إزاء العدد الكبير من الدول التي أشارت بأنها سوف تقدم تعهدات لتحسين حماية اللاجئين وعديمي الجنسية. وآمل أيضا أن يتم تقديم تعهدات من جانب مجموعات من الدول والهيئات الإقليمية، للتأكيد على الدور الكبير للتعاون الدولي من أجل حماية أولئك الذين نخدمهم.
السيدات والسادة،
قبل ستين عاما، تم وضع اتفاقية عام 1951 على بعد خطوات قليلة من هذه القاعة، حين كان العالم لا يزال في حالة صدمة إزاء الأفعال التي اهتز لها ضمير الانسانية. واليوم، أرى أن هناك أربعة تحديات رئيسية لتوفير نوع من الحماية التي كانت تطمح الاتفاقية لتوفيرها لأولئك الذين تسبب بنزوحهم العنف والاضطهاد.
أولا، على الرغم من أن الاتفاقية هي اليوم من بين أكثر الصكوك الدولية لحقوق الإنسان من حيث القبول، لايزال العديد من اللاجئين لا يتمتعون بالحد الأدنى من المعايير التي تحددها الاتفاقية. حيث مازال يشوب الكثير من النظم صناعة قرار رديء الجودة، ومعدلات منخفضة على نحو غير متناسب من الاعتراف أو عدم الحصول على الخدمات القانونية. إن الاستخدام الروتيني للإجراءات المعجلة وارتفاع معدلات الاحتجاز تبعث على القلق على حد سواء. ويمكن أن يكون للاعتقال أثر حاد على الإنسان، بما في ذلك على الصحة البدنية والنفسية لطالبي اللجوء، والذي بدوره يؤثر سلبا على قدرتهم على الاندماج في المجتمعات المضيفة والمجتمعات. وفي كثير من الحالات، لايمتلك اللاجئون حرية التنقل والحصول على الرعاية الاجتماعية أو تصريح للعمل.
ثانياً، تتحمل معظم البلدان النامية عبء استضافة أعداد كبيرة من اللاجئين. فقد منحت هذه البلدان حق اللجوء إلى 80 في المائة من اللاجئين في العالم، وأكثر من ثلث الدول الـ 20 التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين تنتمي للبلدان الأدنى نموا. وفي الوقت الذي تحاول فيه العديد من هذه الدول جاهدة من أجل توفير الخدمات الأساسية لسكانها، فإن الكرم الذي تظهره تجاه مئات الآلاف من اللاجئين من البلدان المجاورة يتطلب جهداً لا يتناسب مع الموارد المتاحة لديها.
ثالثا ، يبدو أن تحقيق الحلول الدائمة بات أكثر صعوبة من أي وقت مضى. وفي الوقت الذي تنشأ فيه أزمات جديدة، مازالت الصراعات القديمة قائمة، تاركة وراءها الملايين من دون حل لسنوات وحتى عقود.
لقد انخفض مستوى العودة الطوعية إلى حد كبير، من متوسط يقرب من مليون عائد سنويا في العقدين الماضيين إلى نحو خمس هذا الرقم في العامين الماضيين. كما أن فرص إعادة التوطين أيضا ما زالت أقل بكثير من الاحتياجات، حيث ان ذلك متاح لعشرة في المائة فقط من اللاجئين الذين يحتاجون لإعادة توطين وعددهم يقارب الـ800,000 لاجئ في جميع أنحاء العالم. وقد انخفض العدد الفعلي للمغادرين للسنة الثانية على التوالي.
ونتيجة لذلك فإن أكثر من ثلثي اللاجئين ممن هم تحت ولاية المفوضية -- أكثر من 7 ملايين شخص -- يعيشون الآن في أوضاع طال أمدها في المنفى. وهذا العدد هو أكثر من أي وقت خلال العقد الماضي.
ورابعاً، يستمر النزوح في التعقيد أكثر فأكثر. إن الأسباب التي تجبر الناس على مغادرة منازلهم لاتقتصر فقط على تلك المنصوص عليها في اتفاقية عام 1951. ففي عالم غير متوازن على نحو متزايد، كثيرا ما يتفاقم النزوح ويتعزز بفعل عوامل مثل الآثار الناجمة عن تغير المناخ والنمو السكاني وانعدام الأمن الغذائي وندرة المياه.
وهناك عدد متزايد من الناس ينزحون من جراء الكوارث الطبيعية أو يفقدون مصادر رزقهم بسبب التصحر، حيث بات تغير المناخ الآن العامل الرئيسي والذي يسرع جميع المسببات الأخرى للنزوح القسري. إن معظم الأشخاص المتضررين سيبقون في بلدانهم. إذا عبروا الحدود، فلن يعتبروا لاجئين، ولكن هل هذا يعني انهم اختاروا التخلي عن منازلهم؟ هؤلاء الأشخاص ليسوا مهاجرين حقا، بمعنى أنهم لم يتحركوا طوعا. وبكونهم نازحين قسرا وغير مشمولين بنظام حماية اللاجئين، فإنهم يجدون أنفسهم في فراغ قانوني.
وفي حين أن طبيعة النزوح القسري تتطور على نحو سريع، فإن الاستجابات المتاحة للمجتمع الدولي لم تواكب هذا التطور. وقد خلق هذا عددا من الثغرات الخطيرة في مجال الحماية، ولا سيما في سياق التحركات المختلطة، وحالات الطوارئ المعقدة و على نطاق واسع والنزوح المتصل بالبيئة. وفي حين أن بعض المبادرات الوطنية والإقليمية سعت لمعالجة مثل هذه الثغرات، لا يوجد أي إطار دولي متماسك لحماية حقوق الأشخاص الذين نزحوا عبر الحدود نظرا لقوى أخرى من الاضطهاد والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والصراعات الجارية.
إن مناقشاتنا على مدى اليومين المقبلين سوف تسمح لنا ليس فقط بالتركيز على هذه التحديات، ولكن أيضا على السبل الممكنة لمعالجتها. اسمحوا لي أن أوضح بعض السبل التي يمكن أن تؤدي للتوصل إلى حلول.
إن تلبية الحد الأدنى من المعايير التي حددتها اتفاقية عام 1951 لا يزال يمثل تحدياً غالبا ما يتم تصويره على أنه يرتبط في المقام الأول بالموارد. ولكن في كثير من الحالات، فإن الإرادة السياسية لتحسين أوضاع اللاجئين هو بنفس أهمية التمويل.
يجب أن تحذو مزيد من الدول حذو تلك التي اتخذت بالفعل خطوات لتحسين نظم اللجوء لديها. وقد شاركت عدة بلدان مع "مبادرات الجودة" في المفوضية لاتخاذ قرارات بشكل أفضل في تحديد وضع اللجوء. وقد وسعت دول أخرى البدائل المتعلقة بالاحتجاز، مثل برامج المراقبة المجتمعية، أو التزمت بإنهاء احتجاز الأطفال. هناك أدلة متزايدة على أنه عندما يعطى اللاجئون الحق في الانخراط في العمل القانوني، فإنهم لن يصبحوا أكثر اعتمادا على الذات فحسب، بل يمكنهم أيضا تقديم مساهمات كبيرة في التنمية في البلدان التي تستضيفهم.
لقد خطا المجتمع الدولي خطوات كبيرة خلال السنوات الأخيرة من أجل فهم ومعالجة الصلة بين اللجوء والهجرة. كثير من الدول الآن تقدر الأهمية الحاسمة في إدراج ضمانات خاصة بالحماية في سياساتها المتعلقة بإدارة الهجرة، لكي يتمكن أولئك الذين قد يكونون في حاجة لحماية دولية من الحصول عليها، حتى لو كانوا يصلون في سياق التدفقات المختلطة.
إن اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين ومجموعات أخرى من الناس غالبا ما يجدون أنفسهم يستخدمون نفس الطرق ووسائل النقل، ويتعرض العديد منهم لخطر الوقوع ضحية لمهربي وتجار البشر أنفسهم. وخاصة عندما يسافرون عن طريق البحر، فإنهم يتعرضون لمخاطر جمة، ويموت مئات منهم كل سنة في خليج عدن أو البحر الأبيض المتوسط. إن مصيرهم يوضح الحاجة الماسة لتحسين الآليات الدولية للانقاذ في البحر. يتعين على العالم أن يصبح أكثر فعالية في تضييق الخناق على المهربين والمتاجرين، ولكن أيضا في حماية الضحايا.
فيما يتعلق بالتحدي الثاني، والمتصل بالعبء غير المتناسب على البلدان النامية التي تستضيف أعدادا كبيرة من اللاجئين، فإن الحل، بكل بساطة، يكمن بوجود تضامن دولي أكبر. وأكرر هنا الدعوة التي قمت بها في وقت سابق - للتوصل إلى "اتفاق جديد حول تقاسم العبء". وفي الوقت الذي تحتمي فيه الغالبية العظمى من اللاجئين في البلدان المجاورة لهم، فإن التعاون الدولي أمر أساسي لضمان حمايتهم بشكل فعال.
يجب أن يتضمن ذلك توسيع التعاون في مجال التنمية لاستهداف مناطق العائدين وتلك التي تستضيف اللاجئين، لضمان استدامة الحلول. إن إتاحة أماكن إضافية لإعادة توطين اللاجئين تعتبر شكلاً حيوياً آخر من أشكال تقاسم الأعباء. وفي نهاية المطاف، يمكن أن تكتمل هذه التدابير بتحرك أكبر من خلال سياسات الهجرة المدارة.
ثالثا، يجب إيلاء الحلول الدائمة أولوية أعلى على جدول الأعمال الدولي. فلا يمكن أن يكون عمل المفوضية قائماً على توفير المساعدة والحماية إلى ما لانهاية، ولايمكن ترك اللاجئين يعانون في المنفى لعدة عقود. لكن الحلول لاتكون إنسانية أبداً بهذه البساطة. فهي تتطلب إرادة سياسية -- لمنع الصراع، من أجل حل الأزمات القديمة وتمكين النازحين من العودة، لقبول المزيد من اللاجئين لإعادة توطينهم في بلدان ثالثة أو السماح لهم ببناء حياة جديدة من خلال دمجهم محليا في المجتمعات التي استضافتهم للعديد من السنوات.
إن ولاية المفوضية غير سياسية. حيث يمكننا فقط أن نلعب دور المحفز لحشد الجهات الفاعلة الأخرى. لذلك آمل أن يكون هذا الاجتماع معلما على طريق بناء هذه الإرادة السياسية لإيجاد الحلول.
إن التحدي الرابع الذي ذكرته، والمتعلق بالعثور على إجابات للتعقيدات المتزايدة للنزوح، ربما يكون الوحيد الذي يتطلب الإبداع والتبصر أكثر منا جميعا. نحن بحاجة "لتعميق فهمنا للأنماط المتغيرة للنزوح والاتفاق على سبل التصدي للتحديات التي نواجهها في سياق عالمي متغير." إن الوضع اليوم أكثر تعقيدا بكثير من 60 سنة مضت، وذلك بسبب العديد من العوامل المجتمعة والتي تحرض وتكثف وتطيل أمد النزوح.
ينبغي لنا أن نسأل أنفسنا ما هو نوع الأدوات الجديدة التي نحتاج لها، كمجتمع دولي، من أجل الاستجابة لهذه الحقائق الجديدة. يحدوني أمل كبير في أن تسمح مناقشاتنا للدول بأن تأتي بأفكار مبتكرة ومبادرات لمعالجة ثغرات الحماية التي تواجه النازحين قسرا اليوم وفي المستقبل.
وقد تم طرح عدة أفكار خلال احتفالات هذا العام، بما في ذلك في سلسلة من اجتماعات الخبراء والموائد المستديرة. في عمان، قام المشاركون بوضع عناصر إطار للتعاون الدولي وتقاسم الأعباء. وفي اجتماع جيبوتي، تم تطوير قالب تشغيلي لعمليات الإنقاذ في عرض البحر.
ويمكن استيحاء طرق أخرى ممكنة من خلال المنهجية التي أدت إلى "المبادئ التوجيهية بشأن النزوح الداخلي". وقد اقترح مؤتمر نانسن بشأن تغير المناخ والنزوح في أوسلو مجموعة من المبادئ لتوجيه الدول في التصدي لاحتياجات هؤلاء الذين يعبرون الحدود بسبب تغير المناخ والمخاطر البيئية الأخرى. نحن مستعدون للعمل مع الدول المهتمة والجهات الفاعلة الأخرى ذات الصلة للمساعدة في تطوير هذا الإطار التوجيهي.
السيدات والسادة،
بالتحول الآن إلى مشكلة انعدام الجنسية، فقد أثلج صدري بصورة خاصة الأثر الذي يبدو أنها تركته أنشطة احتفالات المفوضية حتى الآن على تفكير وممارسات الدول.
إن ما يقدر بنحو 12 مليون شخص يعيشون بدون جنسية حول العالم -- وهو عدد مشابه لعدد اللاجئين. ويحرم العديد منهم من بعض حقوقهم الإنسانية الأساسية: لا يمكنهم الزواج قانونيا، أو ارتياد المدارس العامة، أو التسجيل في الجامعات، أو الحصول على وظيفة. أنهم غير قادرين على الحصول على رخص القيادة وشهادات الميلاد لأطفالهم، أو شهادات وفاة لأحبائهم.
على الرغم من تأثر الملايين من الأشخاص، فقد تم إهمال انعدام الجنسية منذ فترة طويلة على جدول الأعمال العالمي. ولكن يبدو أن ذلك بدأ يتغير. فقد قامت أربع دول هي كرواتيا ونيجيريا وبنما والفلبين بالانضمام في عام 2011 إلى واحدة أو كلتي الاتفاقيتين المتعلقتين بانعدام الجنسية. وسوف تقوم صربيا وتركمانستان بإيداع صكوك الانضمام خلال الاجتماع الخاص حول المعاهدة هذا المساء. ويسعدني أن قامت العديد من الدول بالاعراب عن نيتها إعلان انضمامها خلال اليومين المقبلين.
في الوقت نفسه، تقوم عدة دول حالياً بتعديل تشريعاتها الوطنية للحد من وتخفيض حالات انعدام الجنسية، على سبيل المثال من خلال السماح لكل من الرجل والمرأة في منح جنسيتهما لأطفالهما. إن انعدام الجنسية الآن هو بالمعنى الدقيق "على الخريطة" في كل مكان، ولاتوجد منطقة بمنأى عن التقدم.
إن المفوضية تشعر بالامتنان بشكل خاص لكثير من الدول التي أصبحت مثلاً يحتذى به في مواجهة انعدام الجنسية، حيث تقدم العون لعمل المفوضية الخاص بحشد الدعم من أجل المضي قدما في هذا المجال.
ولكن علينا معا الذهاب أبعد من الاعتراف بمشاكل عديمي الجنسية. إن ما يحتاجون إليه حقا هو الحلول التي تمكنهم من تأمين الجنسية والتمتع بالحقوق الكاملة للمواطنين.
السيدات والسادة،
في الماضي القريب، عقدنا حوارات سنوية مثمرة وايجابية مع ممثلي الحكومات والمجتمع المدني بشأن اللجوء والهجرة، وحالات اللاجئين التي طال أمدها، واللاجئين في المناطق الحضرية وثغرات الحماية. وقد تشكلت من خلال هذه الحوارات سياسات وآليات تنفيذ المفوضية، وحشدت الدعم لهذه القضايا من جانب الجهات الدولية الرئيسية الفاعلة.
ولكن مازال أمامنا طريق طويل. سأعطي مثالا واحدا فقط، وهو بالنسبة لي الأكثر حزناً وألماً.
على مدى الاثني عشر شهرا الماضية، نظمت المفوضية سبعة حوارات إقليمية مع 1000 امرأة لاجئة ونازحة وعديمة الجنسية في جميع أنحاء العالم. والمشكلة الوحيدة التي انبثقت من كل هذه المناقشات هي الطابع المزمن للعنف الجنسي والذي يمنع النساء والفتيات - والعديد من الفتيان والرجال أيضا -- من أن يعيشوا حياة عادية ومنتجة. انهم معرضون لخطر الاغتصاب والاعتداء الجنسي في المنزل أو في الأماكن العامة أو في العمل أو في المدرسة. ونادرا ما تتم مقاضاة الجناة ومعاقبتهم. ويضطر الكثير من النساء على ممارسة الجنس لإعالة أسرهم.
لذلك أود أن أفتتح هذا المؤتمر من خلال أخذ تعهد على نفسي. سأبذل كل جهد ممكن لدعم وتعزيز التزام المفوضية للتصدي للعنف الجنسي والعنف القائم على أساس الجنس ودعم الدول في ضمان حصول الناجين على العدالة. في عام 2012، سوف نستخدم المدخرات التي تم الحصول عليها نتيجة لعملية الإصلاح الداخلي لدينا لاطلاق سلسلة من المشاريع الخاصة التي تهدف الى تعزيز جهودنا للتصدي لتهديدات محددة ونقاط الضعف التي تواجهها النساء والفتيات الواقعات في دائرة اهتمام المفوضية. إذا لم نتمكن من الحصول على حق الحماية لهم، فإننا لن نتمكن من الحصول عليها لأحد.
السيدات والسادة،
إن المشاكل التي نناقشها هنا ذات طابع إنساني جوهري. هذا الاجتماع ليس منتدى لبث الخلافات السياسية أو استيراد جداول الأعمال الخارجية. بدلا من ذلك، فإنها فرصة فريدة بالنسبة لنا جميعا للعمل معا لمناقشة وصياغة تطور نظام الحماية الدولية على مدى العقد المقبل. إن العالم بحاجة لرسائل ايجابية، وأنه من مسؤوليتنا إعطاء كلمة أمل للأشخاص الذي نهتم بهم، والذين فقدوا أملهم عندما أجبروا على ترك منازلهم.
إن ما أطلبه منكم هنا اليوم ليس اتفاقية جديدة أو ولاية موسعة، بل هو أن نتحمل جميعا واجبنا المشترك، وأن نجدد التأكيد على والالتزام بقيم الحماية الدولية، وأن نواجه التحديات الجديدة من النزوح القسري، وإيجاد سبل ملموسة وبناءة لمعالجتها بشكل جماعي، وأن نفتح الطريق لاستجابات مبتكرة من شأنها أن تساعد على حماية الناس الذين هم حاجة إليها، وتعود بالنفع على التماسك الاجتماعي للمجتمعات وتعزيز السلم والأمن العالميين.
شكرا جزيلا.