إتقان اللغة يساعد اللاجئين السوريين على التفوق والاندماج في جمهورية التشيك
إتقان اللغة يساعد اللاجئين السوريين على التفوق والاندماج في جمهورية التشيك
يمزج الفتى ميشيل بركات بين العربية والتشيكية والإنكليزية مندفعاً ليروي قصته. سُئِل عن اللغة التي يُفضِّل التحدث بها، فأجاب اللاجئ السوري البالغ من العمر 14 عاماً: "كلّها"، وهو يبتسم بطريقة تجمع بين الإحباط والحماس.
لقد حقق ميشيل بداية جيدة. وإلى جانب هذه اللغات الثلاث، بدأ بدراسة اللغة الألمانية. بعد ذلك، تراه يلقي التحية باللغة الهندية، ليُتبعها بسلسلة تعابير بالفرنسية.
وفقاً للكثير من اللاجئين الذين وصلوا مؤخراً، فإن التحدث بالتشيكية هو مفتاح الاندماج الناجح.
ويقول ميشيل: "إذا كنتَ تتكلم التشيكية جيداً وتعيش مع التشيكيين، فإنهم سيساعدونك. ولكنْ إذا كنتَ من دولة عربية وأمضيت كل وقتك بين العرب، فلن يستطيعوا مساعدتك لأنهم لا يعلمون كيف تجري الأمور في الجمهورية التشيكية. من الأفضل حقاً دراسة اللغة التشيكية".
يُعتبر تعلُّم اللغة حجر الأساس في برنامج الحكومة التشيكية لإدماج اللاجئين الذي يصمم خططاً لاحتياجات كل لاجئ.
"تعلم التشيكية أمر ضروري"
تقول أوليفيرا فوكوتيك، مسؤولة الإدماج الإقليمي في مكتب المفوضية في أوروبا الوسطى والواقع في العاصمة الهنغارية، بودابست: "تعلّم اللغة التشيكية أمر ضروري. إذا كنتَ لا تتحدث اللغة، فلا يمكنك الحديث عن الإدماج لأنه أمر مستحيل".
وتضيف فوكوتيك بأن الحكومة التشيكية سخية في عدد ساعات تعليم اللغة التي تقدمها للاجئين، أما بعض بلدان أوروبا الوسطى فلا تقدم أي دروس.
لقد فرَّت عائلة ميشيل من الحرب في سوريا بعد أن نجت الحافلة التي تنقله من المدرسة من انفجار بفارق ضئيل. ونظراً لما مروا به، فقد مُنِح أفراد العائلة نوعاً من الحماية الدولية في البلد، ولكن قد يُطلب منهم العودة إلى ديارهم متى انتهت الحرب.
لم تتعلم والدة ميشيل اللغة التشيكية بسهولة. في البداية، كان سعيداً بأن يترجم لها ولغيرها ما يقال في مركز الاستقبال حيث أقاموا أوَّلاً. ويقول: "لكن الأمر أصبح عبءاً الآن، لأنَّ لدي واجباتي الخاصة".
لم يعد لديه متسع من الوقت لمرافقتها إلى المكاتب الحكومية وأماكن مماثلة. وهذا الشعور مألوف لدى زميلته في الصف، اللاجئة السورية ناتاليا رامي حداد، البالغة من العمر 14 عاماً أيضاً. التقى الاثنان في مدينة هرادتس كرالوفه الجامعة، التي تقع على بعد 115 كيلومتراً شرق العاصمة التشيكية، براغ. تقول ناتاليا بأنَّ أفراد عائلتها الكبرى كانوا يتصلون بها في كثير من الأحيان لتساعدهم من خلال الترجمة.
وتضيف ناتاليا بطلاقة باللغة التشيكية التي تتقنها: "من الأسهل على الشباب تعلم اللغة. عندما تبدأ بذلك، تكون مثل طفل صغير يفتح عينيه للمرة الأولى على عالم جديد. باتت الآن مثل لغتي الأم". عادة ما يتأخر الأطفال اللاجئون عن الآخرين عندما يبدأون تعليمهم، لكنهم يستطيعون تعويض ذلك بفضل الدورات الصيفية.
كان كل من ناتاليا وميشيل من بين 11 طالباً لاجئاً كرمتهم المفوضية في يونيو 2017، لنتائجهم الأكاديمية الممتازة، في حفل أقيم في وزارة التربية في براغ.
"تُظهر الحروب أنَّ البالغين ليسوا قادرين على العيش معاً"
وقالت بترا لفرينكوفا، رئيسة مكتب المفوضية في جمهورية التشيك: "إن مدى الدعم الذي يلقاه الطلاب اللاجئون وأسرهم من مدارسهم ومجتمعاتهم أمر مؤثر حقاً".
ويقول بيتر ريهاك، مدرّس ناتاليا وميشيل، بأن اللاجئين جلبوا إلى المدرسة تنوعاً مرحبّاً به "ووجهة نظر أُخرى" قيّمة تظهر خلال المناقشات حول الأحداث العالمية.
تلقَّى ميشيل خبراً عن متطوع يريد العمل معه بموجب خطة ترعاها المفوضية تجمع بين المواطنين التشيك واللاجئين الذين يحتاجون إلى دعم. وسوف يساعد المتطوع ميشيل في دراسته للامتحانات التي ستحدد إذا ما كان بإمكانه دخول مدرسة ثانوية مرموقة.
أما ناتاليا التي تأمل بأن تصبح طبيبة، فقد كوّنت صداقة وثيقة مع زميلتها التشيكية ناتالي سمبدنيروفا. وتقول الفتاة التشيكية البالغة من العمر 12 عاماً بأنها مسرورة جداً لأن لديها صديقة سورية.
وتعتقد ناتالي بأن الأطفال الذين يطورون الروابط بين الجنسيات هم أفضل أمل لكوكب الأرض.
وتضيف ناتالي: "عندما تنظر إلى العالم وإلى كل الحروب، يتضح لك أنَّ البالغين غير قادرين على العيش معاً".
وتستطرد ناتاليا وقد طغى عليها نوع من الإحباط للمرة الأولى في هذه المحادثة: "يريد الذين يعيشون أبراجهم شن الحروب، لكنهم لا يدركون مدى صعوبة الحياة بالنسبة للذين يعيشون في القاع".