أسئلة وأجوبة: رئيس جماعة الماكوندي في كينيا يروي قصة المسيرة الطويلة للخروج من انعدام الجنسية
أسئلة وأجوبة: رئيس جماعة الماكوندي في كينيا يروي قصة المسيرة الطويلة للخروج من انعدام الجنسية
جنيف – يقدر عدد عديمي الجنسية في العالم اليوم بحوالي 10 ملايين شخص، وهم يعيشون في فراغ بيروقراطي يمنعهم من الحصول على خدمات الصحة والتعليم والخدمات الحكومية الأُخرى.
ينتمي أكثر من 75% من السكان العديمي الجنسية المعروفين إلى الأقليات. وبدون الأوراق الأساسية كبطاقات الهوية الوطنية وشهادات الميلاد والزواج، يواجهون التمييز والاستبعاد والاضطهاد.
وجماعة الماكوندي في كينيا هي إحدى تلك المجموعات. ولكن في عام 2016، وبعد تغيير كبير أدخلته الحكومة الكينية وأعوام من الضغط من جانب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمات الشريكة، مُنح حوالي 1,700 شخص من الجماعة التي تضم 4,000 شخص الجنسية الكاملة للبلد الذي وُلدوا فيه بغالبيتهم وحصلوا أخيراً على وثائق الهوية.
وجماعة الماكوندي، التي ترجع أصولها إلى شمال موزمبيق، تتألف بمعظمها من عمال جندهم البريطانيون خلال فترة الاستعمار للعمل في مزارع السيزال والسكر.
أما الماكوندي الآخرون في كينيا، فهم أحفاد مناضلين من أجل الحرية منفيين ولاجئين من الحرب الأهلية في موزمبيق. وعلى الرغم من أن معظمهم يقيمون في كينيا منذ استقلالها في ديسمبر من عام 1963 أو وُلدوا فيها، إلا أنهم لم يُعترف بهم كمواطنين أو يُدرجوا في أي قاعدة من قواعد بيانات تسجيل السكان.
وفي مناقشة واسعة النطاق على هامش المشاورات السنوية بين المفوضية والمنظمات غير الحكومية لهذا العام، تحدث رئيس جماعة الماكوندي توماس نغولي عن نضال شعبه الطويل من أجل الاعتراف به وعن المعاناة التي تحملها.
كيف انتهى بك الأمر عديم الجنسية في كينيا؟
"وُلِدتُ في كينيا في عام 1956. جاء والدايَ من موزمبيق خلال الحقبة الاستعمارية للعمل في مزارع السكر والسيزال. وصلا في عام 1963. بعد الاستقلال في عام 1963، لم يكن لديهما أوراق ثبوتية. لم يكن لديهما شهادتي ميلاد وبدونهما لم يكونا يستطيعان الحصول على بطاقة الهوية. وبدون بطاقة الهوية، لم يكن بإمكانك حتى الذهاب إلى المكاتب الحكومية لطلب المساعدة والدعم أو الوصول إلى أي خدمات حكومية. لذا، فقد بقيا في المزارع".
كيف أثر ذلك عليك شخصياً؟
"لم أذهب إلى المدرسة إلا حتى الصف الثاني، وكان عمري آنذاك 11 عاماً تقريباً. لم أستطع المضي قدماً بسبب افتقارنا للوثائق. عرف والداي أنني لن أتمكن من الاستمرار، فأخرجاني من المدرسة. قالا بأنَّ لا جدوى من استمراري في الدراسة لأنني لن أتمكن حتى من الوصول إلى المدرسة الثانوية أو إكمال تعليمي بعدها. وقالا بأنه من الأفضل أن أذهب وأساعدهما في المزارع بما أنني لن أتمكن من المضي قدماً. على مدى ثلاثة أعوام، أديت أعمالاً خفيفة، كنقل المياه للعمال وما إلى ذلك. لحسن الحظ، كان والداي يتقنان تقنية النحت، فورثتها. عندما كبرت كنت أرغب في حياة أفضل ومارست النحت. أصبحت نحاتاً".
كيف أثّر انعدام الجنسية على الحياة اليومية؟
عندما تكون عديم الجنسية تشعر بأنك لست إنساناً. تعلم أنه لا يمكنك الحصول حتى على أكثر الخدمات الأساسية وتعرف أن أفراد الشرطة يمكن أن يضايقوك كلما أرادوا. إنهم يضايقون المجتمع بأكمله. لم أتمكن من فتح حساب مصرفي، لم أتمكن من شراء منزل أو قطعة أرض صغيرة. شعرت بأنني لست إنساناً لأنني لا أحمل وثائق ثبوتية، لا شهادة ميلاد ولا ورقة هجرة، لا شيء إطلاقاً. لا يمكنك حتى الذهاب إلى مبنى حكومي دون إظهار بطاقة هوية، لذلك، لا يمكنك حتى أن تذهب وتسأل عما يحدث.
لماذا تغيرت الأمور وكيف؟
بدأنا النضال في عام 2005. كنتُ في العقد الرابع من عمري، لكننا أردنا أن تتحسن الأمور من أجل أطفالنا. تغيَّرت الحكومة في تلك الفترة، ولكن حتى ذلك الوقت، كانت قمعية للغاية. عندما وصل (الرئيس السابق) مواي كيباكي إلى الحكم، أصبحت الأمور مريحة أكثر. خلال حكم (الرئيس دانيال آراب) موي، كانت الظروف قاسية. كانوا يكرهون الناشطين، كانت لهم نفس النظرة للجميع وكانوا يعتبرون بأنه يجب قمعهم.
تبنت الكنيسة الكاثوليكية التي كنا ننتمي إليها قضيتنا، ولم نكن نملك المعرفة. لم نكن نعلم من أين نبدأ، ولكن الكنيسة مكّنتنا من الاتصال بالمنظمات الشعبية وجماعات حقوق الإنسان، وهكذا تمكنّا في نهاية المطاف من التواصل مع المفوضية أيضاً. من خلالها، تمكنّا من اكتساب المعرفة لفهم كيفية وضع حدٍّ لوضعنا.
ما الدور الذي لعبته المفوضية؟
لعبت المفوضية دوراً كبيراً بعد أن اتصلنا بها من خلال مجموعة "هاكي" والكنيسة، فنصحتنا بإعداد قاعدة بيانات عن عددنا في جماعة الماكوندي وعن مكان إقامتنا جميعاً في البلاد. وعلى مر السنين، بعد إغلاق العديد من المزارع، انتشرنا في جميع أنحاء البلاد. لقد قُضي على الكثير من أحلامي في سن المراهقة، لكنني كنت أفكر في المستقبل. كنت أفكر في الجيل القادم. لقد كتبت إلى الرئيس ثلاث مرات، وبعد الرسالة الثالثة، وافق على رؤيتنا وتولى قضيتنا ومنحنا صفة باعتبارنا القبيلة الثالثة والأربعين في كينيا.
ما الذي يحمله المستقبل الآن لجماعة الماكوندي؟
يجب تعليم الأجيال القادمة. يمكنهم الآن الذهاب إلى المدرسة. البعض منهم بات يذهب إلى الجامعة. إذا كنت متعلماً، فأنت تعرف كيف تتعامل مع هذه الحالة. يجب علينا الآن إزالة الخوف الذي يشعر به بقية أفراد المجتمع. بعد عقود من المضايقات والخوف من الاعتقال، لا يزال الخوف موجوداً. وحده التعليم يمكنه أن يزيل ذلك.