انعدام الجنسية .. أمّ جورجية شابّة تضع حدّاً لدوّامة المعاناة
انعدام الجنسية .. أمّ جورجية شابّة تضع حدّاً لدوّامة المعاناة
دزغفي، جورجيا، 8 مايو/أيار (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - لدى أولغا خوتسيشفيلي ذكريات سيّئة حول طفولتها في جورجيا حيث نشأت في ظل أحوال فقيرة وحُرمت من التعليم الكامل وغيره من الحقوق. ومؤخراً، قالت هذه الشابّة البالغة من العمر 19 عاماً، للمفوضية في قرية دزغفي حيث تعيش مع والدتها وطفلها: "أنا لا أُجيد القراءة والكتابة وكان الجميع يسخرون منّي. ولا أستطيع تذكّر هذه السنوات دون بكاء".
ويكمن سبب تعاستها في زواج والدَيْها في العام 1980. فبما أنّ والدتها الروسية فقدت كلّ وثائقها، لم يكن من الممكن تسجيل زواجها من والد أولغا الجورجي. لم يتم تسجيل ولادة أولغا بعد 16 عاماً، ونظراً إلى افتقارها شهادة ميلاد -ووثيقة إثبات للجنسية- لم تستطع التمتّع بالعديد من حقوقها.
ولكن اليوم، وبفضل التحوّل المشجّع الذي أصبح مُمكناً بمساعدة المفوضية، باتت تحمل الجنسية الجورجية وتشارك في حملة التوعية التي تديرها المفوضية والتي تهدف إلى مساعدة ما يُقدّر بـألفَيْ شخصٍ آخر في جورجيا مُعرّضين لخطر انعدام الجنسية. تقول: "لم أعُد عديمة الجنسية، وأصبح بإمكاني الذهاب إلى الطبيب وتربية طفلي والتمتّع بالحقوق نفسها كأي شخص آخر".
وأشارت أولغا إلى أنّها أدركت مع تقدمها في السن أهمية الوثائق الثبوتية لعيش حياة طبيعية والحصول على الحقوق التي يحصل عليها الآخرون بالفطرة، وقد آلمها ذلك. وفي البلدة الأولى التي عاشت فيها أسرتها، لم تكن قادرةً على الذهاب إلى المدرسة أو زيارة الطبيب.
وبعد الانتقال إلى بلدة أخرى، تمكّنت والدة أولغا من إقناع مدير المدرسة بتسجيل ابنتها، ولكنّ الفتاة لم تكن سعيدةً. وسألت ضيوفها من المفوضية: "هل يمكنكم تخيّل طفلة في العاشرة من عمرها في الصف الأوّل الابتدائي؟" انتقلت أولغا ووالدتها مرّةً جديدة بعد وفاة والدها وتمكّنت من التعلّم لمدّة عامين إلا أنها اضطرت إلى ترك المدرسة من جديد بما أنها لا تحمل أية "أوراق ثبوتية."
وبحلول منتصف عام 2013، مرّت أولغا بالوضع نفسه الذي مرّ به والداها. فقد تزوّجت ولكنها لم تحصل على شهادة زواج ورُزقَت بالطفل زازا ولكنّها لم تتمكّن من تسجيل ولادته بما أنّها لا تملك أية وثائق. بدا لها أن دوّامة المعاناة تتكرر.
وبينما ظنت أنّ مشكلتها قد تستمر لأجيال عدّة، التقت موظفي المفوضية الذين كانوا يقومون بزيارة ميدانية إلى دزغفي للقاء الأسر الضعيفة. وقد نصحتها المفوضية وشريكها المحلي "مركز الابتكارات والإصلاحات" حول كيفية الحصول على الوثائق اللازمة عن طريق دائرة النفوس بما في ذلك الأوراق التي تظهر أنّها عاشت في جورجيا لأكثر من خمسة أعوام والتي تخولها الحصول على الجنسية.
وقد تمكّنت أولغا بفضل الوثائق التي جمعتها من أن تصبح مواطنة جورجية في يوليو/تموز 2013 وفي يناير/كانون الثاني من العام الماضي، حصلت أخيراً على شهادة ميلاد وبطاقة هوية. وحصلت والدتها وابنها زازا على الجنسية أيضاً. وقالت أولغا: "هذا يعني لي الكثير. فالآن سيتمكّن ابني من الحصول على التعليم؛ ويُسعدني أنّه لن يواجه الصعوبات نفسها التي كنّا نواجهها".
يجب أن تشجّع قصّة كل من يمرّون بالوضع نفسه والذين يعيش الكثيرون منهم في مناطق معزولة من البلاد ولا يعرفون كيف يعثرون على الحلّ الملائم لهذا الوضع. وعبّرت جورجيا عن حرصها على تقديم المساعدة لوضع حدّ لمعاناة ما يُقدّر بألفي رجل وامرأة وطفل من عديمي الجنسية أو معرّضين لخطر انعدام الجنسية.
وقالت سيمون فولكن، الممثلة الإقليمية للمفوضية: "يعتبر الانضمام إلى اتفاقتَيْ الأمم المتحدّة حول انعدام الجنسية والقانون المتين للجنسية وإجراء تحديد حالات انعدام الجنسية والنوايا الحسنة للحكومة مهمّةً للغاية".
وشددت: "نحن نحتاج أيضاً إلى العثور على هؤلاء الأفراد لا سيما في البلدات الصغيرة والمناطق الريفية. اعتاد عديمو الجنسية الذين عانوا من الحرمان لسنين طويلة، العيش على هامش المجتمع. لذا فالمطالبة بالحقوق بالنسبة إلى هؤلاء يعني التغلّب على مشكلة نفسية كبيرة".
ولتسهيل هذه الخطوة، أطلقت المفوضية حملة توعية، وفيديو تظهر فيه أولغا، يُعرَض على محطات التلفزيون المحلية ويُظهر الآثار السلبية للحياة من دون جنسية ويساهم في التوعية حول حقوق عديمي الجنسية. ويشكّل الإعلان التلفزيوني أيضاً جزءاً من حملة المفوضية العالمية #أناأنتمي للقضاء على انعدام الجنسية بحلول عام 2014.
وأشارت فولكن أيضاً إلى أنّ جورجيا تعهّدت بالانضمام خلال هذا العام إلى الاتفاقية الأوروبية بشأن الجنسية لعام 1997 مضيفةً أنّ ذلك يشكّل "خطوةً أخرى لوضع حدّ لمحنة عديمي الجنسية". وتخطّط المفوضية لدعم السلطات الجورجية في تقييم وتحسين إجراءاتها لتحديد انعدام الجنسية.
لقد أُنجِز الكثير حتّى الآن وانخفض العدد الإجمالي لعديمي الجنسية والمُعرّضين لخطر انعدام الجنسية أو غير محددي الجنسية في جورجيا من 11,000 شخص في عام 2007 إلى 3,000 شخص تقريباً في عام 2010. ومنذ عام 2011، مُنحت الجنسية أو أُعيدَت أو حُدّدَت لـ600 شخص إضافي بفضل التعاون بين المفوضية ومركز الابتكارات والإصلاحات ووزارة العدل.
وتعمل أولغا على تحقيق الاكتفاء الذاتي والتمكن من إعالة أسرتها بعد أعوام عانت خلالها من الفقر لأنّها عجزت ووالدتها عن العمل قانونياً بسبب عدم امتلاكهما للأوراق الثبوتية اللازمة. وقد تعلّمت القراءة والكتابة بمساعدة إحدى الراهبات في مركز استقبال للأسر الضعيفة. وبمساعدة المفوضية، تأمل حالياً العثور على مكانٍ لها في مركز للتدريب المهني. وقالت أولغا بفرح: "لقد استعدتُ حياتي الآن".
بقلم نينو كاجاي في دزغفي، جورجيا، ورولاند سكونبور في جنيف