مقابلة.. خبير في المفوضية يلقي الضوء على ما يجبر الأطفال في أميركا الوسطى على الفرار
مقابلة.. خبير في المفوضية يلقي الضوء على ما يجبر الأطفال في أميركا الوسطى على الفرار
مدينة مكسيكو، المكسيك، 12 نوفمبر/تشرين الثاني (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - أصدرت المفوضية يوم الثلاثاء تقريراً مهماً حول العدد غير المسبوق من الأطفال غير المصحوبين الفارين في المكسيك التي وصلوا إليها بعد هربهم من انعدام الأمن في السلفادور وهندوراس وغواتيمالا في أميركا الوسطى. وقد ناقش خوسيه فرانسيسكو سيبر الذي يرأس وحدة الحماية التابعة للمفوضية في المكسيك هذا التطور المقلق مع إيزابيل كويلو، المسؤولة الإعلامية الإقليمية في إدارة المعونة الإنسانية والحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي؛ وهي شريكة أساسية للمفوضية في المنطقة وفي أماكن أخرى. في ما يلي مقتطفات من المقابلة:
ما هي أنماط النزوح التي تشهدها المكسيك؟
ما زالت المكسيك تستقبل عدداً متزايداً من طالبي اللجوء القادمين من المثلث الشمالي لأميركا الوسطى [السلفادور وهندوراس وغواتيمالا]. ويكمن الفارق البارز في أننا بتنا نسمع الآن، وإلى جانب حركات الهجرة التقليدية لأسباب اقتصادية، وبوتيرة وحدة أكبر، أخباراً فردية عن العنف والاضطهاد من عدد من سكان أميركا الوسطى الذين يطلبون اللجوء والحماية في المكسيك. من الواضح بالنسبة إلينا أن هذا النزوح القسري ناجم بشكل أساسي عن مستويات مقلقة من العنف الإجرامي، شبيهة بما شهدته سنوات الصراع الداخلي والعنف السياسي في المنطقة في ثمانينيات القرن العشرين وأوائل تسعينياته.
أنت تتحدث عن النزوح القسري لا عن الهجرة
إنه اختلاف جوهري لا بد من التشديد عليه نظراً إلى وجود عواقب قانونية وعملية بارزة. تكمن أهمية الإشارة إلى ذلك في الواقع القائل إن النازحين قسراً يحق لهم التمتع بأشكال مختلفة من الحماية المحلية والدولية تحددها الظروف الواقعية التي أدت إلى النزوح وما يقتضيه القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني وقانون اللاجئين. وبالنسبة إلى المكسيك، نشدد على حق سكان أميركا الوسطى الفارين من العنف الإجرامي في المثلث الشمالي باللجوء وبالاستفادة من إجراءات حماية أخرى في المكسيك كما رسّخها وحددها القانون المكسيكي والقانون الدولي للاجئين. ويُعتبر تسهيل الاستفادة من تلك الإجراءات التدبير الأهم الذي قد تتخذه السلطات المكسيكية.
ما هي المخاطر التي يواجهها الأطفال غير المصحوبين؟
لقد أثر العنف السائد في المثلث الشمالي بشكل أساسي على الفئات الأكثر ضعفاً. وفي وجه محاولات المتورطين بأعمال إجرامية تجنيدهم قسراً - أشكال مختلفة من الاستغلال أو الخطف أو القتل أو العنف الجنسي، لا سيما ضد الفتيات- يفر أطفال أميركا الوسطى أو يُدفعون إلى الفرار لإيجاد الأمان في الخارج. العنف هو عامل أساسي وأكثر تكرراً يدفع بالأطفال إلى الفرار. وقد تأكد ذلك في الدراسات التي أجرتها المفوضية في الولايات المتحدة وعلى الحدود المكسيكية الجنوبية.
ما هي حقوق هؤلاء الأطفال؟
التدبير الأول والأساسي الذي يجب أن تتبناه الدول هو وضع آليات تمكّن المسؤولين الحكوميين، ولا سيما أولئك الناشطين على الحدود، من إجراء تحديد فعال للأطفال الذين يحتاجون إلى الحماية الدولية، كأولئك الذين لا يجب إعادتهم أو الذين يجب إحالتهم إلى الإجراءات والموظفين المخولين تقييم وضعهم الفردي، وتطبيق الاستجابة المناسبة لحمايتهم بناءً على مبدأ قانوني يضمن مصالحهم الفضلى. إنها آلية جوهرية لضمان احترام حق الطفل باللجوء فضلاً عن حقوق أخرى. نحن لا نعني بذلك أن جميع الأطفال غير المصحوبين هم من اللاجئين؛ بل أن وضعهم يجب أن يقيَّم بالشكل المناسب.
هل يمكن اعتبار الأشخاص الذين يتعرضون للاضطهاد والتهديد من اللاجئين؟
نعم طبعاً. كما ذكرت سابقاً، يتوقف الأمر حتماً على تقييم الظروف الفردية للطفل وأسباب مغادرته لبلاده. ولكن في معظم بلدان أميركا اللاتينية، بما في ذلك المكسيك، ثمة تعريف قانوني للاجئ [إعلان كارتاخينا الصادر في العام 1984]، وهو لا يخص الفارين بسبب خوف مبرر من الاضطهاد فحسب، بل يشمل أيضاً كل من ينزح قسراً بسبب ظروف عنيفة أخرى مثل سياق العنف المعمم أو سياق آخر تحصل فيه انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان. هذا الاعتبار أساسي كونه يسمح للمكسيك وبلدان أخرى بتوفير الحماية الدولية اللازمة بما يتوافق مع التشريع المحلي.
هل تُعتبر البيانات المتوفرة غير وافية؟
للأسف نعم؛ فمن أكبر التحديات التي تواجهها المفوضية والجهات الإنسانية الأخرى في هذا السياق هو عدم وضوح الرؤية. ومرةً أخرى، الضعفاء هم الأكثر تأثراً بالوضع.
هل من احتياجات إنسانية لا تغطيها إجراءات الحماية؟
تتعدد احتياجات الأطفال على صعيد الحماية، بدءاً من آليات الاستقبال المناسبة التي تراعي احتياجات الأطفال الخاصة، مثل أماكن الإقامة والمرافق الترفيهية والاجتماعية الأساسية، وصولاً إلى الاستفادة من التعليم والخدمات الصحية. ولكنني أظن أن أبرز الاحتياجات الإنسانية في هذا السياق هي التمتع بالأمان والحماية من هؤلاء المتورطين بأعمال إجرامية أنفسهم الذين تسببوا بهذه الدورة من النزوح. هذا هو الجوهر الحقيقي للجوء والحماية الدولية. ولا يتطلب هذا النوع من الحماية الجسدية الدعم الذي يمكن أن يوفره الناشطون في المجال الإنساني فحسب، بل يحتاج أيضاً إلى الإرادة السياسة وإلى الاعتراف من دول المنطقة.