الإنترنت يغير حياة اللاجئين والسكان المحليين في أوغندا
يتجوّل اللاجئ السوداني ريتشارد ماليامونغو في السوق ذي الشوارع الترابية. يغلق عينيه قليلاً من شدة نور الشمس وسط النهار، ويبطئ ويتوقف خارج كشك مغلق.
هنا، في مخيّم رينو، يأمل ريتشارد فتح متجر لبيع الهواتف لنظرائه من اللاجئين، وهو حلم أصبح ممكناً مع وصول الإنترنت إلى هذا الجزء النائي من شمال أوغندا.
يقول ريتشارد البالغ من العمر 23 عاماً، والذي توصل إلى فكرة هذا المشروع التجاري مع زملائه أثناء دورة تدريبية عبر الإنترنت عن المشاريع الاجتماعية في أغسطس من هذا العام: "لقد حسّن الإنترنت حقاً حياتنا وحياة الأوغنديين هنا. لاحظنا أن الناس هنا يريدون إنشاء أعمال تجارية إضاف إلى الدراسة. لقد أصبح ذلك ممكناً الآن مع توفر الإنترنت".
"لقد حسّن الإنترنت حقاً حياتنا وحياة الأوغنديين هنا"
فرّ ريتشارد من العنف المتصاعد بالقرب من منزله في جنوب السودان في فبراير 2017. إنه واحد من أكثر من مليون لاجئ معظمهم من جنوب السودان دخلوا إلى أوغندا خلال عامين، مما أدّى إلى زيادة عدد اللاجئين في البلاد ليصبح الأكبر في إفريقيا.
وتسمح أوغندا، التي يُشاد بسياساتها التقدمية، للاجئين بالعمل وإطلاق المشاريع التجارية والتملك. ومع ذلك، فقد شكل حجم الوافدين الجدد ضغطاً على الموارد الإقليمية المستنزفة أصلاً. ومع ضعف وجود الهواتف المحمولة أو غيابها، يقبع اللاجئون في المخيمات النائية.
واستجابةً لذلك، فقد لجأ صندوق الأمم المتحدة للمشاريع الإنتاجية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والشركاء إلى القطاع الخاص للمساعدة. وقد دعوا برفقة منظمة "نت هوب" الشريكة، مقدّمي خدمات الاتصالات المتنقلة لتوسيع نطاق التغطية ليشمل مخيمات اللاجئين الجديدة في أوغندا. وعلى مدار العام الماضي، شيّد مقدّمو الخدمات "إيرتل" و"أفريسيل" و"أم تي أن" أبراجاً خلوية في جميع أنحاء المنطقة، مما أتاح توصيل الإنترنت للملايين للمرة الأولى.
يقول ف.ج. سوماسيخار، المدير الإداري لشركة "إيرتل" في أوغندا: "نشيّد أبراجاً في شمال أوغندا، ونقوم بتكييف خطة شبكتنا لتتلائم مع مواقع مخيمات اللاجئين. وتضمن الأبراج حصول جميع السكان، الأوغنديين وكذلك اللاجئين، على خدمة جيدة."
تشاورت شركة "إيرتل" مع الوكالات الحكومية والمنظمات غير الحكومية العاملة مع اللاجئين في المنطقة عن كثب لضمان تسهيل الشبكة الموسّعة عملها. ويساعد تحسين الاتصال على تنسيق توزيع الغذاء والدواء والإسكان، ويسمح للمنظمات غير الحكومية بتوزيع المنح النقدية مباشرةً على اللاجئين عن طريق تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول.
وبهذه الطريقة، يشكل المشروع جزءاً من استجابة أوسع لتحركات اللاجئين والمعروفة باسم الإطار الشامل للاستجابة للاجئين، تدعو إلى إشراك مجموعة أوسع من الجهات الفاعلة في الاستجابة للاجئين وتعزيز الشراكات.
ويشرح سوماسيخار من "إيرتل": "هذا النهج التعاوني بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص يمكن أن يخدم هدفاً واحداً. فقد قدمت الحكومة سياسة خاصة باللاجئين وجاءت المنظمات غير الحكومية لتقوم بما يمكنها القيام به وضمنت شركات مثل "إيرتل" أن تعمل جميع الجهات الثلاثة على تحقيق هدف واحد".
ويضيف قائلاً: "لذا لا تحتاج الشركات إلى الاضطلاع بمسؤولية اجتماعية منفصلة للشركات، ويمكنها التعاون مع الوكالات الحكومية لتحقيق نفس الهدف. أعتقد أن هذه فرصة حقيقية لنا جميعاً. وبطريقة مجدية للغاية، تمكنّا من التأثير على حياة الناس ومن إحداث هذا التغيير".
على أرض الواقع، كان هذا التأثير عميقاً. فقد أدّى تحسين الاتصال بشبكة الإنترنت إلى تغيير الفرص ليس فقط بالنسبة للاجئين، ولكن أيضاً بالنسبة للأوغنديين في هذه المنطقة الشمالية التي كانت معزولةً في السابق. في مخيّم رينو، تساعد المبادرة المجتمعية "شبكة تمكين المجتمع في مجال التكنولوجيا" الشباب الأوغنديين على الوصول إلى منصات التعليم عبر الإنترنت، وتغير الآفاق بالنسبة لأولئك الذين يصارعون من أجل تسديد الأقساط المدرسية.
"لقد تعلّمت كيف أضع خطة عمل خاصة بي"
ويقول الشريك التجاري الأوغندي لريتشارد، غيفت مونغوليني، الذي أكمل مؤخراً أيضاً دورة في المشاريع المجتمعية بمساعدة "شبكة تمكين المجتمع في مجال التكنولوجيا": "كان وصول اللاجئين مفيداً لي وللمجتمع بأكمله. لقد ساعدنا وجود الإنترنت هنا. يمكن للشباب الآن الوصول إلى الكثير من المعلومات."
غيفت هو الولد الخامس في عائلة مكونة من عشرة أفراد، ولم يكن والده قادراً على تحمّل تكاليف إرساله إلى المدرسة بعد الصف السادس. ولكن الآن بعد أن وصل الإنترنت إلى المنطقة، يمكنه مواصلة التعليم وتحسين فرصه الحياتية بشكل جذري.
ويقول غيفت: "لقد تعلّمت كيف أضع خطة عمل خاصة بي. لولا مجيء اللاجئين، كنت سأعمل في الحقول. هكذا ساعدتني الدورة وشبكة الإنترنت، وأنا أعلم أنها ستساعدني أكثر بكثير من ذلك وأنه سيكون لها تأثير كبير علينا جميعاً".
يوافق ماثيو لوباري البالغ من العمر 26 عاماً، والذي يتطوع مع "شبكة تمكين المجتمع في مجال التكنولوجيا" لتدريس المهارات الرقمية لزملائه من اللاجئين والسكان المحليين الذين يحلمون بأن يصبحوا علماء ومهندسين وأطباء، ويقول: "نحن نقوم بأشياء عظيمة منذ أن أصبح الإنترنت متوفراً هنا. أصبح الوصول إلى المعلومات سهلاً جداً. يمكن لأعضاء المجتمع المجيء إلى هنا والوصول إلى الدورات التدريبية عبر الإنترنت. لقد غير الإنترنت حياتهم حقاً".
أثناء بحثهما عن الاستثمار في كشك الهواتف المحمولة الخاص بهما، سوف يستمر ريتشارد وجيفت في نشر الفوائد الناشئة عن وصول الإنترنت إلى المجتمع بشكل أوسع. عاد الرجلان إلى الدراسة على شبكة الإنترنت للحصول على دبلوم في الصحة العامة وهما يخططان لنشر ما تعلماه لتحسين النظافة ووقف انتشار الأمراض في مخيّم رينو.
ويقول مؤسس "شبكة تمكين المجتمع في مجال التكنولوجيا"، بيتر باتالي البالغ من العمر 32 عاماً، وهو لاجئ سوداني يعتقد أن الاتصال بالإنترنت يمكن أن يسمح للاجئين بلعب دور في التقدم الإقليمي: "الجميع هنا، السكان المحليون واللاجئون، يفكرون في كيفية تطوير هذا المكان. لدينا مكان هادئ هنا لتعلّم المهارات وتحسين الظروف. يمكنك البدء بمشروع تجاري هنا أو عيادة. ومهما كان التحدي صعباً، يمكنك الآن الاتصال بالإنترنت والعثور على الأجوبة".