إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

كلمة المفوض السامي أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة

خطابات وتصريحات

كلمة المفوض السامي أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة

6 نوفمبر 2024 متوفر أيضاً باللغات:
المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي يعرض تقريره أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة.

المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي يعرض تقريره أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة.

سيدتي الرئيسة،

المندوبون الكرام،

نحن نعيش زمناً يتسم بالتغير السريع.. زمناً واعداً. فقبل بضعة أسابيعٍ فقط، تم اعتماد "ميثاق المستقبل" هنا في مدينة نيويورك – لكنه أيضاً زمنٌ محفوفٌ بالمخاطر، وتشوبه حالة واسعة من انعدام اليقين.

انعدام اليقين هذا ليس متعلقاً بطبيعة أو حجم التحديات التي تواجهنا، فهي واضحةٌ أمامنا، بما فيها الحروب والفقر والأوبئة ومخاطر التكنولوجيا غير المنظمة وتغير المناخ، وغيرها الكثير من القضايا المترافقة مع مستوياتٍ غير مسبوقةٍ من النزوح القسري.

ولا يتعلق انعدام اليقين حتى بالحلول لهذه التحديات، فالكثير منها بمتناول أيدينا. لا، بل أنّ ما هو على المحك، يتمثل في قدرتنا الجماعية على العمل معاً. ففكرة تعددية الأطراف بحد ذاتها مهددة بالخطر. هل بإمكاننا – كأممٍ متحدةٍ – أن نتوصل لدرجةٍ كافية من التوافق لتحقيق التقدم، والبدء في التصدي لتحديات عصرنا المتعددة، قبل فوات الأوان؟ الإجابة على هذا السؤال سترسم معالم السنوات المقبلة.

يوجد اليوم 123 مليون نازحٍ قسراً حول العالم، وهم أشخاصٌ اضطروا للفرار من العنف والاضطهاد والصراعات.

الصراعات مثل ما يشهده لبنان، حيث وصل حجم الدمار إلى مستوىً كارثي، ومثل ما تعيشه غزة – حيث لم يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار الذي تشتد الحاجة إليه، بل تستمر الغارات الجوية الإسرائيلية، مخلفةً خسائر هائلةً في الأرواح، ودماراً في البنية التحتية المدنية – كالمدارس والمستشفيات والطرقات. إن العواقب مروعة من الناحية الإنسانية، وتحتاج إلى دعمٍ دوليٍ عاجل. رغم ذلك، يظل التمويل المقدم للنداءات الخاصة بلبنان وسوريا أقل بكثير مما هو مطلوب. فقد نزح مئات الآلاف، أغلبيتهم من اللبنانيين، والكثيرون منهم سوريون – كما تعلمون، فقد استضاف لبنان لأكثر من عقدٍ من الزمن اللاجئين السوريين. إنّهم أشخاصٌ فروا من الحرب ويجدون أنفسهم اليوم مضطرين للفرار من حرب أخرى. وخلال الأسابيع الماضية منذ بدء الصراع في لبنان، عبر 470,000 شخصٍ – 30% منهم لبنانيون و70% منهم سوريون – الحدود إلى سوريا، هذا إن تمكنوا من العبور، نظراً لأن الطرقات المؤدية إلى الحدود قد تعرضت أيضاً للقصف.

إنّ سوريا لم تتعافَ بعدُ من سنوات الحرب والانقسام والعقوبات، وهي بلدٌ سنستمر بالعمل فيه بالفعل مع الحكومة السورية، لضمان سلامة وأمن كافة الأشخاص القادمين إليها، وليس فقط عند النقاط الحدودية، بل في المجتمعات التي يعود إليها السكان في نهاية المطاف أيضاً. ستواصل المفوضية الاضطلاع بدورها الرقابي في هذا السياق، وهو أمرٌ بحثته مع الحكومة أثناء زيارتي الأخيرة إلى البلاد.

علينا ألّا ننسى بأن معظم السوريين قد واجهوا مشقاتٍ هائلةً قبل هذه الأزمة، وكافحوا للحفاظ على كرامتهم في بيوتهم ومجتمعاتهم، إلا أنهم فتحوا بيوتهم لاستقبال الواصلين الجدد، من السوريين العائدين واللاجئين اللبنانيين على حد سواء. ليس بإمكانهم تحمل هذا العبء وحدهم، فهم بحاجةٍ إلى دعمنا؛ ليس فقط بتوفير مواد الإغاثة الإنسانية، بل بالمساعدة على التعافي المبكر، على النحو المنصوص عليه في العديد من قرارات مجلس الأمن.

هذا هو الوضع بالنسبة للسودانيين أيضاً – طالما أن محادثات السلام هناك – أيضاً – لا تؤخذ على محمل الجد. تعجز الكلمات عن وصف الظروف في السودان، من العنف المفرط إلى الانتهاكات الجنسية، والجوع، والفيضانات، والأمراض. إننا نشهد بشكلٍ مباشر انهيار البنية التحتية الاجتماعية للبلاد، إذ تعطلت الأنظمة الصحية، وتوقف التعليم، وتعرضت الإدارة المدنية للشلل التام. وقد نزح أكثر من 11 مليون سوداني منذ بدء الحرب قبل 18 شهراً، فيما غادر البلاد ثلاثة ملايين شخصٍ. وخلال الشهر الماضي وحده، وصل 60,000 لاجئ جديد إلى تشاد، ليضافوا إلى من تستضيفهم البلاد هناك، وكذلك إلى مصر وجمهورية إفريقيا الوسطى وإثيوبيا وجنوب السودان وأوغندا وليبيا. تستمر قائمة البلدان المضيفة للاجئين السودانيين بالتوسع، وسوف تستمر في ذلك ما لم نتحرك عاجلاً لتقديم الإغاثة لمن اضطروا للفرار ولأولئك الذين يستضيفونهم؛ فهم جميعاً يعانون من نفس أوجه الضعف وحالة انعدام اليقين.

سيدتي الرئيسة،

يمكننا التيقن من أمرٍ واحد فقط، وهو أن هذه الصراعات إن تركت دون حل – كما نرى في الشرق الأوسط – ستستمر في التوسع دون هوادة، وستكون لها نتائج غير مسبوقةٍ تطال الجميع. وعندما يترك اللاجئون للتصرف بمفردهم، فإنهم وسواهم سيستمرون في التحرك حتى وصولهم إلى بر الأمان.

خلال السنوات القليلة الماضية – ومع تراكم تأثيرات تغير المناخ والمصاعب الاقتصادية مع الصراعات والاضطهاد لدفع الأشخاص للفرار – رأينا اللاجئين والمهاجرين يتنقلون معاً على طول الطرق نفسها، فيما نسميه بـ"التدفقات المختلطة". وأصبحت معالجة هذه التحركات مشكلةً صعبةً بالنسبة للدول على طول طرق اللجوء، مما دفع بالعديد من الحكومات إلى محاولة إيقاف تدفق الأشخاص من خلال فرض إجراءات تتزايد صرامةً وتركز على القيود، وفي بعض الأحيان، فرضت إجراءات تهدف لنقل التزامات اللجوء إلى دول أخرى أو إلى الخارج أو تعليقها. لكن ذلك ليس بغير الفعّالٍ فحسب، بل إنه يمثل انتهاكاً لالتزاماتها القانونية الدولية.

تكمن المقاربة الأكثر فعاليةً في النظر إلى ما وراء الحدود، والتي غالباً ما تكون محط التركيز. انظروا إلى طرق النزوح بشكلٍ شامل عوضاً عن ذلك، ابحثوا عن الفرص المتاحة في بلدان الأصل؛ على سبيل المثال، من خلال تعزيز قدرة المجتمعات المعرضة لمخاطر تغير المناخ على الصمود. ابحثوا عن فرص توسيع برامج الإقامة القانونية وتنظيم الأوضاع في بلدان اللجوء أو العبور، وإتاحة إمكانية الوصول إلى الخدمات وفرص العمل، كما فعلنا في المكسيك على سبيل المثال. وفروا مساراتٍ أكثر لتمكين الأشخاص من الانتقال بشكلٍ قانوني، وبأمان، من دولةٍ إلى أخرى.. وعندما يصل اللاجئون والمهاجرون إلى حدودكم، سنساعدكم في تطوير الاستجابات القانونية التي تواكب تحديات التحركات المختلطة. يشمل ذلك إجراءات اللجوء الفعّالة التي تنجح بتحديد من يحتاجون للحماية الدولية بسرعة وإنصاف، والتي تغطي إعادة الأشخاص إلى بلدانهم – بأمانٍ وكرامة – إن وجد بأنهم ليسوا بحاجةٍ إلى هذه الحماية.

سيدتي الرئيسة،

أرجو بألّا ننخدع بالأوهام القائمة على إمكانية احتواء أو عزل الأزمات. كنت قد حذرت مجلس الأمن من ذلك مجدداً في شهر مايو.

انظروا إلى الوضع في أفغانستان؛ البلد الذي عانى من الصراع وانعدام الاستقرار لأكثر من 40 عاماً، واضطر سكانه للنزوح بشكلٍ متكرر، والكثيرون منهم لاجئون في باكستان وإيران، وهما بلدان أود التوجه بالشكر إليهما لدعمهما السخي وطويل الأمد. لكن، في واقع الأمر، فإن تأثير الاضطرابات في أفغانستان – من حيث تحركات اللاجئين – تصل إلى أبعد من ذلك، على الطرق المتجهة إلى أوروبا، وحتى جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية.

ينطبق ذلك أيضاً على الأزمة في أوكرانيا، حيث اندلعت حرب لم تجبر الملايين على النزوح نحو البلدان الأوروبية فحسب، بل ساهمت أيضاً في انعدام الأمن الغذائي في إفريقيا وأماكن أخرى.

وتستمر الصراعات المتشابكة التي لم نجد لها حلاً في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية بالتسبب في مزيدٍ من النزوح وانعدام الاستقرار – وغالباً ما يرتبط الاثنان ببعضهما البعض – في مختلف أنحاء منطقة البحيرات العظمى الإفريقية.

ما أرمي إليه هو أنه لنا جميعاً مصلحة في السلام، وفي الاستجابة معاً للنزوح. لا جدوى من بناء الجدران وإيقاف القوارب.. فالاستجابات غير المنسقة لا تحقق نتيجة، بل تؤدي فقط إلى تأجيج الانقسام وانعدام الثقة، ونشر العداء بين البلدان، وبين الشعوب.

سيدتي الرئيسة،

في السياق عينه، لا يمكننا أيضاً السماح بأن يصبح العمل الإنساني مُجزأً أو مُسيساً، الأمر الذي – للأسف – بدأنا نراه أمامنا. المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين منظمة إنسانية غير سياسية تتولى مسؤولية الوقوف مع اللاجئين أينما كانوا – الأمر الذي عهدتم إلينا به – ونحن لن نتخلى عن النازحين قسراً لأننا لا نتفق مع قادتهم. إن السبب الذي يمكننا من العمل في أكثر من 580 موقعاً هو بالتحديد الطبيعة غير السياسية لولايتنا، وإن الحفاظ على ذلك ضرورة حتمية لكي نتمكن من أداء واجبنا بفعالية.

ولهذا الغرض، نحن بحاجةٍ إلى دعمكم المستمر – بما في ذلك دعم هذه اللجنة. وبينما نعمل في عالمٍ من الصراعات والانقسامات، أصبح أكثر أهمية من أي وقتٍ مضى أن تضطلع الجمعية العامة بدورها القيادي وتكون قدوةً تحتذى من حيث إعلاء قيمنا المشتركة من النزاهة والحياد والإنسانية.

وقد نجحت بذلك مراراً يا سيدتي الرئيسة،

على سبيل المثال، عند إقرار الميثاق العالمي بشأن اللاجئين في عام 2018، وأيضاً، خلال المنتديين العالميين للاجئين، اللذين انعقد ثانيهما في جنيف في ديسمبر الماضي، ومثّل لحظةً مؤثرةً من التضامن، وفرصةً لتكريس التزامنا المشترك بتقاسم المسؤولية – ما يعكسه تسجيل أكثر من 2,000 تعهد، والكثير منها قد بدأ بالفعل يُحدث أثراً في حياة النازحين قسراً. لم يترك المنتدى العالمي للاجئين أي شكٍ في قدرة الرؤية الصحيحة والتضامنية على مساعدتنا في تجاوز الانقسامات.

التضامن مع اللاجئين أولاً، ولكن أيضاً مع البلدان التي تستضيف أعداداً كبيرةً من اللاجئين، البلدان مثل إثيوبيا والأردن وتركيا وكولومبيا وغيرها الكثير، والتي لا يمكن تركها تتحمل أعباء هذه المسؤولية وحدها.. إنها تعتمد على دعمكم المستمر، بما في ذلك دعمكم المالي.

من المؤسف بأننا قد شهدنا على مدى السنوات القليلة الماضية ازدياداً في عدم قدرتنا على التكهن بالتمويل الإنساني. نحن نتفهم تضارب الأولويات على المستويين المحلي والخارجي، الأمر الذي يستمر في إنهاك ميزانيات الدول المانحة. لقد مرت المفوضية – إلى جانب كامل القطاع الإنساني – بفترةٍ عصيبة من الناحية المالية على مدى الأشهر الـ12 الماضية، في أعقاب موجات الدعم المتعلق بفيروس كورونا، وحالات الطوارئ مثل تلك التي شهدتها أفغانستان وأوكرانيا. لقد أجبرنا الانخفاض اللاحق في التمويل على اتخاذ تدابير لاحتواء نفقاتنا، مما أدى إلى اقتطاع 1,000 وظيفة، كما اضطررنا إلى تجميد بعض الأنشطة الضرورية المنقذة للحياة في عملياتنا. وبينما تحسن وضعنا المالي لعام 2024 لاحقاً - وخاصة بفضل الولايات المتحدة وكذلك كبار المانحين الآخرين - تظل مستويات التمويل لعام 2025 وما بعده غير مؤكدة، مما يزيد من المخاطر التي تطال قدرتنا وقدرة البلدان المضيفة على الاستجابة لأزمات اللجوء والنزوح بطريقة واضحة ومرنة؛ خاصةً وأن معظم التمويل الذي نتلقاه مخصص، مما يمنعنا من تعبئة الموارد حيث تشتد الحاجة إليها.

إن هذا "الهلع المالي" قد أدى أيضاً إلى تسريع عملية إعادة الهيكلة التي كنا نجريها – لتعزيز الكفاءة في تحديد الأولويات، والبدء بترسيخ المكاسب التي أحرزناها من خلال ما يمكن القول جدلاً بأنه أوسع عملية إصلاح في تاريخنا. إلا أن المكاسب المحرزة من خلال الكفاءة – وهي ضرورية – لا يمكن لها رأب الفجوة القائمة بين الاحتياجات الإجمالية والتمويل المتوفر.

سيدتي الرئيسة،

يتوجب علينا الذهاب أبعد من إعادة الهيكلة وتحديد الأولويات. في سياق حالات الطوارئ الإنسانية المتعاقبة، والتمويل الإنساني غير الكافي، وبينما يطول أمد أزمات النزوح بشكلٍ متزايد، علينا أن نعيد النظر في نُهجنا إزاء نزوح الأشخاص قسراً، وأن نجعله أكثر استدامةً. ويكمن السبيل إلى تحقيق الاستدامة في تعزيز شمل النازحين قسراً في المجتمعات المضيفة لهم – بالقدر الممكن – حتى يحين ميعاد عودتهم إلى ديارهم بأمان وبصورة تحفظ كرامتهم. يعني ذلك أيضاً الاستثمار في تعزيز الأنظمة الوطنية – كالصحة والتعليم والتدريب على المهارات والتوظيف والقطاع المصرفي وسواها على سبيل المثال – لكي تتمكن المجتمعات واللاجئون أيضاً من الاستفادة منها.

بالتأكيد، فإن الشمول لا يعني الإدماج؛ انظروا إلى المثال الذي قدمته أوغندا أو كولومبيا – فهما دولتان استضافتا اللاجئين بسخاء، واعترفتا بقدرة اللاجئين على الإسهام في اقتصاديهما ومجتمعيهما أثناء نزوحهم. أدركت كينيا الأمر ذاته أيضاً، وهي ستطلق قريباً خطة "شيريكا" التي تقرب بين اللاجئين ومضيفيهم أكثر، من خلال تفكيك الأنظمة والخدمات الموازية، التي كانت – لسنواتٍ عديدة – توفر الفائدة لمجموعة منهم دون الأخرى، مما أدى إلى التوتر والإحباط لدى الجميع. ما توصلت إليه هذه الدول وسواها، هو أنه من الأفضل للاجئين من حيث الكفاءة والاستدامة أن يتمكنوا من الاعتماد على الذات، وأن يكونوا مشمولين في الهيكليات الوطنية، عوضاً تركهم معتمدين كلياً على المساعدات الإنسانية.

لهذا النهج فوائد جليةٌ متعددة، فهو يحقق الفائدة للمجتمعات المضيفة بدرجة أكبر من الوضوح والمباشرة، كما أنه يستمد من رأس المال البشري للاجئين، ويتيح للبلدان المضيفة استقطاب التمويل التنموي الإضافي، بما يشمل المناطق النائية التي عادة ما يوجد فيها اللاجئون. تستفيد مفوضية اللاجئين من ذلك ايضاً، حيث أنه يسمح لنا بالتركيز على الحماية والحلول، كما أنه يعد أفضل بالنسبة للمانحين، إذ أنه يخفف بعض الضغوطات التي تطال التمويل الإنساني.

بالطبع، فإننا ندرك بأنه من غير الممكن لنهج واحد أن يكون مناسباً للجميع، فلن تكون كافة أوضاع النزوح ملائمة بشكلٍ متكافئ، لكن المفوضية سترافق وتدعم جميع الدول المهتمة بالذهاب أبعد في مسار الاستدامة، من خلال الاستفادة من شراكاتنا مع الحكومات المضيفة، والجهات التنموية الفاعلة، والمؤسسات المالية، والبنوك متعددة الأطراف، والقطاع الخاص، بالإضافة إلى المنظمات التي يقودها اللاجئون والنساء وسواهم من أفراد المجتمعات المحلية المعنيين.

سيدتي الرئيسة،

حتى في خضم عملنا لجعل الاستجابة لحالات النزوح أكثر استدامة، لا يمكننا إغفال الحاجة لإيجاد الحلول للأشخاص النازحين قسراً وعديمي الجنسية على حد سواء.

نفخر بالتقدم الكبير الذي أحرزناه في التصدي لمسألة انعدام الجنسية على مدى العقد الماضي من الزمن، وفي سياق حملة #أنا_أنتمي. وقت حققت دول مثل قيرغيزستان وتركمانستان وتايلاند وسواها قفزاتٍ نوعيةً في معالجة وحتى إنهاء انعدام الجنسية كلياً. وسوف يبني التحالف العالمي للقضاء على انعدام الجنسية – الذي جرى إطلاقه قبل شهرٍ من الزمن – على ما تم تحقيقه خلال السنوات الـ10 الماضية، لأن انعدام الجنسية قضية قابلة للحل.

وبينما تظل الحلول لقضية الأشخاص النازحين قسراً عصيةً، ينبغي ألا نفقد الأمل.. لإيجاد الحلول، بينما يبقى الأشخاص نازحين داخلياً في بلدانهم ومناطقهم الأصلية، تعمل المفوضية بشكلٍ وثيق مع المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بإيجاد حلول للنزوح الداخلي، روبرت بايبر، لتحديد الخطوات التالية من خطة العمل بشأن النزوح الداخلي.

وبالطبع، علينا العمل لإيجاد حلول لهم عندما يصبحون في عداد اللاجئين، بما في ذلك من خلال إعادة التوطين والمسارات التكميلية، حتى وإن كانت غير كافية لتلبية الاحتياجات الهائلة، إلا أنها تبقى أدوات أساسية لحماية اللاجئين من الفئات الأكثر ضعفاً. هذا وتمثل إعادة التوطين والمسارات التكميلية الأخرى رسالة تضامن قوية مع البلدان المضيفة لأعدادٍ كبيرةٍ من اللاجئين.

لكن، في نهاية المطاف، فإن الحل الأكثر استدامة يكمن في عودة السكان النازحين إلى بيوتهم، لأن أغلب اللاجئين يريدون العودة إلى ديارهم – طوعاً وبصورةٍ تحفظ كرامتهم. سوف تقوم المفوضية دوماً بإعلامهم، ومشاركتهم بوجهات نظرها بشأن الظروف في بلدانهم الأصلية، لكن قرار العودة يبقى في أيدي السكان النازحين أنفسهم. لا يعني ذلك بأن الأوضاع في البلدان الأصلية ستكون ملائمة دوماً للعودة واسعة النطاق، لكنها إشارة على حاجتهم إلى المرونة والدعم عندما يقررون العودة – طوعاً – حتى في ظروفٍ غير مثالية.

سيدتي الرئيسة،

ختاماً، اسمحي لي بأن أشكركم جميعاً على الدعم الذي تواصلون تقديمه إلى المفوضية، وخاصةً لتضامنكم مع جميع اللاجئين والنازحين داخلياً وعديمي الجنسية. إنه بالفعل زمن عدم اليقين، والتحديات القادمة كثيرة، لكن علينا أن نكون قادرين على العمل – معاً – وحتى في الأوقات الصعبة. إن المفوضية لن تتوقف عن العمل ولن تسأم، فالأشخاص الذين نخدمهم يعتمدون علينا، ونحن نعتمد عليكم.

شكراً لكم.