شهادات مصوّرة.. الكويت تدعم الرعاية الصحية للاجئين السوريين في لبنان
شهادات مصوّرة.. الكويت تدعم الرعاية الصحية للاجئين السوريين في لبنان
تستمر أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان بالتدهور مع اقتراب دخول الصراع في سوريا عامه السادس. فقد استنفدت المدخرات وتضاءلت القدرة على إيجاد فرص العمل وتراجعت المساعدات الإنسانية بسبب النقص في التمويل. أما الوضع الصحي للاجئين، فهو يزداد تعقيداً جراء التجارب الصعبة والأليمة التي غالباً ما يواجهونها في وطنهم وخلال رحلة فرارهم. بالإضافة إلى ذلك، تتفاقم المشاكل الصحية نتيجة للظروف السيئة التي يعيشها معظم اللاجئين حالياً، بما في ذلك الملاجئ المتدنية المستوى والافتقار إلى السبل الملائمة للتخلص من النفايات وسوء حالة المرافق الصحية. بالتالي، يتزايد خطر تدهور صحة اللاجئين وتعرضهم للإصابات والشدائد. لهذا السبب، تأتي المساعدات المقدمة من الجهات المانحة، كتلك التي تكرمت بها دولة الكويت، لتشكّل فارقاً يصل إلى حدّ الفارق بين الحياة والموت.
نورد أدناه بعض المعلومات عن التمويل الإنساني السخي الوارد من دولة الكويت، والذي يستفيد منه اللاجئون السوريون عبر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لاسيما للرعاية الصحية الثانوية والثالثية التي تساعد اللاجئين على الوصول إلى العلاج المنقذ للحياة ودخول المستشفى.
يروي محمد، الذي قدم إلى لبنان في العام 2012، قصته للمفوضية: "لقد اضطررت إلى مغادرة البلاد جرّاء المعارك الدائرة في مدينتي. أشعر بالتوتر والحزن لأنني لا أزاول أي عمل في لبنان. لا أملك أي دخل لأعيل زوجتي." يعيش محمد حالياً مع عائلته في خيمة في مزرعة صغيرة حيث يعمل شقيقه مقابل الإيجار. "لقد تكفّلت المفوضية بمعظم فواتير المستشفى. لم يكن في وسعي أبداً أن أسدد النفقات. كنت سأضطر إلى التسول قرب أحد المساجد. إنني ممتن لكل المساعدة التي قدمتها إلي المفوضية ودولة الكويت."
تقول أمينة، "عندما اكتشفت أن مطر كان مريضاً شعرت بقلق بالغ. لم أستطع النوم. أشعر الآن بالارتياح بعدما علمت أنه قد تحسّن. لا أستطيع أن أتخيّل ما كنا سنفعله لو لم تتكفّل المفوضية بتسديد التكاليف. كنا سنضطر إلى اقتراض المال." أظهرت دراسة أجريت مؤخراً من قبل المفوضية واليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي أن نحو 90 في المائة من اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان غارقون في بحر من الديون. يبلغ معدّل الدين الشهري المتراكم حالياً على كل أسرة سورية لاجئة 842 دولاراً أميركياً، أي ما يمثل زيادة قدرها 180 دولاراً أميركياً مقارنة بالعام الماضي. وهم يُضطرّون إلى اقتراض الأموال لتغطية تكاليف احتياجاتهم الأساسية، بما في ذلك الإيجار والمواد الغذائية والرعاية الصحية.
يروي الدكتور عبد القدر قصة محمد ويقول: "عندما وصل إلى المستشفى كان في حالة سيئة جداً. كان يعاني من عدة مضاعفات، بما في ذلك ارتفاع في ضغط الدم ومستويات السكر وصعوبة بالغة في التنفس. بعد قضاء 4 أيام في المستشفى، يبدو محمد اليوم بحال أفضل، غير أننا لن نخرجه من المستشفى قبل أن تستقر حالته. يعاني محمد من مشاكل في البروستات وهو بحاجة إلى جراحة، إلا أننا لا نستطيع إجراءها له قبل التأكد من قدرة جسمه على تحمّل البنج والجراحة. آتي لأطمئن عليه كل صباح، كما تزوره عائلته بعد ظهر كل يوم." لقد غادر محمد منزله الواقع بالقرب من الحدود التركية في محافظة حلب عند اندلاع الحرب في سوريا وأحضر عائلته إلى مدينة صيدا اللبنانية، وهومتزوج ولديه ثلاثة أبناء وأربع بنات. تدهورت صحة محمد في لبنان بعد وفاة ابنه (22 عاماً) إثر حادث سيارة. وهو يكافح جرّاء ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية في لبنان. يقول محمد، "كنا نحصل على الرعاية الصحية في سوريا مجاناً"، ويتابع، "أما هنا، فلا يمكنني أبداً تحمّل تكاليفها. لم يكن بمقدوري دخول المستشفى لولا دعم المفوضية."
حسين هو طفل فاطمة الثاني. ونظراً إلى عجزها عن تحمّل تكاليف المعاينات الطبية، لم تخضع فاطمة لأي رعاية خلال كل من حمليها السابقين. وقد شكّلت الظروف المعيشية المتردية في المخيم العشوائي الذي تعيش فيه خطراً أيضاً على حملها. وبسبب صغر سنها، اضطرّت إلى الخضوع لعملية قيصرية.
تتحدث فاطمة عن وضعها قائلة، "أشعر بألم خفيف في موضع الجرح، ولكنني سأتحسّن. خوفي الوحيد هو أنني غير قادرة حالياً على إرضاع ابني. لكن بفضل المفوضية، ما من داع، على الأقل، للقلق بشأن اقتراض المال لتسديد تكاليف علاجي في المستشفى."
كان من الممكن أن تُصاب سيماء بالجفاف بسبب مضاعفات في الجهاز الهضمي. وهي لم تكن لتتحسّن لو لم تتمكن من دخول المستشفى على الفور. تقول فاطمة: "لم يكن بمقدوري إدخال سيماء إلى المستشفى لولا دعم المفوضية. لم نضطر إلى دفع سوى 100,000 ليرة لبنانية (66 دولاراً أميركياً). زوجي يعمل بشكل موسمي ونحن نعيش حالياً في خيمة بالقرب من مزرعة. نعمل هناك مقابل الإيجار. فلو لم نحصل على مساعدة من المفوضية، كنت سأضطر إلى الاقتراض من كل شخص أعرفه."
غالباً ما يتم إدخال الأطفال حديثي الولادة الذين يحتاجون إلى عناية طبية مركزة في قسم خاص من المستشفى يسمى وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة. تجمع هذه الوحدة بين التكنولوجيا المتقدمة والعاملين الصحيين المتمرسين لتقديم الرعاية المتخصصة للأطفال حديثي الولادة المرضى أو الخدج. تساعد الرعاية المقدمة في هذه الوحدة الطفل على النمو واكتساب القوة اللازمة للخروج إلى المنزل من دون تعريضه لأي مخاطر صحية.
إن العلاج المقدم للأطفال حديثي الولادة والمصابين بتشوهات خلقية هو من بين التدخلات المنقذة للحياة الأكثر كلفة التي تتم تغطيتها من قبل المفوضية. في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة في مستشفى الراعي، 9 من أصل 18 مولوداً جديداً هم سوريون وعائلاتهم تكافح لتسديد كلفة الحاضنات البالغة 218 دولاراً أميركياً في اليوم. ووفقاً لابراهيم الراعي، المدير التنفيذي لمستشفى الراعي في صيدا، "لولا دعم المفوضية للاجئين السوريين، لا أدري أي خيارات أخرى التي كانت ستكون متاحة أمامهم. فغالباً ما يكون اللاجئون السوريون الذين يضطرون إلى دخول المستشفى شديدي الفقر والضعف."
خلال الفترة الممتدة بين يناير/كانون الثاني وأكتوبر/تشرين الأول 2015، تمكّنت المفوضية من دعم ما مجموعه 46,866 حالة استشفاء بفضل المساهمة السخية المقدمة من مختلف الجهات المانحة. ومن أصل هذه المساهمة، فقد قدّمت دولة الكويت ما مجموعه 10.5 ملايين دولار أميركي مما ساعد على إنقاذ حياة 17,500 مريض من اللاجئين السوريين، بحاجة إلى دخول المستشفى بشكل طارئ.