الإيفواريون يعودون إلى ديارهم قبل انتهاء فترة وضعهم كلاجئين
أمضى بريس كويون، البالغ من العمر 34 عاماً، ثلث حياته كلاجئ في ليبيريا. فقد غادر كوت ديفوار في البداية لأكثر من عقد من الزمن مع والديه ليفر مرة أخرى إلى ليبيريا، وهذه المرة مع أطفاله.
يجلس الآن الأب مع أطفاله الأربعة في مؤخرة الشاحنة التي ستعيدهم إلى الوطن، ويقول: "أنا عاجز عن التعبير لوصف ما أشعر به. الأطفال أيضاً سعداء جداً لأنهم سيجدون أجدادهم على الجانب الآخر".
بريس وعائلته هم من بين 5,000 لاجئ من كوت ديفوار والذين تلقوا المساعدة من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للعودة طواعية إلى ديارهم من مواقع مختلفة في ليبيريا منذ أواخر أغسطس.
في كل أسبوع، تغادر ثلاث قوافل تحمل ما بين 150 و 200 لاجئ إيفواري مدينة تو تاون في ليبيريا، حيث وجد بريس ملاذاً آمناً له هناك، إلى توليبلو، وهي أقرب مدينة في كوت ديفوار.
تعد حملة العودة بمساعدة المفوضية جزءًا من عملية ستضع حداً لصفة اللجوء بالنسبة للغالبية العظمى من الإيفواريين الذين فروا من الاضطرابات السياسية في بلادهم على مدار العشرين عاماً الماضية.
مرت ساحل العاج بحربين أهليتين بين 2002 و 2007 وأيضاً بين عامي 2011 و 2012، وهو ما أجبر حوالي 340 ألف إيفواري على الفرار من بلادهم. وعلى الرغم من فرار 34,000 آخرين من منتصف عام 2020 حتى أوائل عام 2021 خوفاً من العنف المرتبط بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية، فقد استقر الوضع السياسي في كوت ديفوار إلى حد كبير على مدار العقد الماضي، مما تسبب في وجود حوالي 290,000 لاجئ إيفواري يعيشون في غرب إفريقيا، معظمهم في ليبيريا المجاورة وغانا، للعودة طوعاً إلى ديارهم.
كانت أوغستين بلو، البالغة من العمر 33 عاماً، واحدة من هؤلاء. ولدت وهي تعاني من إعاقة، وفرت من كوت ديفوار في عام 2011. توفي زوجها في ليبيريا، وعادت إلى كوت ديفوار كأم عزباء لأربعة أطفال في عام 2016. كان وضعها محفوفاً بالمخاطر، لكنها تلقت المساعدة في عام 2018 - بما في ذلك حصولها على منزل وعلى المال الكافي للبدء في عمل تجاري صغير – وذلك من خلال برنامج إعادة الإدماج الذي تديره المفوضية.
تقول: "كل شيء أبيعه يساعدني في تربية أطفالي. نحن نأكل جيداً وننام جيداً. يذهب الأطفال إلى المدرسة وإذا كان أحدهم مريضاً، يمكنني نقله إلى المستشفى".
تقدم المفوضية لكل عائد 305,000 فرنك إفريقي (540 دولاراً أمريكياً)، بما في ذلك الأطفال، والذين غادروا بسبب الحروب الأهلية بين عامي 2002 و 2012. أما أولئك الذين غادروا بين عامي 2020 و 2021 فإنهم يحصلون على 75,000 فرنك إفريقي (130 دولاراً).
كما مولت المفوضية تأسيس تعاونيات لتربية الدجاج والخنازير والأسماك والتي تعود بالفائدة على العائدين وأفراد المجتمعات المضيفة لهم.
ومع ذلك، فإن إعادة الاندماج لا تخلو من مشاكلها. ففي غياب الأسر، شغلت أسر أخرى أراضي العديد من اللاجئين.
غادر بول باه، البالغ من العمر 71 عاماً، إلى ليبيريا في عام 2010 لكنه عاد في عام 2012 في محاولة لاستعادة مزرعة الكاكاو التي تبلغ مساحتها 1,000 هكتار. وقد أقدم من كانوا يشغلونها على مهاجمة أقاربه بالمناجل وأصابوا عدداً منهم بجروح خطيرة وخطفوا موظفيه.
يقول: "اتخذت إجراءات قانونية وكان لدينا جلسات استماع واحدة تلو الأخرى على مدى سنوات. بقيت قضيتنا سبع سنوات في المحكمة حتى حُسمت لصالحنا. لكن المتهمين لجأوا إلى محكمة الاستئناف واستغرق الأمر عامين آخرين قبل أن تحكم المحكمة لصالحنا مرة أخرى".
توصلت العائلتان أخيراً إلى اتفاق، وهو أن يؤجر الملاك الشرعيون، أي عائلة بول، نصف أراضيهم لمن احتلوها.
بناءً على تحليل للوضع في كوت ديفوار، والمشاورات مع الحكومة ومع حكومات البلدان المضيفة، قررت المفوضية بأن الظروف التي دفعت الإيفواريين إلى الفرار من بلادهم لم تعد قائمة، وتنصح بوضع حد لصفة اللجوء التي يحملها معظم الإيفواريين.
تحدد اتفاقية اللاجئين لعام 1951 الشروط التي يجب بموجبها إنهاء وضع اللجوء بموجب ما يسمى ببند انتفاء صفة اللجوء.
خلال حديثه في مستهل انعقاد اللجنة التنفيذية السنوية للمفوضية في 4 أكتوبر، أوصى المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي برفع صفة اللجوء عن الإيفواريين اعتباراً من 30 يونيو 2022.
وأعرب عن امتنانه لحكومات كوت ديفوار وغانا وغينيا وليبيريا ومالي وموريتانيا وتوغو، لإظهارها الإرادة السياسية لتنفيذ الحلول للاجئين الإيفواريين.
وقال: "إن هذا الجهد الإقليمي يستحق إشادة المجتمع الدولي بأسره"، مضيفاً أن المفوضية مستعدة لتعزيز دعمها للدول في المنطقة خلال تنفيذها لبند انتفاء صفة اللجوء، لا سيما من خلال المساعدة في ضمان حصول الإيفواريين على الوثائق التي يحتاجون إليها إما العودة إلى الوطن أو البقاء في البلد المضيف.
لا يزال هناك حالياً 91,000 لاجئ وطالب لجوء من كوت ديفوار. ويعيش حوالي 51,000 شخص في غرب إفريقيا - الغالبية منهم في ليبيريا - و 22,000 في أوروبا.
وقد أظهر مسح أُجري في المنطقة أن 60 بالمائة من اللاجئين يخططون للعودة إلى الوطن، و 30 بالمائة لم يقرروا بعد وأن 10 بالمائة يريدون البقاء في البلد المضيف والتقدم بطلب للحصول على الإقامة الدائمة أو التجنس.
يمكن لأولئك الذين ما زالوا يعتبرون أنفسهم في خطر إذا عادوا أن يطلبوا إعفاءهم من ذلك البند.
وقد لاقى بريس وعائلته صيحات من الفرح عند وصولهم إلى كلوبلي، وهي قريتهم الأصلية. حتى الأخبار التي تفيد بأن ثلث مزارع الكاكاو الخاصة بهم تحتلها الآن عائلة أخرى لم تفسد عليهم سعادتهم.
وقال بريس: "يمكننا استدعاء السلطات.. رئيس القرية والمحافظ. يمكننا تقديم شكوى. حتى لو لم يكن منزلنا في حالة جيدة، فبفضل مبلغ المساعدة الذي حصلت عليه، فسوف أتمكن من إصلاحه".