أم سورية تتغلب على أحزانها لتبدأ حياة جديدة في المملكة المتحدة
أم سورية تتغلب على أحزانها لتبدأ حياة جديدة في المملكة المتحدة
كانت أسماء تبلغ من العمر 21 عاماً فقط عندما اضطرت للفرار من سوريا إلى الأردن في عام 2012 وهي حامل في طفلها الثاني في ذلك الوقت، لتواجه شدائد كالحرب المروعة، واختفاء شقيقها ومقتل زوجها نور، لتجد نفسها في وضع يائس وهي في مقتبل العمر.
وقد كانت تعيش برفقة عائلتها كلاجئين في العاصمة الأردنية عمّان وبحالة من الحزن والتهجير عندما حلت بهم مأساة جديدة. فقد أكدت تقارير إخبارية تلفزيونية حول الأحداث في سوريا وفاة شقيقها محمد، البالغ من العمر 16 عاماً، بعد فترة على اختفائه. لكن المعاناة لم تنته عند هذا الحد.
تستذكر أسماء ما حدث يومها قائلة: "أغلق [والدي] التلفزيون، وأمسك بأمي وقال لها: لا تحزني. لسنا الأشخاص الوحيدين الذين فقدوا أحداً ما". وأضافت: "ليصاب بعدها بنوبة قلبية. اتصلنا على الرقم 911 وجاءوا، لكنهم قالوا لنا بأنه قد توفي".
"أردت أن أكون امرأة مستقلة"
بصفتها أرملة شابة تعيش مع طفلين صغيرين وتعيلهما، طلبت أسماء المساعدة من الجمعيات الخيرية المحلية وبدأت تبحث عن عمل لكسب لقمة العيش. ولكن بالإضافة إلى المساعدة، غالباً ما كانت تحصل على نصائح لم تكن ترغب في سماعها.
تقول: "في كثير من الأحيان، كان الناس يسألونني: لماذا تذهبين إلى الجمعيات الخيرية، لماذا تريدين العمل؟ عليك أن تتزوجي وتدعي زوجك يعتني بك". وأوضحت قائلة: "لم أكن أريد ذلك. أردت الحصول على وظيفة لأنني أردت أن أكون امرأة مستقلة".
ومن منطلق قناعتها بأن التعليم يوفر أفضل الطرق للاستقلالية، تقدمت أسماء بطلب للمشاركة في امتحانات المرحلة الثانوية، والتي لم تنجح بها من قبل، وتعلمت اللغة الإنجليزية من خلال دورات في المجلس الثقافي البريطاني في عمّان. وهناك، سمعت عن برنامج للمنح الدراسية في الاتحاد الأوروبي للدراسة والحصول على دبلوم من خلال الجامعة المفتوحة للمملكة المتحدة، وكانت واحدة من ستة أشخاص تم اختيارهم من بين 150 من المتقدمين، وأرادت دراسة القانون.
تبلغ أسماء الآن من العمر 29 عاماً، وبعد ثلاث سنوات من الدراسة المكثفة، تستعد للمشاركة في امتحاناتها النهائية في الأشهر المقبلة. لكن التغير الكبير الذي سيطرأ على حياتها سوف يعني بأن مراجعة دروسها قد تأثر في الأسابيع الأخيرة.
وبناءً على مستوى الضعف الذي تعاني منه عائلتها، قامت المفوضية بتقييم حالة أسماء وعائلتها وخلصت إلى أنهم مؤهلون لإعادة التوطين في بلد ثالث. في أواخر العام الماضي، تم قبول أسماء وابنيها، إضافة إلى والدتها وشقيقها الأصغر، لإعادة توطينهم في المملكة المتحدة، وسوف ينتقلون قريباً إلى شمال شرق إنجلترا.
وقالت أسماء بأن هذه الخطوة ستمنحها هي وأولادها فرصة لحياة جديدة عملت بجد من أجلها منذ مغادرتها سوريا.
وأوضحت قائلة: "لقد صدمت، لكنني كنت سعيدة جداً، خاصة لأن السفر كان للمملكة المتحدة، بعد أن درست قانون المملكة المتحدة. أعتقد أن كل شيء سيكون مختلفاً. سأحصل على وظيفة، وسيكون لدي أصدقاء جيدون هناك. أما بالنسبة لأبنائي، فسيكون مستقبلهم أفضل هناك".
وأضافت: "إن فرص العمل والتعليم محدودة في الأردن، لكن لا يمكنك طلب هذه الأشياء لأنهم رحبوا بك وقدموا لك قدر استطاعتهم. حتى بالنسبة للعائلات الأردنية، فإنها تواجه نفس المشكلات الآن".
كانت أسماء وعائلتها من بين 81,666 لاجئاً ممن تم تقديم طلباتهم على مستوى العالم في عام 2019 من قبل المفوضية لإعادة توطينهم في 29 دولة، حيث تم قبول أكثر من 90% من قبل الدول المستقبلة للحالات المقدمة.
في المجمل، تمت إعادة توطين أكثر من 63,000 لاجئ في العام الماضي وفقاً للأرقام الصادرة يوم الأربعاء، وهو ما يتجاوز الهدف المحدد في استراتيجية الثلاث سنوات لإعادة التوطين والمسارات التكميلية (2019-2021) كجزء من الميثاق العالمي بشأن اللاجئين.
على الرغم من هذه الأرقام المشجعة، تشير المفوضية إلى أن ما مجموعه 1.4 مليون لاجئ ممن يقيمون في 65 دولة مضيفة حول العالم بحاجة إلى إعادة التوطين، مما يعني أن الحالات المقدمة في عام 2019 لا تمثل سوى 6% من إجمالي الاحتياجات. إضافة إلى ذلك، تشير التقديرات الحالية إلى أنه سيتم توفير أقل من 60,000 فرصة لإعادة التوطين في عام 2020، وهو أدنى من الهدف المتمثل بتوفير 70,000 فرصة والذي حددته استراتيجية السنوات الثلاث.
"أعلم أنني إذا عملت بجد، فسوف أجد الفرص"
تقول أسماء بأنها تدرك أن عائلتها هي من بين قلة من الأشخاص المحظوظين الذين يحصلون على فرصة لبداية جديدة في بلد جديد، لكنها مصممة على رد الجميل من خلال العمل الجاد في وطنها بالتبني. لكنها تشعر بالقلق حيال كيفية نقل مجموعة الكتب القانونية التي يبلغ ارتفاعها طول أسماء تقريباً والتي ينبغي عليها مراجعتها لامتحاناتها النهائية.
وتختم أسماء قائلة: "بعد أن أنهي دراستي، أريد أن أبحث عن وظيفة، وأن أكون مستقلًة وأكسب المال لنفسي. أعلم أنه إذا عملت بجد، فسوف أجد الفرص لي ولأولادي. لا أريد لحكومة المملكة المتحدة أن تنفق الأموال علي، إذ يكفي أنهم قبلوني وعائلتي في بلدهم".