منحة تركية تحقق حلم طالبة سورية في دراسة طب الأسنان
منذ أن وصلت إلى تركيا قبل ست سنوات، أتقنت اللاجئة السورية سيدرا لغة جديدة، وعملت في مصنع لإعالة أسرتها، وتخرجت كأفضل طالبة في المدرسة الثانوية.
نقطة التحول جاءت بعدما فازت بمنحة جامعية، وهي الآن في سنتها الثانية من دراسة طب الأسنان لتحقق حلماً لطالما راودها مدى الحياة.
تقول سيدرا البالغة من العمر 21 عاماً، والتي اضطرت للفرار من حلب التي دمرتها الحرب مع أسرتها في عام 2013: "لدي شغف كبير للتعليم، حيث كان حلمي الالتحاق بالجامعة وقد درست بجد لتحقيق هذا الحلم".
يعكس إنجازها تصميماً شخصياً على مواصلة تعليمها، حتى عندما كان الأمر يبدو وكأنها قد لا تحصل على تلك الفرصة. خسرت العام الدراسي الأخير من المرحلة الثانوية في حلب عندما أجبر القتال المدارس المحلية على إغلاق أبوابها، وعندما وصلت إلى تركيا للمرة الأولى، كانت تفتقر للأوراق اللازمة للتسجيل.
"كان اليوم الذي عدت فيه إلى المدرسة جميلاً للغاية"
بعد أن عجزت عن الدراسة، حصلت على وظيفة في مجال تغليف البضائع بدوام كامل في مصنع للمستلزمات الطبية، وفي نفس الوقت كانت تدرس اللغة التركية خلال أوقات فراغها من خلال قراءة الكتب ومشاهدة دروس لغوية على اليوتيوب. وبعد مرور عام، عندما حصلت على وثائق اللجوء اللازمة لاستئناف تعليمها، تعهدت بالاستفادة القصوى من تلك الفرصة.
وقالت: "كان اليوم الذي عدت فيه إلى المدرسة جميلاً للغاية. أسوأ شيء في الحرب هو أنها تدمر مستقبل الأطفال. إذا لم يواصل الأطفال تعليمهم، فلن يتمكنوا من رد الجميل للمجتمع".
بعد التخرج من المدرسة الثانوية كالأولى في فصلها بعلامة إجمالية بلغت 98%، تابعت سيدرا تفوقها لتحصل على درجة 99% في امتحانات الالتحاق بالجامعة. ساعدتها النتائج في الحصول على منحة حيوية من "رئاسة الأتراك في الخارج والمجتمعات ذات الصلة".
في حين تم إعفاء الطلاب السوريين من الرسوم الدراسية في الجامعات الحكومية التركية، فإن المنحة تزود سيدرا بدعم نقدي شهري، مما يتيح لها التركيز على دراستها. وتقول بأنه لولا هذا الدعم لما تمكنت من دراسة فرعها المفضل وهو طب الأسنان، وذلك نظراً للتكلفة الإضافية المترتبة على شراء معدات مثل الأسنان التجميلية لممارسة مهاراتها.
وأوضحت قائلة: "لولا المنحة، لكان علي اختيار تخصص مختلف، مختلف عن طب الأسنان، والعمل لتغطية نفقاتي الجامعية".
سيدرا هي واحدة من حوالي 33,000 طالب من اللاجئين السوريين الذين يرتادون الجامعات في تركيا. وتستضيف البلاد 3.68 مليون لاجئ سوري مسجل، مما يجعلها أكبر دولة مضيفة للاجئين في العالم.
منذ بداية الأزمة السورية، وفرت "رئاسة الأتراك في الخارج والمجتمعات ذات الصلة" 5,341 منحة دراسية لطلاب الجامعات السورية، في حين حصل 2,284 طالباً آخرون على منح دراسية من الشركاء في المجال الإنساني. ويشمل ذلك أكثر من 820 منحة دراسية قدمتها المفوضية في إطار برنامج DAFI.
يعتبر الحصول على التعليم أمراً حاسماً من حيث اعتماد اللاجئين على أنفسهم. كما أنه أمر أساسي من أجل تطوير المجتمعات التي رحبت بهم ومن أجل ازدهار بلدانهم بمجرد توفر الظروف المناسبة لهم بالعودة إلى ديارهم.
- اقرأ أيضاً: مدرسة جديدة تجنّب التلاميذ الأفغان برد الشتاء
وتقبع معدلات الالتحاق بالتعليم بين اللاجئين حالياً وراء المعدل العالمي، وتزداد الفجوة مع تقدم العمر. فعلى مستوى المدارس الثانوية، هناك 24% فقط من الأطفال اللاجئين من المسجلين في المدارس حالياً مقارنة بـ 84% من الأطفال على مستوى العالم، مع انخفاض الرقم إلى 3% فقط في مجال التعليم العالي مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ 37%.
في تركيا، ارتفع هذا المعدل إلى ما يقرب من 6% بفضل الأهمية التي يتم إيلاؤها للتعليم، بما في ذلك التعليم العالي للاجئين.
وسوف يكون موضوع الجهود المبذولة لتعزيز وصول وتمويل اللاجئين في الحصول على التعليم الجيد أحد الموضوعات التي سيتم مناقشتها في المنتدى العالمي للاجئين، وهو محفل رفيع المستوى سيعقد في جنيف في الفترة 17-18 ديسمبر.
وتركيا هي من المنظمين المشاركين في هذا الحدث، والذي سيجمع الحكومات والمنظمات الدولية والسلطات المحلية والمجتمع المدني والقطاع الخاص وأعضاء المجتمع المضيف واللاجئين أنفسهم بهدف التخفيف من عبء استضافة اللاجئين من قبل المجتمعات المضيفة، وتعزيز اعتماد اللاجئين على أنفسهم وزيادة فرص إعادة التوطين.
"يمكن للأشخاص الناجحين دعم البلد الذي يعيشون فيه"
لدى سيدرا قناعة بأن التعليم يحمل مفتاح نجاحها في المستقبل، وهي مصممة على الارتقاء للقب الذي اكتسبته بين زملائها الطلاب، حيث تقول: "كانوا يطلقون عليّ لقب "Çok çalışan kız"، أي "الفتاة التي تدرس كثيراً". من خلال التعليم، يمكننا مكافحة الحروب والبطالة والأمية. ومن خلال التعليم، يمكننا تحقيق جميع أهدافنا في الحياة".
وختمت قائلة: "يمكن للأشخاص الناجحين دعم البلد الذي يعيشون فيه. لقد منحتني تركيا الكثير من التسهيلات، ويشرفني في يوم من الأيام أن أتمكن من رد الجميل لشعبها وأن أكون عضواً نشطاً في المجتمع، للعمل وممارسة طب الأسنان بفضل دعمهم، وأنا فخورة بذلك".