إغلاق sites icon close
Search form

البحث عن موقع البلد

نبذة عن البلد

موقع البلد على الإنترنت

ناشط كونغولي يكرس حياته للدفاع عن اللاجئين والنازحين

قصص

ناشط كونغولي يكرس حياته للدفاع عن اللاجئين والنازحين

الناشط في مجال حقوق الإنسان إيفاريستي مفاومي هو الفائز بجائزة نانسن للاجئ عن قارة إفريقيا
18 سبتمبر 2019
5d39c6184.jpg
الناشط الكونغولي في مجال حقوق الإنسان إيفاريست مفومي (في الوسط) مع المستفيدين من مشروعه الزراعي في مخيم لوسندا للاجئين في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

عندما زار إيفاريستي مفاومي إحدى المزارع المشتركة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية في يومٍ من أيام شهر يونيو، استوقفت زيارته المزارعات اللواتي هرعن لاستقباله بالأهازيج والرقص... فالحقل الأخضر المزروع بنبات الكسافا هو ثمرة عملهن، ونتيجة لم تكن لتتحقق دون جهوده.


"نحن ممتنون لإيفاريستي لأنه بذل جهداً كبيراً لتوفير هذه الأرض الزراعية لنا". هذا ما قالته المزارعة الكونغولية أونغوا سانغاني.

كان مفاومي ذو الـ46 عاماً لسنواتٍ عديدة في طليعة المدافعين عن حقوق الكونغوليين النازحين داخلياً نتيجة الصراع، وحقوق مضيفيهم أيضاً، من خلال المطالبة بمنحهم أراضٍ يزرعونها لتوفير الدخل وإعادة بناء حياتهم.

وتقديراً لجهوده وعمله هذا، تم اختيار مفاومي فائزاً عن قارة إفريقيا بجائزة نانسن للاجئ لعام 2019، وهي جائزة سنوية مرموقة تكرّم الأشخاص الذين بذلوا جهوداً كبيرة لمساعدة اللاجئين والنازحين قسراً.

سيُعلن اسم الفائز بالجائزة في 2 أكتوبر القادم، حيث سيتسلمها أثناء حفلٍ رسمي يقام في جنيف في 7 أكتوبر.

أسس مفاومي منظمة "تضامن المتطوعين لأجل الإنسانية" في المنطقة التي يتحدر منها جنوب كيفو عام 2003، وهي منطقة  شهدت سنواتٍ من الاضطرابات والعنف.

"شعرت في داخلي بنداء الواجب تجاه الكرامة الإنسانية وركزت طاقتي على العمل وإحداث الفرق"

قال مفاومي، وهو وزوجته وأطفاله كانوا قد اضطروا للنزوح مراتٍ عدة: "بدأت العمل في بيئة سياسية صعبة جداً، وشهدت بعيني مقتل الكثيرين، وحالات الاغتصاب ونهب الممتلكات وتدميرها... لكنني كإنسانٍ شعرت في داخلي بنداء الواجب تجاه الكرامة الإنسانية وركزت طاقتي على العمل وإحداث الفرق".

وبالفعل، بدأ مفاومي بالإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان في الكونغو الديمقراطية بدايةً، ومن ثم في تنزانيا وبوروندي المجاورتين وغيرهما من الدول.

وأثناء تواجده في مخيم نياروغوسو في تنزانيا عام 2005، التقى بلاجئين من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ووجدهم يتوقون للعودة إلى الوطن دون أن يكون لديهم مكانٌ يعودون إليه.

قال مفاومي: "عندما تعود إلى وطنك بعد النزوح، ولا تتمكن من إيجاد مكانٍ لبدء حياتك من جديد، تشعر بالارتباك".

المزارعون الكونغوليون واللاجئون البورنديون الذين يعملون في مزرعة الكسافا مثالٌ على ذلك، فحوالي 150 مزارعاً، من بينهم نازحون، قد وجدوا مساراً لإعادة بناء حياتهم من خلال هذه المزرعة، وهي من بين ثلاث مزارع مشتركة تغطي مساحة 3 هكتارات من الأرض، التي ساعدهم مفاومي في الحصول عليها بدعمٍ من السلطات والمجتمع المحلي.

هجّرت سنوات من الصراع 4.5 مليون كونغولي داخل حدود البلاد – وفق الأرقام الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية – وأكثر من 850,000 آخرين اضطروا للفرار خارجها، فضلاً عن نصف مليون لاجئ من بلدانٍ أخرى تستضيفهم الكونغو.

طالب مفاومي الحكومة المحلية بتخصيص قطع من الأرض الشاغرة في الأدغال للعائدين، ممهداً الطريق لما يعرف الآن بتسمية "قرى السلام" في براكا وفيزي وسيبيلي ومبوكو جنوب كيفو.

ومنذ عام 2006، عادت أكثر من 19,000 عائلة إلى هذه القرى لبدء حياتها من جديد.

يقول مفاومي: "كانت الغابات تغطي هذه المساحات ، ورؤيتها الآن تتطور وتمتلئ بالناس يمنحني الأمل والقوة لمتابعة القيام بهذا العمل".

استناداً إلى خبرته، يعتقد مفاومي أن إتاحة الأرض الزراعية للاجئين والمجتمع المحلي ليعملا جنباً إلى جنب تمهد الطريق للسلام والاستقرار، وهي مقاربة يشاطرها مع الميثاق العالمي للاجئين الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي. وتلعب النساء دوراً أساسياً في هذا العمل حسب رأي مفاومي: "هؤلاء النسوة متحمسات جداً، وعندما تواجه إحداهن العديد من الصعاب، يصبح تمسكها بالأمل عاملاً بالغ الأهمية".

تستفيد كلودين نيانزيرا من المشروع الزراعي، بعد أن كانت تعاني كثيراً في مخيم لوسندا شرق البلاد، والذي استقر بها الحال فيه بعد فرارها من بوروندي عام 2015.

تقول كلودين ذات الـ29 عاماً: "كانت الحياة صعبةً جداً نظراً لقلة الطعام والكساء، لكنني سعدتُ بالمشاركة في المشروع الزراعي لدى انطلاقه".

يستضيف المخيم حالياً نحو 30,000 لاجئ، أكثر من نصفهم دون الثامنة عشرة من العمر. وتتطلع نيانزيرا، وهي حاملٌ في الشهر السابع، لموسم الحصاد الذي سيساعد عائلتها ومجموعة المزارعين أيضاً.

أضافت: "سوف ننقل محصول الكسافا إلى المطحنة وما نكسبه من مالٍ سيساعدنا في تغطية نفقات المدرسة لأطفالنا".

ساعد مفاومي الآلاف مثل نيانزيرا وسانغاني من خلال نشاطه، لكنه واجه أيضاً العديد من التحديات: "عندما ندافع عن حقوق المرأة، غالباً ما نتصادم مع الزعماء المحليين التقليديين، الذين يشعرون بأننا نغير عقليتهن بطريقة ستجعل الرجال يواجهون صعوبة في إخضاعهن".

ألهم مفاومي من خلال عمله الآخرين أيضاً ليشاركوه دعم هذه القضايا، ومن بينهم جاك أسونغي، الذي التحق بالمنظمة غير الحكومية قبل خمسة أعوام، وأصبح الآن مديراً للمشاريع. يقول أسونغي: "يتحلى إيفاريستي بالشجاعة وقوة الإرادة في تنفيذ ما يعقد عزمه على فعله. تنبع قوته هذه من رغبته في مساعدة الآخرين، وهي رغبةٌ أعتقد أنها وُلدت داخله منذ ولادته".

يصمم مفاومي على مواصلة عمله ومساعدة الآخرين: "أشعر بأنني أمتلك هدفاً داخلياً، ولطالما أنا موجود في هذه الدنيا، سأتابع عملي، ولن أكتفي بما أفعل حتى أفارق الحياة".

تحمل جائزة نانسن للاجئ هذا الاسم إحياءً لذكرى وتيمناً بالمستكشف ورائد العمل الإنساني فريدجوف نانسن الذي كان أول مفوضٍ سامٍ للاجئين، إثر تعيينه بهذا المنصب من قبل عصبة الأمم عام 1921، وتهدف الجائزة لتسليط الضوء على القيم التي جسدها نانسن من مثابرةٍ والتزامٍ في وجه المصاعب.