من الصيدلة إلى صناعة الجبن.. قصة نجاح لاجئة سورية في بريطانيا
في أكتوبر 2014، حاولت رزان البحث عن جبنة الحلوم في ثلاجة متجر البقالة المحلي في غرب يوركشر، ولكنها لم تجد هذا المنتج الذي يذكرها بوطنها.
تقول رزان، وهي لاجئة من دمشق تبلغ من العمر 33 عاماً، للمفوضية: "جبنة الحلوم وجبة هامة في سوريا ونأكلها عادةً على الفطور مع الخبز والزيتون".
عندما عجزت عن الوصول إلى الجبنة التي تُستورد عادةً من قبرص، خطرت لها فكرة جيدة. تقول رزان: "عندها فكرت وقلت لنفسي أننا في يوركشر حيث الحليب ممتاز، فلماذا لا نصنع جبنة الحلوم هنا؟" واليوم، ترأس رزان "شركة يوركشر داما تشيز"، وهو مشروع ناجح لصناعة جبنة الحلوم في يوركشر والتي تُباع منتجاتها في جميع أنحاء البلاد.
وقالت رزان التي طلبت اللجوء مع زوجها وأطفالها الثلاثة في المملكة المتحدة في نهاية عام 2012: "عندما وصلنا إلى هنا، كان الأمر يعتلق بالنجاح وإثبات أنفسنا". في سوريا، خسرت الأسرة مشروعها العائلي نتيجة انفجار في دمشق: "خسرنا الكثير في سوريا، لذا لم يكن هناك وقت للتأسف على الماضي. ما إن وافقوا على طلب لجوئي، كان علي القيام بشيء ما".
يُعتبر إيجاد عمل مدفوع الأجر أساسياً للاجئين لأن ذلك يعزز كرامتهم ويمنحهم نوعاً من الاستقلالية كما يتيح لهم الاندماج بسرعة في مجتمعهم الجديد والبدء بالمساهمة فيه.
"نحن في يوركشر حيث الحليب ممتاز. فلماذا لا نصنع جبنة الحلوم هنا؟"
يواجه العديد من اللاجئين عقبات كبيرة في الحصول على عمل لهم، حيث يتعين عليهم إتقان اللغة، وهو أمر يستغرق وقتاً طويلاً في حال عدم الحصول على الدعم المتخصص والمستهدف. بعد ذلك، يحتاجون للحصول على اعتراف بمهاراتهم أو الوصول إلى فرص تدريب جديدة.
ويتعين على أصحاب العمل الحريصين على توظيف اللاجئين أن يتمكنوا من إيجادهم وفهم إمكانياتهم واحتياجاتهم في مجال التدريب وأن يتأكدوا من أن توظيفهم يتماشى مع الأنظمة. وفي هذه المجالات كافة، ثمة ثغرات يتعين سدها من خلال دعم الحكومة والمساعدة المستهدفة من قبل منظمات غير حكومية وشركات خاصة.
تم إطلاق مشروع رزان بفضل قرض مدعوم من الحكومة بقيمة 2,500 جنيه استرليني (3,500 دولار أميركي)، حصلت عليه من وكالة غرب يوركشر التجارية، وهي مبادرة تدعم إطلاق المشاريع في المنطقة، وبدأت برزان بإنتاج جبنة الحلوم في متجر صغير مستأجر في هاليفاكس الواقعة غرب يوركشر: "لم يسبق لي أن صنعت الجبنة، فقد كنت أعمل كصيدلانية في سوريا. استخدمت وصفة على شبكة الإنترنت واشتريت معدات مستعملة".
كان هناك تحديات كثيرة تعترض العمل في بيئة غريبة بالنسبة لرزان ولكن أفراد المجتمع المحلي أظهروا لها دعماً حقيقياً، وقالت: "عندما عرفوا أنني قادمة من بلد آخر لتأسيس مشروع شجعوني أكثر وكانوا سعداء لأنني أقدم شيئاً جديداً ومختلفاً".
تطور مشروع رزان وبدأت تنتج خمسة أنواع من جبنة الحلوم بنكهات جديدة كنكهة الفلفل الحار وإكليل الجبل والجبنة المدخنة. لم تستطع تسمية منتجها بجبنة "الحلوم" لأن هذه الأخيرة تعتبر منتجاً خاصاً بقبرص، وقالت: "فكرت بأن أمنحها اسماً بريطانياً، فسميتها "سكويكي" حيث أن معظم الأشخاص في المملكة المتحدة يعرفون جبنة الحلوم بالجبنة القوية الطعم'".
مع حلول عام 2016، أصبحت جبنة سكويكي المصنوعة في يوركشر داما توزّع في يوركشر واشتهرت بمذاقها.
وقالت هيلين برادلي، وهي مساعدة رزان: "قدمت لنا جبنة لذيذة وأظهرت لنا أنه يمكن تحقيق النجاح من لا شيء. إنها مصدر إلهام حقيقي".
انضمت برادلي إلى رزان في يناير 2017 بعدما نقلت أعمالها إلى منشأة أكبر تضم 7 موظفين، بعضهم من اللاجئين. افتتحت الأميرة آن، وهي ابنة الملكة إليزابيث، المصنع الجديد العام الماضي في سوربي بريدج الواقعة غرب يوركشر. وعلقت رزان بفخر صورة من ذلك اليوم في مكتبها.
"شعرت بالسعادة للاعتراف بالجهود التي بذلتها لتحقيق ذلك"
وقالت رزان: "شعرت بالسعادة للاعتراف بالجهود التي بذلتها لتحقيق ذلك". حصلت جبنة سكويكي على 17 جائزة في مجال الغذاء في أقل من ثلاثة أعوام، ومن بينها جائزة أفضل جبنة في يوركشر لعامين متتاليين.
كذلك، بدأت رزان بإنتاج اللبنة، وأصبحت منتجاتها تُباع في الأسواق والمتاجر في يوركشر واسكتلندا وكورنوال، وهي تخطط لتطوير التوزيع في المملكة المتحدة والبدء بالتصدير إلى بلدان أخرى.
تشدد رزان على أن الدعم الذي حصلت عليه في يوركشر ساعدها على النجاح، حيث منحتها المملكة المتحدة شريان حياة ووطناً جديداً وهي ممتنة لذلك.
وتختم رزان قائلة: "لقد أدرجت جزءاً من اسم مدينتي الأصل في اسم شركتي، أي "داما" من دمشق في اللغة الإنكليزية، ولكن عندما يسألني الناس الآن من أين أنت، أقول: 'أنا من يوركشر'".