صيد السمك يؤلف بين طالبي لجوء من سوريا والعراق في اليونان
إنه ليس اليوم المناسب لصيد السمك. وتُعتبر هذه مشكلة لاسماعيل ووليد اللذين كانا يعتمدان على صيد القليل من السمك لتناول العشاء. هذان الرجلان هما من بلدين ودينين وثقافتين مختلفتين، ولكن حبهما المشترك لصيد السمك أنشأ بينهما علاقة صداقة ومنحهما شعوراً بالسلام خارج الوطن.
السماء ملبدة بالغيوم والبحر هائج، ولكن طالبَي اللجوء استمرا بالمحاولة نظراً لوقت الفراغ الذي بحوزتهما في بلدة هيراكليون الواقعة في جزيرة كريت. يقول اسماعيل البالغ من العمر 50 عاماً والقادم من دمشق حيث كان يعمل كمصور سينمائي وفنان: "نطهو السمك ونأكله أو نعطيه للأصدقاء. السمك باهظ الثمن هنا". أما وليد، البالغ من العمر 37 عاماً، فيقول وهو يرمي الصنارة في ظل القلعة الفينيسية في مدخل ميناء هيراكليون القديم بأنه عندما كان في العراق، كان يصطاد السمك في بعض الأحيان من الأنهار، وهو أمر يتطلب تقنيات مختلفة عن الصيد في البحر: "هنا، بدأت صيد السمك لأحصل على الطعام وممارسة هوايتي ومن أجل بناء الصداقات".
"نطهو السمك ونأكله أو نعطيه للأصدقاء"
يستفيد الرجلان من برنامج المفوضية للسكن والمساعدات النقدية الذي ساعد آلاف اللاجئين وطالبي اللجوء من الفئات الأِشد ضعفاً في اليونان في العامين الماضيين. ويقول اسماعيل: "الأشخاص ودودون جداً والمكان جميل هنا".
بعد الفرار من سوريا العام الماضي، حاول اسماعيل وعائلته العبور من تركيا إلى اليونان 13 مرة حيث كانوا يفشلون أحياناً بسبب سوء الطقس وأحياناً أخرى بسبب وجود الشرطة. ويشرح هذا الرجل وهو أب لثلاثة أطفال قائلاً: "شعرت بأن حياتنا مهددة ]في سوريا [لذا قلت لنفسي بأنه من الأفضل أن نغادر. فبعد سبعة أعوام من الحرب، أصبح الوضع خطيراً بشكل تدريجي على الجميع".
واجه وليد، وهو أستاذ فيزياء، خطراً أكبر هدد سلامته في بغداد، ويقول: "أنا مسيحي وقد تعرضت للتهديد من قبل الميليشيات"، مضيفاً بأنه تعرض لهجوم وأُصيب على يد رجال يحملون مسدسات وسكاكين، ليفر إلى إربيل ومن ثم إلى تركيا واليونان قبل نقله من قبل المفوضية من ليسفوس إلى هيراكليون.
لكل من الرجلين مستقبل مختلف، إذ يأمل اسماعيل لم شمله مع عائلته في ألمانيا قريباً، في حين ينتظر وليد منذ أشهر نتيجة القرار بشأن طلب اللجوء الذي قدمه في اليونان، ويقول: "أجريت مقابلة ]اللجوء[ منذ ثمانية أشهر ولم أتلقّ أي رد. المهم بالنسبة لي هو أن أنهي دراستي وأحصل على شهادة ماجستير في الفيزياء".
بعيداً عن الإحباط نتيجة الانتظار، يشعر الرجلان بالراحة والأمان في شقتيهما ولكنهما لا يزالان يريدان القيام بأمر ما لملء وقت فراغهما. ويقول اسماعيل: "لا أحب أن أحصل على المال من الآخرين. أريد أن أكون مستقلاً".
وقد رأى يوماً ما صيادين يذهبون في قوارب صغيرة ويعودون مع كمية كبيرة من السمك، وقرر أن يقوم بالمثل، فاشترى معدات مستعملة وجرب حظه في الميناء مراقباً الآخرين في طريقة عملهم.
وفي أحد الأيام تعرف على أحدهم وكان وليد الذي التقى به في موقع السكن الذي عاش فيه قبل نقلهما إلى كريت، وسرعان ما أصبحا مقربين. يقول اسماعيل: "نحن صديقان حميمان".
"أريد أن أكون مستقلاً"
يقول وليد بأنه بدأ يمارس صيد السمك للأسباب نفسها التي دفعت بصديقه للقيام بذلك، حيث يريد أن يكسب منها لقمة عيشه، ولكنه لا يملك قارباً كما يقول.
يركز اسماعيل بشكل أكبر على انتقاله إلى كيل في ألمانيا ولكنه يقدّر تضامن وليد وأصدقائه الصيادين الآخرين، ويقول: "صيد السمك مهم جداً لأنه يشكل وجبة إضافية لعشائنا كما أنه يتيح لنا ادخار المال" مشيراً إلى المنحة النقدية التي تحصل عليها عائلته من المفوضية كل شهر في إطار برنامج دعم الاندماج والسكن في حالات الطوارئ والممول من الاتحاد الأوروبي.
ويضيف اسماعيل قائلاً: "لم نكن نسمع سوى الصراع والقنابل ]في سوريا [. عندما نأتي إلى البحر نشعر بالهدوء". في كيل، يأمل أن يستفيد من أعوام خبرته كفنان ومصور لإعالة أسرته. ويتابع قائلاً: "أرسم كل يوم. أرسم صوراً كاريكاتورية سياسية ومناظر طبيعية. في ألمانيا، أريد أن أستمر بالرسم وأصبح أستاذ فنون". وربما سيستمر بالصيد أيضاً، فمدينة كيل قريبة من بحر البلطيق.