في أوكرانيا، زوجان مسنان يصارعان للبقاء على قيد الحياة
في أوكرانيا، زوجان مسنان يصارعان للبقاء على قيد الحياة
يحصّن هانا وأوليكسي باب شقتهما ويلجآن إلى الردهة عند بدء القصف. إنهما في العقد الثامن من العمر وهما ضعيفان للغاية للهرب إلى الملجأ.
تعاني هانا من ألم في قدميها وتمشي على العصا، أما أوليكسي الذي بالكاد يستطيع المشي، فيعاني من صعوبات في السمع والنظر. يصران على البقاء معاً ويرفضان رجاء ابنتهما بالمغادرة.
قالت هانا: "أخبرتها بأن شخصاً واحداً من بيننا سيذهب معها وهذا بعد أن يموت الشخص الثاني فقط".
تقع بلدة ششاستيا، التي تعني "السعادة" باللغة الأوكرانية، على الخطوط الأمامية للصراع في أوكرانيا الذي أدى منذ بدايته إلى وفاة حوالي 10,000 شخص على مدى 33 شهراً.
يسمع سكان البلدة كل ليلة تقريباً صوت القصف. وقد اخترق الرصاص جدران العديد من المنازل وحُطّمت النوافذ.
"جميع المقيمين هانا مسنون إذ أن أكثر من نصف عدد السكان يتخطى عمرهم الـ60".
دارت معارك عديدة داخل وحول البلدة التي تقع في ضواحي العاصمة الإقليمية لوهانسك ما أدى إلى مغادرة معظم العائلات الشابة.
وقالت نتاليا بويكو، مسؤولة مساعدة عن المشاريع في المنظمة غير الحكومية HelpAge international التي تساعد المدنيين المسنين في أنحاء العالم، بأن جميع المقيمين في البلدة مسنون، إذ أن أكثر من نصف عدد السكان يتخطى عمرهم الـ60.
في ديسمبر، سلّمت HelpAge المساعدات النقدية المقدمة من المفوضية بقيمة 144 دولاراً للشخص الواحد إلى المسنين الأكثر ضعفاً الذين يقيمون بالقرب من الخطوط الأمامية للقتال في أوكرانيا.
وكانت هانا واحدة من المتلقين. وقالت بأنها فور استلامها المبلغ، أنفقت حوالي 28 دولاراً منه لشراء الأدوية لزوجها. وقالت: "نحن ننفق واحداً من راتبَي التقاعد بشكل كامل على الأدوية". ويساوي راتب التقاعد الواحد حوالي 56 دولاراً.
تعتمد عائلة هوزوفسكي على جيرانها والعاملين في المجال الإنساني الذين يشترون الطعام لها. ولم تعد هانا، البالغة من العمر 80 عاماً، تخرج من المنزل بعد أن كادت تفقد وعيها في الخارج عندما ذهبت إلى الصيدلية في ديسمبر.
وبالنسبة إلى أوليكسي، البالغ من العمر 86 عاماً، إنه يواجه صعوبة في الانتقال من غرفة إلى أخرى. يمضي يومه مستلقياً على السرير ويداعب القطتين صونيا وماشا أو يشرب القهوة ويدخّن في المطبخ الصغير.
غالباً ما تشاهد هانا التلفزيون لمعرفة أخبار الصراع ما يعيد إليها ذكريات الحرب العالمية الثانية التي شهدتها عندما كانت طفلة. تتذكر هانا أن والدها حملها مرة أخيرة قبل تجنيده. وقد فُقد أثناء القيام بعمله في عام 1942.
وقال أوليكسي الذي شهد الحرب العالمية الثانية في منطقته الأم فولين في غرب أوكرانيا: "لا سمح الله أن يعيش المرء حربين خلال حياته". بعد الحرب، درس الجيولوجيا في بلدة دروهوبيش حيث التقى بهانا، التي كانت تدرس الخياطة وقد تزوجا في مهجع للطلاب.
انتقلت العائلة إلى منطقة لوهانسك في شرق أوكرانيا عام 1965 واستقرت في ششاستيا. علّمت هانا التصميم والتكنولوجيا في حين عمل أوليكسي كعضو في مجموعة التنقيب الجيولوجية التي تبحث عن رواسب النفط.
"لا نحمل الضغينة على بعضنا البعض لفترة طويلة، فمن سيهتم بنا إذا لم نهتم ببعضنا البعض؟"
أدى العمل في الطقس البارد والنوم في كرفانات غير مدفأة إلى إصابته بالمشاكل الصحية الأولى. وازدادت حالته سوءاً بعد بدء الصراع في أوكرانيا عام 2014. ولم يعد يخرج حتى إلى الشرفة وأصبح طريح الفراش. وقال: "لم يعد يمكنني أن أرى الملعقة التي أحملها بيدي".
يملك أوليكسي العديد من أجهزة السمع، إلا أن الطبيب الوحيد في المنطقة الذي يستطيع برمجتها بحسب احتياجاته يعيش في سفيرودونيتسك على بعد 70 كلم، لذلك، فهو غير قادر على استخدامها.
نادراً ما يتحدث أوليكسي إلى غير زوجته وهو غير قادر على الرؤية أو السمع، ويحاول التغلب على الاكتئاب من خلال كتابة القصائد. ويتلو بيت شعر كتبه كرثاء له: "سأخسر حياتي وتنتهي رحلتي في الحياة. كان من الصعب جداً الوصول إلى هانا لكنني وصلت".
وفي بعض الأحيان، تتحدث هانا مع القطط وتغني مع زوجها. وكل ليلة، تتصل بابنتها التي تعيش في كييف والتي نادراً ما تأتي إلى ششاستيا. وهي لا تزال حزينة على ابنها الذي توفي منذ فترة طويلة.
وفي أحد الأيام، استيقط ولم تكن هانا في الشقة. وبذعر، سأل الجيران إذا كانوا يعرفون مكانها. وأخبروه أنها ذهبت إلى المتجر. فانتظر عودتها عند المدخل.
عاشت هانا وأوليسكي معاً طوال 56 عاماً ويقولان بأن زواجهما كان سعيداً. قالت هانا: "عشنا أحزاناً كبيرة في حياتنا. لكننا نادراً ما تجادلنا طوال هذه الأعوام".
قال أوليكسي: "لا نحمل الضغينة على بعضنا البعض لفترة طويلة، فمن سيهتم بنا إذا لم نهتم ببعضنا البعض؟"