مشروع مشترك بين مسلمين ومسيحيين يوفر السكن للاجئين في السويد
مشروع مشترك بين مسلمين ومسيحيين يوفر السكن للاجئين في السويد
ستوكهولم، 11 أبريل/نيسان (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)-واجه السويديون أزمة اللاجئين بسخاء بالغ مقدمين المهارات والوقت والمال.
ولكن كان للأزمة نتيجة غير متوقعة في تقريب اثنين من أكبر تجمعات المسيحيين والمسلمين في السويد، سيدخلان في مشروع تجاري مشترك وفريد لتوفير السكن للاجئين ويأملان أن يشكل مثالاً للتعاون بين الأديان حول العالم.
وسينافس المشروع الشركات الخاصة التي تعرضت للانتقاد في الإعلام السويدي الذي زعم أنها حققت أرباحاً كبيرة من خلال توفير السكن للاجئين من أموال الدولة.
ويقول أولي كارلسون، كاهن كنيسة كاتارينا في وسط ستوكهولم والتي تنفذ المشروع إلى جانب مسجد ستوكهولم المجاور: "الاحتراف والمهارات اللغوية والثقافات الأخرى جعلت من المسجد شريكاً مهماً لنا. عددنا قليل ولكننا نتعاون بصورة فريدة مع منظمة تملك الكثير من المعلومات وشركات اللجوء الكبرى لا تملك ذلك."
إنها المرة الأولى التي ينفذ فيها مشروع تعاون كهذا بين مجتمعين دينيين، وفقاً لعبد الله صلاح، الأمين العام لجمعية الإغاثة الإسلامية الخيرية في السويد التي تعمل في المسجد لإقامة المشروع مع الكنيسة.
ويقول صلاح: "آمل أن ننقل هذه الفكرة إلى دول أخرى لنظهر أنه يتعين علينا العمل معاً والعيش معاً وأن لدينا مستقبل معاً. علينا أن نجد طرقاً للتعاون وقد وجدناها."
والمشروع هو نتيجة أربعة أعوام من التعاون غير المسبوق بين الكنيسة التي يقصدها حوالي 1,000 شخص أيام الأحد والمسجد الذي يقصده آلاف المسلمين كل أسبوع لصلاة الجمعة. ومنذ سبتمبر/أيلول، بدآ العمل المشترك لتوفير الأسرة لثلث اللاجئين العابرين الذين مروا في ستوكهولم في طريقهم إلى بلدان أخرى.
بدأ ذلك بعد أن كان كارلسون في عطلة في اليونان حيث رأى قوارب مكتظة بالناس. ومع وصول الآلاف إلى محطة وسط ستوكهولم كل أسبوع، بدا طبيعياً الاتصال بالمسجد الذي يبعد بضعة أمتار فقط عن كنيسة كاتارينا.
أنشأت الكنيسة مجموعة دعم بلغ عدد متابعي صفحتها على فيسبوك أكثر من 2,600 شخص. يأتي اللاجئون إلى المسجد لتناول الطعام والاستحمام ويذهبون إلى الكنيسة للنوم.
فر محمد، البالغ من العمر 27 عاماً، من العنف الطائفي في بغداد وهو واحد من المسلمين الذين اختاروا النوم في الكنيسة، وقد كانت هذه المرة الأولى التي يدخل فيها إلى كنيسة.
ويتذكر محمد قائلاً: "لاقاني المتطوعون في المحطة في ستوكهولهم حاملين الطعام والمياه وسألوني أين أفضل الذهاب، إلى المسجد أو الكنيسة؟ فقلت إلى الكنيسة. كان ذلك شعوراً جميلاً؛ ففي بلادي لم يكن يُسمح للمسلمين بدخول الكنائس وأتى بعض اللاجئين إلى الكنيسة فقط لأنهم أرادوا أن يروا كيف تبدو. رأوا أن الناس احترموهم على الرغم من أنهم مسيحيون ونحن مسلمون."
ويقول محمد بأن الترحيب الذي لقيه مؤثر وبأن "الجميع عوملوا كملوك. شعرت بأنني إنسان للمرة الأولى في حياتي. لم أكن معتاداً على ذلك، إنهم أشخاص لطفاء حقاً."
ولكن القائدين الدينيين يقولان بأنهما لقيا معارضة في تجمعاتهما. ويقول كارلسون بأن "هنالك بعض المعارضة والمخاوف بشأن هذا المشروع المشترك. يعتقد بعض الأشخاص من المسيحيين بأننا راضخون ولكن المسيح يوصينا بالاتضاع؛ ما يعني ألا سبب لوصف ذلك بالرضوخ."
إلا أنه يضيف بأن الأصوات المعارضة هدأت بعد بدء تنفيذ المشروع.
ويقول صلاح بأنه واجه العوائق أيضاً ويضيف: "طُرحت بعض الأسئلة في مجتمعنا مثل: "كيف ستتمكنون من عدم مناقشة المسائل الدينية؟... يجد البعض مشكلة في نوم المسلمين في الكنيسة، ولكنني أظن بأننا نسيطر على الأمور كما أنني متأكد من أن كل شيء سيسير على ما يرام."
ويعتقد كارلسون بأن الكنيسة يمكنها أن تلعب دوراً أساسياً في مساعدة اللاجئين على الاندماج من خلال "توفير خط سريع إلى المجتمع السويدي." ويقول: "إن عملنا معاً مهم لمستقبل هذه البلاد."
أمضى المسلمون والمسيحيون في السويد 30 عاماً في مناقشة الفوارق بينهم، وفقاً لصلاح، ولم يجرؤ أحد على القيام بشيء شبيه بما يفعله المسجد والكنيسة اليوم، ويقول: "يجب أن نتوقف على التعلق بالأمور الصغيرة التي تفرقنا ونركز بدلاً من ذلك على الأمور المهمة المشتركة في قيمنا وفهمنا للخير والشر."
ومن خلال العمل معاً، يتعلم كل طرف المزيد عن الآخر وفقاً لكارلسون الذي يقول بأن "الأمر رائع. وعلى الرغم من أنني أعرف القليل عن الإسلام إلا أنني أشعر بأنني جاهل. ولكن كلما أمضينا وقتاً أطول معاً، يزداد فهمي وألاحظ كيف يؤثر ذلك على عائلتي وزملائي لأنه لا يزال هنالك الكثير من الأحكام المسبقة في السويد."
بالنسبة إلى محمد، تُعتبر الاختلافات الدينية بين الديانتين أقل أهمية بكثير من الدعم المهم الذين يمكنهما تقديمه للأشخاص من أمثاله. ويقول: "المسجد يتعاون مع الكنيسة لمساعدة الناس وهذا ما يجب أن يفعله الجميع."
ومع إطلاق مشروع مشترك، انتقل الكلام عن التعاون بين الكنيسة والمسجد إلى التنفيذ، وفقاً لكارلسون. ومن خلال وضع بنية رسمية للمشروع، اتفقنا على إجراءات لحل النزاعات ولن نعود إلى الماضي، حين كانت الديانتان تتكلمان فقط عما يفرقهما.
ويقول كارلسون: "لقد فتحنا باباً لن نغلقه".
بقلم دايفيد كراوتش في ستوكهولم.