برامج المنح الصغيرة للمفوضية توفر دخلاً للنازحين في سوريا
برامج المنح الصغيرة للمفوضية توفر دخلاً للنازحين في سوريا
دمشق، سوريا، 31 مارس/آذار (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - "تأمين مصدر للرزق بعد النزوح من حمص كان الشغل الشاغل لنا منذ لحظة وصولنا إلى دمشق". بهذه الكلمات يعبر محمد عن وضعه وهو الذي لم يكن يخيل له أن ينقلب حال أسرته لما هو عليه الآن. فمع احتدام الصراع في جورة الشّياح، باتت حياتهم مهددة بين الحين والآخر مما اضطرهم إلى النزوح إلى دمشق بعدما تركوا بيوتهم وممتلكاتهم وذكرياتهم وفقدوا كل أشكال الاستقرار في أحياء حمص.
اشتدت الاشتباكات في جورة الشياح منذ بداية الأحداث في محافظة حمص، وبين ليلة وضحاها اضطُر محمد، وهو في الثلاثينات من عمره وأب لثلاثة أطفال للنزوح مع زوجته وأبويه وعائلة أخيه ماهر.
أثر الصراع الذي طال أمده في سوريا ودخل مؤخراً في عامه السادس على عدد كبير من الأُسر التي فقدت مصدر رزقها وباتت ضحية للفقر والتشرد. تُوّفر مفوضية اللاجئين المساعدة والدعم للنازحين للتغلب على هذه المشكلة، عن طريق توفير منح صغيرة تُمكنهم من البدء بأعمال تجارية صغيرة تسمح لهم بالحصول على دخل مادي.
وقال سجاد مالك، ممثل المفوضية في دمشق بأنه "من خلال برامج المنح الصغيرة، تهدف المفوضية إلى تمكين الفئات الأشد ضعفاً والعاطلين عن العمل ليصبحوا قادرين على الاعتماد على الذات وتحسين مستوى معيشتهم عن طريق تطوير خبراتهم السابقة وتعزيز قدراتهم المدّرة للدخل لبدء مشاريعهم الخاصة".
بالنسبة لمحمد وأخيه ماهر فإن تأمين مصدر رزق يمكنهما من خلاله دفع تكاليف أجرة المنزل والكهرباء وثمن الطعام كان الهم الشاغل لهما. يقول محمد: "في البداية، عملت في محمصة بينما عمل أخي ماهر في بيع سجائر الدخان في شوارع دمشق." وأضاف: "عندما خرجنا من حمص خرجنا بالملابس التي نرتديها فقط ولم يكن أحد منا يملك أية نقود تكفي حتى ثمن الطعام لأفراد العائلة."
أحبًّ محمد مهنة الخياطة منذ نعومة أظفاره، فقد كان يرتاد المدرسة في الشتاء ويساعد والده في معمل صناعة الألبسة في الصيف، ومنذ لحظة وصوله إلى دمشق، كان يفكر في صناعة الجينزات ولكن هذا العمل يتطلب المال: "كنا بحاجة إلى ماكينات خياطة ولم نكن نملك المال الكافي لشرائها".
سمع محمد وماهر من جيرانهما بأن جمعية الندى التنموية تقدم قروضاً للنازحين ممن يملكون أفكاراً لمشاريع يمكن لها أن تعود بالفائدة عليهما وعلى أسرتيهما وتمكنهما من الحصول على مصدر للدخل، فأسرع كلاهما وقدما مقترحاً حول مشروعهما للجمعية وكيف يمكن لهذه المنحة أن تمكنهما من توفير دخل لأسرتيهما المكونة من اثني عشر فرداً مكوناً من الأب والأم وأخوهما الصغير وزوجتيهما وأطفالهما الخمسة.
حصل محمد وأخوه على قرضين في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2014، واشتريا بهذين المبلغين ماكينتا خياطة مخصصتين لحياكة الجينزات. يقول محمد: "بدأنا بحياكة البشاكير والقطنيات في هذه الغرفة التي حولناها إلى ورشة صغيرة للخياطة وبعد ذلك قمنا بحياكة وصناعة الجينزات".
واصل محمد وأخوه العمل ليلاً ونهاراً ضمن هذه الورشة التي هي عبارة عن منزل استأجراه في منطقة كفرسوسة وهما ينتجان حالياً 200 قطعة في الأسبوع ووجدت منتجاتهما صدىً لدى عدد معقول من الزبائن في مدينة دمشق وترغب جمعية الندى في الوقت الحالي في مساعدتهما في بيع منتجاتهما والترويج لها في السوق المحلية.
ويتابع محمد قائلاً: "عندما باشرنا العمل كنا بحاجة إلى عدد أكبر من العمال، كنت أخجل أن أطلب من والدي وزوجتي العمل معنا لكنهما كانا يعرضان علينا المساعدة فكانت النساء تقوم بالكي والتغليف بينما كان والدي يساعدنا في قص القماش."
مع تجاوز الصراع في سوريا عامه الخامس، أثرت نتائجه على عدد كبير من العائلات التي فقدت موارد رزقها وعملها وباتت ضحية للفقر والتشرد. تعمل المفوضية من خلال مشاريع المنح الصغيرة جنباً إلى جنب مع شركائها في الميدان مثل جمعية الندى التنموية لتمكين هذه الأسر الضعيفة والعاطلة عن العمل من الاعتماد على نفسها في الحصول على مصدر للدخل وتحسين مستوى معيشتها من خلال تطوير خبراتها السابقة وتعزيز القدرات المدرة للدخل ومساعدتها على البدء بمشاريعها الصغيرة والتي يمكن لها أن تصبح مستقلة بذاتها بما يمكن لذلك من أن يعزز الاعتماد على الذات وهي أداة أساسية من أدوات الحماية للأشخاص ذوي الاهتمام وتعزيز الثقة بالنفس والتكيُّف لديهم.
يذكر أنه في عام 2015، أُدرجت منح البدء بمشاريع صغيرة ضمن أنشطة جمعية الندى، وبطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس والهلال الأحمر السوري، والرعاية الاجتماعية، ونماء، وقدمت أكثر من 100 منحة عمل لتمكين النازحين الأكثر تضرراً من النساء والرجال في دمشق وريف دمشق وحمص وحلب والسويداء وطرطوس، وذلك عقب إدماج المستفيدين في مجموعة شاملة من التدريب على الأعمال التي تتناول أبحاث السوق، وإدارة المشاريع، ودراسة الجدوى الاقتصادية وصياغة خطط العمل.
بقلم فيفيان طعمة في دمشق