طبيبة صومالية لاجئة تلهم الواصلين حديثاً إلى النرويج
طبيبة صومالية لاجئة تلهم الواصلين حديثاً إلى النرويج
أوسلو، النرويج، 3 مارس/آذار (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)- في مساء مظلم ومثلج في وسط أوسلو، يعلو صوت تسجيل يدعو المسلمين إلى الصلاة في عيادة صغيرة لطب الأسنان تقع فوق مطعم يقدم البيتزا، في محاولة لجعل المرضى، وغالبيتهم من المسلمين، يشعرون ببعض من الراحة.
ولا يهدف التسجيل المشغّل على تطبيق على جهاز الكمبيوتر إلى دعوة المرضى إلى الصلاة، ولكن الصوت هو إحدى الطرق الكثيرة التي تجعل طبيبة الأسنان السويدية-الصومالية، أمل علي، من خلالها، الواصلين الجدد إلى النرويج يشعرون بأنهم في وطنهم. وللسماح للمرضى بالصلاة، تخصص أيضاً أوقاتاً لذلك في برنامج المواعيد.
فرت أمل إلى اسكاندينافيا في عام 1991 مع عائلتها وهي مسرورة بمساعدة المرضى اللاجئين أو المنتمين إلى عائلات لاجئة مثلها. ويكسب بعض الذين يذهبون لتلقي العلاج في عيادتها في النرويج دخلاً متدنياً ومنهم مَن لم يزوروا طبيب أسنان من قبل.
تقول أمل: "أشعر أحياناً بأنني أحدث فرقاً ولكنني أحس بالإرهاق أحياناً أخرى. ولكن المرضى يعيدون إلي القوة ويعلمونني عن إفريقيا والشرق الأوسط ويخبرونني كيف كانت حياتهم. ثم نتذكر أن لدينا شيء مميز مشترك، وهو أننا أتينا جميعاً من بلدان أخرى وكانت لدينا حياة أخرى قبل المجيء."
عندما وصلت عائلة أمل علي إلى السويد أملت أن تكون إقامتها قصيرة إلى حين انتهاء الحرب الأهلية في الصومال. ولكن القتال في شرق إفريقيا استمر وتسبب برحيل جماعي جديد إلى شمال أوروبا.
أصبحت أمل واحدة من بين عدد قليل من السويديين-الصوماليين الذين أصبحوا أطباء أسنان. وبعد أن أنهت خمسة أعوام من الدراسة في جامعة غوتنبرغ وحازت على إجازتها في طب الأسنان في عام 2012، عملت لمدة ثلاثة أعوام في مدينتها غوتنبرغ، قبل الانتقال إلى أوسلو في النرويج المجاورة.
وتقول: "عندما تنظر إلى هؤلاء اللاجئين وتراهم يصارعون لعيش الحياة التي أعيشها في السويد أو النرويج، تدرك كم أنت محظوظ."
لم تكن طريق أمل علي إلى التخصص في طب الأسنان سهلة، فعندما تخرجت كانت طبيبة الأسنان الأولى من إفريقيا والوحيدة التي ارتدت الحجاب. تقول: "في البداية كان الأمر صعباً ولكن عندما تكلمت وسمعوا لهجتي السويدية الخاصة بسكان بلدة غوتنبرغ، نسوا الأمر وبدأ المرح."
في أوائل عام 2015، وعندما أُتيحت لها فرصة العمل مع مرضى من أصول صومالية في أوسلو، رأت أمل علي فرصة نادرة لعلاج أشخاص ينتمون إليها.
وبعد مرور عام من الزمن، تتعلم أن تكون قدوةً للمهاجرين الآخرين. وتقول أمل علي بأن مرضاها في أوسلو يستغربون خضوعهم للعلاج على يد امرأة مسلمة. وترغب الشابات في التحدث إليها عن أحلامهن وتعليمهن وطموحاتهن ويحضر الرجال الصوماليون بناتهم ليرين أن هنالك امرأة صومالية أصبحت طبيبة أسنان.
ويظن البعض أنها السكرتيرة ثم يغيرون سلوكهم معها، "فيظهرون احتراماً شديداً لكوني امرأة تمكنت من الوصول إلى هذا المستوى. كثيراً ما يحدث ذلك، لأنهم لم يلتقوا طبيبة أسنان صومالية من قبل، ولكنهم حين يرونها يظهرون لها احترماً كبيراً."
وغالباً ما تلتقي أمل علي اللاجئين الآتين إلى اسكاندينافيا ليحققوا هدفاً يسعون إليه بلا كلل. مع ذلك، فإن أشخاصاً آخرين استسلموا وبدأوا يعتقدون بأنهم لن يُقبلوا في المجتمع مهما فعلوا.
وتقول: "ما من صلة وصل بين هاتين المجموعتين وأنا أرغب في أن أكون صلة الوصل هذه وأقول: 'نعم كان الأمر صعباً، فلم يكن من السهل علي دراسة طب الأسنان في الجامعة، بما أنني محجبة وبما أنني أصلي خمس مرات في اليوم وأريد أن أكون مسلمة ملتزمة وتلميذة ممتازة في الوقت نفسه. ولكن يمكن تحقيق ذلك؛ إنه صعب ولكنه ممكن.'"
وتقول أمل بأنها تشعر بأنها سويدية في الغالب. ولكن عملها في أسلو- أو "الصومال الصغيرة" كما تدعوها- يذكرها بالوطن، وهي تحاول تقديم بعض خدماتها مجاناً عندما يكون ذلك ممكناً.
وتقول: "لم يحصل جميع الصوماليين على فرصة المجيء إلى السويد والحصول على التعليم العالي مجاناً، مثلي. وبالنسبة لي، فإن اكتفائي بالعمل وتسديد الضرائب من دون تقديم أي شيء، يُعتبر قلة احترام للأشخاص الآتين من وطني. أريد أن أفعل شيئاً يظهر بأنني ما زلت صومالية- بينما أحمل الهوية السويدية أيضاً."
وبفضل عملها الجاد والفرص المتاحة في السويد، أثبتت علي بأن اللاجئين يمكنهم أن ينجحوا.
وتقول: "حاول تحقيق أحلامك لأنك أتيت إلى بلاد يمكنك فيها ذلك. تعالَ إلى هنا بذهن منفتح وحاول استعمال الفرص المتاحة لك. ستجد صعوبة في ذلك ولكن الصعوبات تواجهك أينما كان في العالم."
بقلم دافيد كراوتش في أوسلو، النرويج