تجدد القتال في جنوب السودان يدفع اللاجئين الكونغوليين إلى الفرار
تجدد القتال في جنوب السودان يدفع اللاجئين الكونغوليين إلى الفرار
إيزو، جنوب السودان، 28 يناير/كانون الثاني (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - فرّ اللاجئ الكونغولي بيير من أعمال العنف منذ أعوام عديدة آملاً في العثور على مكان آمن في هذه البلدة الحدودية في جنوب السودان. ولكنّ الوضع الأمني تدهور بسرعة ومن دون سابق إنذار.
اندلعت الاشتباكات بين ما يُعرف بجماعة Arrow Boys والجيش في جنوب السودان في أواخر العام الماضي. وتعرضت المدارس والمستشفيات للسرقة وأُحرقَت المنازل بحيث لم يتبقَّ منها أي شيء. وبالتالي، أصبح بيير* وآلاف اللاجئين الآخرين مضطرين للانتقال مجدداً.
وقال بيير متذكراً اليوم الذي اندلعت فيه أعمال العنف: "اعتقدت بأنّ نهاية العالم قد حانت. كنتُ أعمل في حقولي عندما اندلع القتال، فتركتُ كلّ شيء وأسرعتُ إلى المنزل لاصطحاب زوجتي وأطفالي ولكن شاباً مسلحاً اختطفني بينما كنت في طريقي إلى البيت".
واحتُجِز بيير كرهينة وأُجبر على نقل إمدادات الميليشيا، ولم يعلم أي شيء عن مصير زوجته أو ابنته البالغة شهرَيْن من العمر وابنه البالغ من العمر أربعة أعوام، طوال هذه الفترة. وأخيراً أُفرِج عنه سالماً بعد عدة أيام.
وواصل قائلاً: "عدتُ فوراً إلى المنزل للبحث عن عائلتي وأنا أخشى الأسوأ. وعندما وصلتُ إلى إيزو، وجدتُ كوخي مخرباً تماماً وكان ابني يجلس وحيداً الداخل غارقاً في الدموع. ولكنّ زوجتي وابنتي الصغيرة لم تكونا هناك".
جازف بيير في الانتظار في المنزل لأيام عديدة ليسهّل على زوجته العثور عليه في حال عودتها. وقال: "عادت بعد أسبوع. وكنتُ سعيداً جداً لرؤيتها تعود وهي تحمل طفلتنا".
ويُعدّ المزارع، البالغ من العمر 57 عاماً، وعائلته من بين آلاف اللاجئين الذين فروا من الحرب الدائرة في مناطقهم وعثروا على الأمان في هذه البلدة الحدودية الواقعة في جنوب السودان، والذين أصبحوا الآن مضطرين للانتقال مجدداً بعد أعمال القتال الجديدة التي اندلعت فيها وأجبرت جماعات الإغاثة أيضاً على المغادرة مؤقتاً.
وكانت قافلة إنسانية محمية من قوات حفظ السلام المسلّحة قد نقلت الأسبوع الماضي مجموعةً مؤلفةً من 30 لاجئاً من جمهورية الكونغو الديمقراطية، من إيزو إلى مخيم جديد في ماكباندو، وهي بلدة تقع في الشرق على بُعد 220 كيلومتراً.
وكان بيير وعائلته من بين اللاجئين الثلاثين الذين نُقلوا أولاً من إيزو إلى ماكباندو، في قافلة نظّمتها المفوضية ولجنة شؤون اللاجئين في جنوب السودان ومنظمة الرؤية العالمية. وقد وفرت قوات حفظ السلام التابعة لبعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان الحماية المسلحة للبعثة.
وتتوقّع المفوضية القيام بالمزيد من العمليات بحسب الضرورة للراغبين بالانتقال إلى ماكباندو من اللاجئين الكونغوليين الذين يعيشون داخل إيزو وفي محيطها، والبالغ عددهم 3,200 لاجئ. ويُعتقد أن يكون غالبية اللاجئين قد فرّوا مجدداً عبر الحدود إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية أو إلى جمهورية إفريقيا الوسطى المجاورة.
واستمرت أعمال العنف في محيط إيزو في يناير/كانون الثاني، ولا يزال الوضع متقلباً جداً بحيث تغادر المكان الوكالات الإنسانية بما في ذلك المفوضية. ويعتبر النزاع منفصلاً عن القتال الذي اندلع في ديسمبر/كانون الأول 2013، بين جيش جنوب السودان وقوات المعارضة بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار، والذي أجبر 2.3 مليون شخصٍ على الفرار من منازلهم.
وقال أحمد ورسام، ممثل المفوضية في جنوب السودان: "نحن نغادر إيزو شاعرين بالحزن. ولكن الوضع الأمني مهمّ بالنسبة إلى موظفينا ليتمكنوا من العمل وتقديم المساعدة. نحن ملتزمون بوعدنا بدعم المجتمع المضيف وباستئناف العمليات في إيزو إذا تحسّن الوضع الأمني بصورة جيدة في المستقبل".
وبالنسبة إلى بيير واللاجئين الذين سينتقلون إلى ماكباندو، تقدّم المفوضية وشركاؤها في البداية المساعدة الترحيبية التي تشمل الوجبات المطبوخة والصابون والأغطية البلاستيكية والبطانيات والدلاء.
ويخضع اللاجئون للفحص الطبي ويحصلون على لقاح ضد الحصبة، وسيحصلون عما قريب على مواد الإيواء والأرض لبناء منزل جديد.
وقال بيير: "آمل أن أستطيع العيش مع عائلتي بسلام في هذا المكان، فهذه المرة الثانية التي نُجبر فيها على مغادرة منزلنا ومزرعتنا وبدء حياتنا من جديد. فهل من المفترض أن تكون الحياة على هذا النحو؟"
وهنالك أكثر من 1.6 مليون نازحٍ داخلياً في جنوب السودان ويستضيف هذا البلد 263,000 لاجئٍ فروا من النزاع أو عدم الاستقرار في الدول المجاورة.
وبالإضافة إلى النزاع الأساسي بين أنصار الرئيس ومشار والقتال الدائر في محيط إيزو، اندلعت أعمال عنف جديدة في 21 يناير/ كانون الثاني بين القوات الحكومية وجماعة مسلحة محلية تدعى "الحركة الوطنية لتحرير جنوب السودان" في عاصمة ولاية غرب الاستوائية، يامبيو. وقد قُتِل 15 شخصاً على الأقلّ ونزح الآلاف.
بقلم روكو نوري في إيزو، ولاية غرب الاستوائية، جنوب السودان
* تمّ تغيير الإسم لأسباب تتعلق بالحماية